18 ديسمبر، 2024 11:15 م

تدعيش سعر النفط هل سيسقط بغداد

تدعيش سعر النفط هل سيسقط بغداد

المؤشرات تبدو وكأنّها تؤيّد احتماليّة سقوط بغداد فيما لو أخذ الهدف من هبوط أسعار النفط مداه المرسوم ولو لنصف الطريق بالنسبة لبغداد ربّما , فسلسلة حلقات الفشل الّذي لازم حكومات بريمر المتتالية لغاية ما تكرًس فأصبح وكأنّه قاعدة وكأنّه مرسوم له بدقّة لتحطيم العراق لغاية ما استمرّ أحد عشر عاماً رغم ما أنفق باستغلال أهم مورد للبلد للتغطية عليه وباستغلال الارتفاع الغير طبيعي لأسعاره وقتها:

استخدمت الأموال الّتي قيل عنها ضائعة بتكميم أفواه “المعارضين” بعضهم البعض

وكسب تأييد حكومات دول الجوار كما هو معروف بغدق عشرات المليارات من الدولارات عليها سنويّاً باستغلال عطش السوق عندنا

ولأغراض انتخابيّة “من لحم ثورك أطعمك” ..

ولإبرام عقود أغلبها وهميّة لإسكات “الحلفاء”

وبالبذخ على فضاء الصورة والصوت والخبر وشراء الأقلام

وببذخ الأموال على صفقات تسليح وهمية لإيهام المواطن بجدّيّة حكم فاشل

وبتعيينات وهميّة “فضائيّة” بالمليارات من الدولارات لإسكات “القادة” مخافة نيّة انقلاب قد يراودهم

للتغطية على نظام المحاصصة الطائفيّة المهينة قاد البلاد نحو فشل مضاعف , للاقتتال الداخلي بمسمّيات مختلفة ما جرّ البلاد نحو خصخصة التعيينات بالعسكر على حساب ملايين الشباب العاطل وضاعف مشاعر العزلة لباقي الطوائف

وبهدر العملات الصعبة بتصديرها خارج البلد عن طريق فتح التحويل الخارجي أمام المواطن لإسكاته هي بالحقيقة فتح ثغرة في جدار “الممنوعات” المصرفيّة لأصحاب الأيدي الطويلة ولذوي الألسن الفاضحة

وللتغطية على الفشل والعجز عن ترسيخ الضوابط لصيانة الاقتصاد العراقي الداخلي ضخّ العملات الصعبة في السوق لتثبيت سعر الدينار المتهالك , وهذا مع الأسف يعطي انطباع ربّما غير حقيقي تميّز وطنيّة الكويتي عن وطنيّة العراقي عندما استعادت الكويت عافية دينارها وبأقوى من قبل “التحرير” بأربع دولارات مقابل الدينار الكويتي الواحد !

صنع الازمات الصغيرة وتنويعها والتركيز عليها للتغطية على الفشل في معالجة الكبيرة منها فلم تجد سوى “التعويض” المالي المباشر لستر فضائح مخلّفات التفجيرات والاختراقات الأمنيّة وللنزوح وللفيضانات وللترقيع الأهوج للبنى التحتيّة.

هذا على المدى المنظور لتغطية الفشل فما لم يستوعبه المجال لذكره هنا فكثير , فبدون البذخ سيسقط الحاكم المعمّم , وإيران غير مستعدّة للتعويض , ولنتخيّل , هل كانت ستصمد حكومات متهوّرة بدون “رشّ” للتغطية عن عجزها عن الأداء السليم .. هنا نسأل : هل العراق بدون نفط سيتمكّن من قيادته حزب ديني طائفي ؟ أو حتّى وإن كان حكم ثيوقراطيّة بلا طائفيّة ؟ وهل سيتمكّن من قيادته أحد هؤلاء مثل سابق العهود المظلمة بغير جعله شعب يعاني الحرمان؟ وهل بإمكان متديّن أو معمّم قيادة بلد بأمان وعلى طريق البناء كما فعل النظام السوري مثلاً رغم استبداده ورغم سلوكيّاته البعيدة عن الديمقراطيّة فطوال 6 عقود لا زال ممسك بالبلد وعابر للطائفيّة ولم يعتمد على نفط أو يورانيوم ولم يتعرّض المواطن لدهاليز الغيبيّات كما فعلت أميركا بالعراقيين اليوم عندما سلّمتهم لجياع الكهوف , لا اعتقد الزمن ترك خلفه مساحة كافية لإدامة الخرافة كسابق عصور الكهوف رغم ما نندهش أحياناً وقد وجدت لمثل سلوكيّات الطقس المنفّر للعقل السليم صداً لدى البعض من “المثقفين” من الّذين تجد البعض منهم اليوم يحرث طائفيّته وقد سقط في فخّ الخديعة “لمجرّد اعجابه بمنظر -الكثرة- على حساب النوعيّة!” سيسقط الثيوقراط وستتحوّل خصوبة جني المال الهائلة من “المعثّرات” وإلى شواهد لحقبة بزازين عفنة ..

أزمة أسعار النفط الحاليّة ليست في صالح حكومات بريمر , فالمال اليوم عصب الحياة العصريّة ولا يمكن استغناء المواطن عنها أو اختزالها فإن دخلت عليه عمليّة التقشّف فستتصاعد مضاعفاتها في جوانب أخرى فمجتمعات اليوم لم تعد تنام باكراً بعد سرد “قصّة عنتر” أو استماع لروزخوني  يسرد خرافاته على بصيص فتيل إنارة شوارع بائسة لأزقّة مغلقة نهاياتها , لم تعد الشعوب تستيقظ باكراً على صياح الديك وعلى أصوات القبقايب والذهاب للكتاتيب لا للمصانع على حساب جوع العوائل المنهارة بدخان الحطب وبصدقات كروش الصدقة “لوجه الله” .. هنا ومع بداية “الإفلاس” بات الفشل لا يستره ستر , إن صحّ التوجّه السعودي الخليجي النفطي لإسقاط حكومتي طهران وموسكو بظنّهم  لا لإسقاط حكومة بغداد بعد أن فشلت في إسقاطها بداعش حاليّاً ! ..