18 ديسمبر، 2024 10:00 م

تدويل التظاهرات

تدويل التظاهرات

تتصاعد هذه الأيام حدة التصريحات المؤيدة لرئيس الوزراء نوري المالكي بالضد من محاولات أطراف في القائمة العراقية او الجهات التي تقف وراء تظاهرات الانبار بتدويل الأزمة وإشراك أطراف  إقليمية ودولية في حلها .
مثل هذا الاتهام يجافي الحقيقة ويقع في خندق التسقيط السياسي،لان واقع حال العراق برمته ما زال تحت أحكام الفصل السابع  من ميثاق الأمم المتحدة ،وهناك إشارات واضحة وصريحة في قرارات مجلس الامن الدولي ومنها القرار الذي صدر مرحبا بالانسحاب  العسكري الأميركي منه، الا انه استبقى صلاحيات الأمم المتحدة في العراق ومنح بعثتها سلطة تقديم تقريرها نصف السنوي لمجلس الأمن عن  حالة الاستقرار في البلد .
  يضاف الى ذلك ان الكثير من الأطراف الإقليمية لا تخف تدخلها في الشأن العراقي، مثل تصريحات بعض القيادات الإيرانية عن نفوذها في العملية السياسية، كماهو حال بعض الأطراف الأخرى في علاقاتها مع تركيا ودول خليجية بعينها، لإحداث المتغيرات المرغوبة في إدارة ملف الدولة بالوكالة من قبل  هذه الأطراف المشاركة في حكم العراق من تحت طاولة  صناديق الاقتراع،التي  فصل  قانون الانتخابات  من اجل  وصول  هذه الأطراف الى  مقاعد البرلمان  ومجلس الوزراء  .
المشكلة الأساسية في الجانب الآخر من هذه التصريحات، ان هذه الأطراف لم تبدأ بنفسها لكي ترفض اي نفوذ أجنبي على العملية السياسية برمتها، وكنها تريد من الآخرين رفض ما تراه مؤثر سلبي على إدارة السلطة في العملية السياسية العراقية ، فيما واقع  الحال يؤكد السماح لاي  نفوذ أجنبي ، يعني في المقابل  عدم محاسبة الآخرين  على ترحبيهم بنفوذ  اخر 
لذلك يقع المواطن العراقي تحت مطرقة هذه التصريحات من جميع الأطراف التي تتحدث عن نفوذ اجنبي على التظاهرات،من دون ان تحدد بان مثل هذا النفوذ إنما يقع على قياداتهم التي انتخبت في البرلمان ومن ثم في الحكومة، وليس على ذلك الانسان البسيط الذي غادر منزله لكي يتظاهر من اجل الأمان المعيشي وكرامته التي سفحت على مذبح العدالة الانتقالية ، بازدواجية  مفضوحة ، ترى ان الأستاذ الجامعي مشمولا بقانون الاجتثاث  ، فيما القائد العسكري الذي اعيد للخدمة بقرارمن القائد العام للقوات المسلحة غير مشمولا  به، ناهيك عن تفاصيل مبهمة لأساليب التعاطي مع الحقوق والواجبات للمواطن وفقا للقاعدة الدستورية ،حتى أمضى القادمون الجدد  بقضهم وقضيضهم، أعلى مرتبة من جميع العراقيين الذين تحملوا عقويات دولية طويلة، قضت على الأخضر واليابس، بانتظار رفاهية موعدة في العراق الجديد ، فيما أضحى مجاهدو الفنادق ذي الخمس نجوم ،عناوين العملية السياسية  في خراب العراق الجديد ، حتى  جاء اعتراف رئيس الوزراء  نوري المالكي صارخا بان الفوضى اكثر سوء من الدكتاتورية، فيما ظل المجاهدون الحقيقيون الذين شاركوا  في  عمليات نوعية ضد نظام صدام البائد ، مجرد أسماء  هائمة في فضاء الحرية  الأميركية  الجديدة .
في ضوء كل ما تقدم ،يمكن القول ان تدويل الأزمة العراقية ، ضار بصناعة مستقبله، شعبا ودولة،وحل هذه المشكلة يتمثل في  مغادرة القيادات المتصدية للسلطة عقلية معارضة الفنادق الفخمة ومغادرة المنطقة الخضراء، شديدة التحصين، والحوار مباشرة  مع المتظاهرين، وتفهم حقيقة مشاعرهم، وحينما يفهم من يتربع على عرش السلطة ، هذه الحقيقة ، بأنهم لا يأكلون البسكويت بدلا  من الخبر ، كما قالت زوجة ملك فرنسا  عن ثوار سجن الباستيل..  عندها لن  تكون هناك  غير الفوضى .