23 ديسمبر، 2024 9:40 ص

تذبذب السّياسيين؛ حنان الفتلاوي نموذجاً!

تذبذب السّياسيين؛ حنان الفتلاوي نموذجاً!

ألمتابع هذه الأيام لتصريحات السياسيين و مواقفهم و تبدلاتهم الشيطانية السريعة حتى في لقاء واحد يكتشف بوضوح خيانتهم و نفاقهم كمرآة تعكس ضعف المصداقية و فقدان  آلشّجاعة في وجودهم؛ حيث لا يزدري و لا يتراجع (أولاد الحرام) من أنْ يُغيّروا كلامهم و موقفهم خلال لحظات و ثوانٍ و كما تلتف الحيّة على أغصان الأشجار حين تحسّ آلخطر أو تبحث عن صيدٍ معيّن!؟

هذا بعد ما ينكشف كذبه و تزويره علنياً في مسألة أو موقف معين أو سؤآل مصيريّ محرج!

هذا التغير و التذبذب ألمفاجئ في المواقف لم نشهدها حتى على الذين لا يمكلون ديناً أو مذهباً أو قضيّة من آلسّياسيين و كما هو حال السّياسيين الغربيين العلمانيين, لكننا لاحظناهُ بوضوح على العراقيين من خلال التلاعب و الدّجل و الكذب و التزوير الذي تعلموه بسبب التربية الصدامية حيث لا يتواني السياسي عند حمي الوطيس اللجوء و التوسل بآلكذب و التلفيق و التهرب من أصل الأسئلة حتى و هم يعلمون بأنّهم أمام المراقبين و الجماهير من خلال اللقاآت التلفزيونية المباشرة!

و هذا ما لاحظته من خلال أكثر الذين إلتقتهم القنوات الفضائية و منها العراقية, خصوصا في برنامج (حوار إنتخابي), و آخرها كان مع المدعوة حنان الفتلاوي عن دولة القانون التي تهرّبت من آلجواب بصدق على أهم سؤآل وجهه لها الأعلامي كريم  حمادي .. مقدم البرنامج!؟

حيث سألها هل أنت كنت منتمية لتنظيمات البعث قبل السقوط؟

أجابت و هي تحاول خلط الأوراق بطرح مقدمات لا علاقة لها بآلسؤآل لتغيير وجهة السؤآل و أصله و تأريخه:  و بعد تداخلات و تشويشات طويلة حاولت التمويه و آلخروج من الموضوع بكونها تتعرض لتهم و  إفتراآت و ما إلى ذلك .. لكن حين كرّر عليها السؤآل .. بل و أكّده و ركزّ ثالثة على بآلقول:

[هل كنت يا دكتورة حنان الفتلاوي و عائلتك .. و بآلذات أخوك الضابط في آلجيش العراقي تنتمون لحزب البعث قبل السقوط أم لا, نريد جواباً مختصراً بنعم أو لا]؟

أجابت: بعد مقدمة أخرى بأنّها خلال العشر سنوات من سقوط صدام – أيّ منذ 2003م – و إلى اليوم لم تنتمي لحزب البعث و المجاميع الأرهابية, و الجميع في منطقتها و زملائها في البرلمان يشهدون على ذلك خصوصا في الأئتلاف و مكان العمل و المجلس  بأنني لم أنتمي لحزب البعث!؟

و أضافت بأنّ أخوها الضابط الذي وصل إلى رتبة فريق هو الآخر لم ينتمي للبعث بل كان محبّاً لأهل البيت(ع) .. و العراقي يعرف بأن آلجيش العراقي لا يضم في صفوفه ضابطاً ما لم يكن بعثياً و بدرجة نصير على الأقل طبق تعليمات النظام السابق !

و لك أن تتصور حالة المسخ والنفاق و التزوير و التلاعب التي ظهرت على هذه النائبة البعثية التي تنكرت و كذبت تأريخها, حيث كانت تنتمي للبعث بحسب الصّور والدلالات التي عرضتها القناة العراقية أثناء ذلك اللقاء ألذي جرى يوم أمس 15/4/2014 لوجودها جنباً إلى جنب مع زملائها آلبعثيين الذين ما زال بعضهم ينتمون و يعملون ضمن خلايا البعث الأرهابي!

و من المعلوم لدى كلّ العراقيين في التعليم العالي؛ بأنّ من شروط إستكمال الدراسات العليا هو الأنتماء لحزب البعث .. فكيف إستطاعت حنان الفتلاوي الشيعية و من دون أن تنتمي للبعث أن تكمل دراستها العليا!؟

الجدير بآلذكر أن حنان الفتلاوي جاءت بآلمرتبة الأولى في قائمة دولة القانون للمشاركة في الأنتخابات ثم صارت بآلمرتبة الثانية في تسلسل المرشحين  للدورة الأنتخابية الجديدة, حيث أبدت إنتقادها و عدم رضاها من الأخوة في قائمة دولة القانون بكونهم أنزلوا مرتبتها و جعلوها في تسلسل رقم (2) بدل آلواحد في القائمة!

