الديمقراطية واحدة من صيغ الحياة ، الى جانب اللبراليه والاشتراكيه والصيغ العديده الاخرى التي يطول تعدادها . وهي ليس اكثر تطورا من تلك الصيغ . وتصبح كذلك اذا توفرت لها آليات التطبيق الناجحة ، والأدمغة والعقول المؤمنة بها والتي تعمل على تطويرها ورقيها ، لتصبح النظام الأمثل والاكثر قبولا حتى من الشيوعية ذاتها . كون الشيوعية هي نظام عالمي يتساوى فيه الافراد كل حسب قدرته وكل حسب انتاجه ، بعد ان كان الهدف العام لها ( من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته ) وبما انهم اكتشفوا من خلال التطبيق ان الانسان ميال بطبعه الى الكسل والانانية ، ويميل الى الخلود والحصول على الكنز الذي لا يفنى ، فقد ضرب منظروا الشيوعية صفحا عن الشعار الاخير . واصبح لكل حسب انتاجه وعطائه . وهذا موضوع يطول اذا سلكنا فيه درب المقارنة بين الشيوعية والديمقراطية . ولكن الذي يهمنا من هذه المقدمة البسيطة هو ادعاء الديمقراطية في بلدنا , ونحن لم نزل نعيش حكاما وسياسيين تشريعيين وتنفيذيين بعقلية الانظمة الشمولية وحب الاستحواذ وعشق الكرسي وتطبيق المثل العربي الذي يقول ( حبذا الامارة ولو على الحجارة ) وهذا المثل يتصدر في حياة العربي جل اهتمامه . ولا ادري سايكيولوجيا ما تنطوي عيه نفسية الاوربي او الافريقي او الامريكي او الاسيوي من غير العرب . والديمقراطية كصيغة لحكم الشعب لها تفرعات وتطبيقات منها الانتخابات والتصويت ومنها تحويل السلطة من سلطة الحاكم الى سلطة الشعب والدولة هي دولة المواطن وليس دولة الحاكم ، الاحتجاج والتظاهر والنقد والمحاسبة والمراقبة لقطع دابر الظواهر المدانة في المجتمع ، والاجتماعي والمهني كثيرا جدا ، وقد تهيا لى الاطلاع على اغلب الاتجاهات السياسية والمذاهب الفكرية بدأ من الهرطقة والسفسطة والميتافيزيقيا والماورائية والبراكماتيةوالدكتاتوريه والثيو قراطيه وصولا الى اللبرالية ، فلم اجد في ايدلوجيات تلك المذاهب او دساتير تلك الدول التي تسير بمقتضى تلك المذاهب السياسية ان هناك ( ترخيص) حتى تنتخب او ( ترخيص ) حتى تكتب لتعبر عن رايك او ترخيص من جهة ما حتى ترسم لوحة تسجل فيها حدثا راهنا ، او ترخيص من جهات اخرى لكي تعبر عن رايك او تتظاهر او ترفع لافتة او تحتج على فساد اداري او مالي او ظواهر مدانة في المجتمع الذي انت تعيش فيه والذي يسمى ( المسلم ) والذي يتفاخر اهله بانهم علّموا العالم الديمقراطية بصيغة ( العدالة الاجتاعية ) . جرني الى ذلك تظاهرة حدثت في شارع الحبوبي من مدينة الناصرية احدى مدن العراق ، وما تعرض له المتظاهرون من قمع واهانة على ايادي الشرطة التي لم يزل يعيش اغلب عناصرها بالعقلية القمعية . مع العلم ان المتظاهرين لم يرفعوا لافتة ولم يرفعوا رقعا قد خطت عليها كلمات معادية لاحد ، وانما كانت تظاهرة ايجابية سلمية فيها هتافات ترجوا من المسؤول ان يتنبه الى ما يجري في العراق من فساد ونهب اموال الشعب والرواتب والجرايات والامتيازات التي يحصل عليها البرلمان والدرجات الاخرى . والمحافظة من عوز في الخدمات وسوء في التدبير الاداري ونقص في البضائع وغلاء في الاسعار وانقطاع مجحف في التيار الكهربائي وبطالة مستشرية وظاهرة التسول وعوز في الخدمات الطبية وارتفاع هائل في كشفات الاطباء والارتفاع الاكثر هيولية في اسعار الادوية التي تباع في صيدليات مدن المحافظة ، والاستغلال البشع الذي يحدث في اجور النقل الداخلي والخارجي ، وشحة في قناني الغاز حيث قنينة الغاز بلغ سعرها شيئ لا يطاق واختناقات اقتصادية واسعار كيفية حيث بلغ سعر البصل اكثر من الف دينار ! ، وتردي في التعليم وتردي في وعي الناس العام وتدني في السلوك العام وظاهرة بيع الحشيشة وحبوب الهلوسة والخمور المنتشرة بشكل ملفت للنظر . وكذلك ظاهرة التجاوز على المال العام سواء بسكن الحواسم او باشغال الارصفة واستمرار بعض رؤساء الدوائر في مناصبهم رغم فشلهم وتجاوز مددهم المقرره كونهم محسوببين على حزب قوي . وما الى ذلك من الظواهر المدانة التي تسود صفحات طويلة ، فتظاهر اؤلئك الفتية ، يطالبون الدولة بان تلتفت و تضع برنامجا كل حسب اختصاصه ، لمعالجة هذه الظواهر وغيرها سيما والجهاز الاداري متخم بالكفاءات ويعاني بطالة مقنعة ، حتى ان في غرفة المسؤول الواحد هنالك موظفين لا يجدون لهم كراسي ، فيضطرون التناوب مع زملائهم ليس لانجاز الاعمال بل لتمضية الوقت او اسقاط الفرض ، او انهم يتناوبون على الاجازة الزمنية او من يداوم اليوم ويعطل غدا ، كأنما هي مقاولة ! .. فكانت الحناجر الفتية ترتفع لتلفت نظر المسؤول الى هذه الظواهر وغيرها ولكن الذي حصل ان تلك المظاهرة تعرضت للتشتيت والمنع بحجة انها غير مرخص لها ان تتظاهر ويجب ان تحصل على اجازة او رخصة التظاهر !… كما يحصل احدنا على رخصة السياقة او اجازة التصدير والاستيراد . طيب – هناك من المتظاهرين حصلوا على الاجازه للتظاهر فلماذا ضربوا .؟ ان الهدف هو القمع نعم القمع … فعجبا لهذا الزمن الديمقراطي سامح الله الجميع وقاتل الله العقول التي زرعت في مجتمعنا هذا الكره لبعضنا وهذا التسلط المقيت . واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .