لم تعلن وزارة التربية عند اعلان نتائج الامتحانات الوزارية لطلبة السادس الاعدادي عن نسب النجاح فيها واخفتها , وعندما تسربت بعض المعطيات والمؤشرات الكارثية حاولت الوزارة لفلفة المسالة وطمطمتها بالتذرع بان هناك دور ثاني سيؤديه الطلبة المكملين والراسبين , ومعلوم انها لجأت الى اسلوب ” المكارم ” من اضافة درجات الى معالجة الدرجات الحرجة الى ما قيل ان السنة لا تعتبر سنة رسوب , الى جانب ما ينتظر من ترفيعات اخرى غير ذات جدوى في محو تدني النتائج الواقع فعلا وغير المؤثر في رفع المستوى العلمي والدراسي للطلبة وانقاذ العملية التربوية مما هي فيه من ترد لم يعد غربال التربية قادر على حجبه ..
التربية تكابر وليس لها القدرة على الاعتراف بالفشل , فهي جزء من عملية اعادة بناء دولة بنيت على اسس خاطئة , وتحاول ان ترمي بالمسؤولية على الحلقات الادنى التي تشكل جانب من جوانب العملية التربوية والدراسية , فالوزير اصدر امرا توعد به ادارات المدارس واتخاذ اجراءات بحقها لأنها انحرفت عن الأداء التعليمي على حد بيان له .
وهذا تشخيص جزئي وناقص للمشكلة , اين كان مما يجري في المدارس , والمسالة اشمل من ذلك , لا تقتصر على الادارات لوحدها , وهي معروف كيف يتم انتقائها على وفق اسلوب المحاصصة المقيت , وحتى ان جرى استبدالها فان القادم ليس بأفضل من السابق على الاعم , فالتعويض سيكون من نفس الجهة التي لا تسمح بان تنقص حصتها المحمية بفعل طبيعة النظام السياسي القائم ..
الواقع ان عملية المعالجة الجادة ينبغي ان تكون اشمل واوسع , لا نبالغ ان قلنا المطلوب ثورة ادارية تبدا بالوزير , مثلا استدعاؤه في مجلس النواب , و من ثم تنتهي بحلقات الادارات المدرسية , وان تأخذ معاينة المناهج وفحصها وتدريب معلميها من جديد وتحفيزهم على مواكبة التطور العلمي ومتابعته قسطها من اعادة النظر , لينقلوا المعارف والعلوم على وفق الاساليب وطرق التدريس الحديثة للمتلقيين من الطلبة , اي التقييم الشامل من جميع الوجوه هو الذي ينهض ويرفع نسب النجاح المتدنية .
على الوزارة اذا ارادت حقا معالجة الكارثة ان تبتعد عن المعالجات السطحية و واعمال مبضعها في كل الزوايا والجوانب وبالعمق ولا تترك امرا منها للصدفة او تغمض العين عنه , وذلك بان تضع خطط واقعية ومعللة لكل مفاصل العملية الدراسية ومراقبتها وتستشير ذوي الشأن فيها وتسمع منهم باستمرار وتناقش مقترحاتهم وتوكل المهام للتربويين على اساس الكفاءة والمقدرة وللمتضلعين باختصاصهم .