كل المهن لها اعمار تموت وتحيا على وفق التنمية المستدامة في البلد المعني، وكلما كان تطور البلد متقدماً ومحققاً لنسب نمو عالية تتجدد فيه بسرعة اكبر وارتباطاً بالثورة التكنولوجية العلمية.
من هنا لجأت الجامعات في مختلف البلدان والجهات الاقتصادية فيها والشركات والمؤسسات الى تعشيق جهودها والتعاون فيما بينها ووضع الخطط الاستراتيجية المشتركة والتصورات لمخرجات الجامعات وبنائها وفقاً لحاجات الاقتصادات الوطنية، من خلال الاهتمام بالتنمية البشرية واعادة تأهيل الملاكات على الصعد كافة اي لم يعد التعليم الاكاديمي مجرد قبول اعداد من الطلبة في الجامعات والتخلص من ضغوط المتخرجين على الدولة وانما التفكير بكل فرع والعدد الذي سيتخرج فيه والتزامات الحكومات والمؤسسات بشأنه ومدى الاستفادة منه والحاجة اليه وحساب التطور فيه بدقة كبيرة كي لا تخلق مشاكل يتعذر حلها لاسيما ان العراق من البلدان النامية التي تواجه ازمة بطالة بين الخريجين وهناك من تخرج في الجامعات العراقية التي توسعت بشكل كبير لا تحتاجها الدولة لسنوات طوال. الواقع ان خلق فرص عمل مشكلة تواجه البلدان الغنية والفقيرة ولكن الفارق ان الاولى تحسب حسابها وتعمل على انشاء المزيد من الفرص التي بدورها تولد دخلاً وفرصاً اخرى للعمل والبطالة فيها محسوبة ودائماً تتيح لمواطنيها ومن كل الاعمار التعلم والدراسة من دون ان يشكل ذلك ضغطاً اجتماعياً او اقتصادياً او غير ذلك عليهما.. خلافاً لذلك البلدان الفقيرة ليس فيها توازن يقلل من هدر الطاقات البشرية ويحد من الخلل بين مخرجات التعليم والحاجة الاقتصادية فيها تعاني من نقص فادح في اختصاصات كثيرة وتشدد في القبول فيها ولديها وفرة كبيرة مسببة البطالة في اختصاصات لم تعد اليها الحاجة لآجال طويلة.
ان بلادنا تشهد توسعاً في التعليم الاكاديمي تفرض الضرورة ان يكون موجها ومخططاً خصوصاً منه الذي يتعلق بالشباب الذين يدخلون سوق العمل لأول مرة ولابد ان يكون مرتبطاً بالاستراتيجية الاقتصادية وطبيعة النهج الاقتصادي الذي تسلكه الدولة وما عداه يكون من باب التطوير الذاتي والتأهيل غير الملزم ودافعه الرغبة في التعلم وهذا لا يفرض الزاماً على الدولة اتجاه المتعلم ولا يشترط فيه ما يشترط بالنوع الاول من التعليم الذي ننشده لأبنائنا. في المجتمع هناك مهن كثيرة يمكن ان تتطور الى مشاريع صغيرة او متوسطة اذا ما دعمت من الدولة واعطيت امتيازات للمتخرجين في حقولها وهي تشكل قاعدة للانتاج الوطني ورفع وتيرة الاسهام في الدخل القومي واخيراً نقول ليس من الصحيح ان يبقى الحال على ما هو عليه سائر بآليات دفعه الذاتية مجرد الخلاص من خريجي المدارس الثانوية بقبولهم في المعاهد والكليات من دون ان يكون هناك افق للاستفادة منهم وتوظيفهم في خدمة التنمية الوطنية وتقدم البلاد.