تدّني سعر النفط إلى ما دون الخمسين دولارا يلقي بضلاله القاتمة على مشروع الموازنة العامة والحرب على الإرهاب
لا شّك أنّ انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى ما دون الخمسين دولارا للبرميل الواحد , قد ألقى بضلاله القاتمة على مشروع قانون الموازنة العامة والحرب على الإرهاب في العراق , فمشروع قانون الموازنة العامة الذي اعتمد سعر 60 دولارا للبرميل الواحد كأساس في احتساب الإيرادات المتأتية من النفط والتي تشّكل أكثر من 90% من الإيرادات العامة المتوّقعة , اصبح بحاجة شديدة إلى إعادة النظر فيه بعيدا عن الاملاءات والابتزازات السياسية وخداع الشعب العراقي بأنّ اسعار النفط ستعاود الارتفاع خلال هذا العام , فسعر 60 دولارا الذي تمّ تحديده في مشروع قانون الموازنة العامة للعام الجاري , لم يكن واقعيا ولا منطقيا ولم يحدد على أساس توّقعات وبيانات دالة على ارتفاع الطلب على النفط وانخفاض المعروض منه في الأسواق العالمية , وبالتالي ارتفاع اسعاره خلال عام 2015 , بل على العكس من ذلك تماما , فكل التوّقعات العالمية تشير إلى ارتفاع المعروض النفطي القادم من روسيا والعراق وفنزويلا وبالتالي إلى مزيدا من الانخفاض في أسعار النفط . وحين طالبنا أن يكون سعر النفط في مشروع قانون الموازنة العامة 40 دولارا للبرميل الواحد , كان حينها سعر النفط العراقي يباع في الأسواق العالمية بحدود الخمسين دولارا للبرميل , ولم يكن القصد هو التقليل من حصة أي طرف من الموازنة العامة , بل كان القصد أن لا نكبّل الموازنة بعجز مالي كبير جدا يكون عبئا على الاقتصاد الوطني وعلى ابناء الشعب العراقي في الوسط والجنوب والذين سيتحملون هذا العبأ الثقيل على حساب حقوقهم من أجل أن يترّفه الكردي الذي يتشرّف برفع علم اسرائيل , بحصة هي اضعاف حصته الحقيقية .
فها هي توقعاتنا تتحقق قبل أن يقرّ مشروع قانون الموازنة , وحتى سعر الأربعين دولارا الذي اقترحناه ربّما هو الآن بعد هذا الانخفاض في أسعار النفط , أصبح يشّكل مجازفة كبيرة , فنفط العراق يباع اليوم بحدود الأربعين دولارا أو يزيد قليلا في الاسواق العالمية , وتوّقعات السوق العالمية تشير إلى زيادة في المعروض النفطي وليس العكس , وهذا يعني أنّ أسعار النفط لهذا العام ستكون بهذا المستوى وليس أكثر , علما أنّ هذه التوّقعات تعتبر متفائلة نوعا ما وليست متشائمة , فالتوّقعات المتشائمة تشير إلى انخفاض اسعار النفط إلى ما دون الأربعين دولار للبرميل الواحد خلال هذا العام , والذي يهمنا من هذا الموضوع هو التنويه إلى قضيتين أساسيتين , القضية الأولى هي انعكاس هذا الانخفاض في أسعار النفط على مشروع قانون الموازنة العامة وبالتالي انعكاس هذا الأمر على الموازنتين التشغيلية والاستثمارية لهذا العام , والقضية الثانية هي انعكاس هذا الانخفاظ على الحرب على الإرهاب , فبموجب هذا الواقع الجديد لن تكون إيرادات النفط العراقي لهذا العام في أحسن الأحوال بأكثر من 45 مليار دولار , إن لم تكن اقل من ذلك , وهذا هو بيت القصيد , فحصة الإقليم يجب أن تحتسب على هذا الاساس بعد استقطاع النفقات السيادية , وما تبّقى من إيرادات يجب أن يخضع لقانون الأهم ثم المهم في النفقات , ويجب إزالة كل النفقات غير الضرورية والكمالية , واتباع سياسة تقشفية حقيقية تكون الرئاسات الثلاث والوزراء والنوّاب هم أساس هذه السياسة الجديدة وليس عامة الشعب وفقرائه , لنزيد من معاناتهم وآلامهم , فقد حان الوقت لإيقاف كل مظاهر الترف والبذخ والإسراف اللامبرر , وتطبيق شعار كل شئ من أجل القضاء على الإرهاب واجتثاث منابعه , وعلينا جميعا التهيؤ للايام الصعبة القادمة .