و سؤآلنا هو: إذا كانت هذه النائبة البعثية هي القدوة و النموذج في تسلسل (دولة القانون) فما حال الذي يليها في التسلسل الذي سيصل إلى مائة عضو تقريباً بحسب التخمينات!؟

ثم ما حال القوائم الأخرى التي يعرف الجميع تأريخها و فسادها و هويتها تحالفت مع قائمة متحدون و أمثالهم من البعثيين و الأرهابيين!؟

و الجدير بآلذكر ان السيد عباس البياتي عن دولة القانون صرح قبل أيام أيضاً بأن رئيس قائمته قد إستبدل أكثر من 90% من مُرشّحيها بسبب فسادهم و عدم أهلّيتهم للبرلمان, و إذا كانت السيدة حنان الفتلاوي بحسب الظاهر هي أول و أبرز النائبات الموثقات القدمى في القائمة و هي بهذا المستوى الضحل من المصداقية و النزاهة بجانب تأريخها و تأريخ عائلتها السيئة الصيت كما بيّنا؛ فأننا لا ندري ما سيكون وضع دولة القانون نتيجة إختيار و إعتماد مثل هؤلاء, و المشتكى لله مع كامل إحترامي للسيد نوري المالكي كرئيس للقائمة و للوزراء!؟

عادة ما يطلق الساسة العراقيون تصريحات “نارية” يومياً، لكن أغلبهم اعتادوا على نفيها لاحقاً أو التراجع عنها، في ظاهرة غالباً ما تثير ردود فعل استهزائية من قبل الشارع الذي يعدها دليلاً على عدم اتزان أصحابها وقلة مصداقيتهم وشجاعتهم.

ويعكس سلوك التراجع عن الكلام، بحسب مراقبين، عدم استقلالية آراء العديد من النواب و المسؤولين، و هو يعد سلوكاً “منافياً” للأخلاق، و ربما يترجم بقلّة ثقافتهم، و هذا في المحصلة يهز ثقة الجمهور بمن يطل عليهم يوميا بسيل من التصريحا و الوعود و آلأكاذيب.

و نقلاً عن مصادر إعلامية : يقول مدير مرصد الحريات الصحفية زياد العجيلي لـ”السومرية نيوز” إن “إطلاق التصريحات ثم نفيها أو التراجع عنها بات أمرا مألوفا في السياسة العراقية”، مبينا أنه “يرتبط بطبيعة المشهد السياسي و نوع الصراع والجهة المستهدفة”.

ويشير العجيلي الى أن “اغلب السياسيين في العراق يتوجهون الى شرائح اجتماعية ليست معقدة ويرون أنها تتقبل التصريحات التي تؤجج على العنف، ثم تتلقف التصريحات الداعية الى التسامح والتهدئة عندما تكون في مرحلة الركون الى الهدوء، وبذلك بعد سجال طويل ومعاناة”.

ويوضح العجيلي أن “السياسيين يتراجعون عن اغلب تصريحاتهم لأنهم يتصلون بأكثر من طرف ويخاطبون أكثر من شريحة ولديهم مصالح مع جهات عدة يتطلب التواصل معها تغيير القناعات”، لافتا الى أن “ذلك لم يعد أحد أشكال النفاق ما دام النفاق أصبح من المسلمات لانه يحاكي طبيعة الثقافة العراقية ونوع الصدام الذي تعاني منه الدولة في أشكال مختلفة”.

أما رئيس تحرير وكالة أنباء بغداد الدولية عادل فاخر، فهو يرى أن “تصريحات السياسيين خاضعة لمركزية في العادة”، موضحا أن “كل مسؤول يصرح يعكس وجهة نظر الحزب الذي ينتمي إليه، حتى وإن كان وزيرا أو نائبا”.

ويقول فاخر لـ”السومرية نيوز” إن “بعض السياسيين يصرحون دون موافقات مسبقة من أحزابهم أو بما لا ينسجم مع سياسة الأحزاب التي ينتمون إليها، فيتلقون اللوم، وسرعان ما يتراجعون عما أدلوا به”، مشيرا الى وجود “ازدواجية في حديث المسؤولين، ولا شك أن ذلك يهز الثقة بين السلطة الحاكمة وبين الجمهور”.

ويلفت الى أن “الجمهور لديه تجارب سابقة مع الطبقة السياسية الحاكمة، لذا فإن الجماهير لا تعول كثيرا على تصريحات المسؤولين وأخذها بنظر الاعتبار، سواء تراجع المسؤول عما قال ام لم يتراجع”.

أما بخصوص الوعود، يؤكد فاخر أن “من النادر جدا تحقيق وعد قطعه سياسي او وزير او نائب، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الفترة الحالية، حيث تفسر كل التصريحات والوعود على انها دعاية انتخابية”.

و في السياق ذاته، يعتبر رئيس الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين إبراهيم السراجي، تراجع بعض السياسيين عن تصريحاتهم، بأنه سلوك “مناف للأخلاق والأعراف”، مبينا أنه “يأتي من قلة ثقافة المسؤولين الذين لا يمتلكون الشجاعة ولا يعيرون أهمية للمجتمع”.

ويقول السراجي لـ”السومرية نيوز” إن “التراجع عن التصريحات جبن سياسي واضح وصريح”، مؤكدا أنه “سلوك يؤدي الى اهتزاز ثقة الجمهور بالسياسي، وبالتالي لا يمكن للشعب أن يمنحه الثقة أو يصوت له، بل سيضعه في خانة الكذابين”.

ويبين أن “العلاج الأنسب لهذا السلوك هو سن قانون او ميثاق شرف بين السياسيين يحد من الحالات الشاذة التي لا تخدم العراق والعملية السياسية، وأن يتحلى السياسي بالشجاعة والثقة بالنفس”.

وينوه السراجي الى أن “التراجع عن التصريحات يؤدي الى فقدان السياسي لهيبته وثقته وتقاطعه مع الجمهور، الى جانب عدم احترامه كممثل لفئة من الشعب، وبالتالي خسارته لجمهوره”.

يذكر أن التراجع عن التصريحات أصبح سمة بعض المسؤولين و السياسيين، الذين كثيرا ما يطلقون تصريحات تحدث ردود فعل واسعة، و يلقون باللوم على الإعلام و يتهمونه بالنقل غير الأمين, أو الكيد من أجل تسقيطهم.