23 ديسمبر، 2024 7:47 ص

تدخل كوبلر في أحداث الحويجة أمر مريب ومرفوض

تدخل كوبلر في أحداث الحويجة أمر مريب ومرفوض

حسنا فعلت الحكومة العراقية عندما منعت الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر من الدخول إلى الحويجة أثناء الأحداث الأليمة التي شهدتها تلك المنطقة قبل بضعة أيام. فالزيارة التي كان يريد القيام بها في ذلك اليوم الدامي إلى الحويجة تثير الكثير من التساؤلات عن أهدافها وغاياتها التي كانت ينوي تحقيقها من خلالها. الكثير من العراقيين فوجئوا بموقف كوبلر، الذي قال لوسائل الإعلام عقب منعه من دخول الحويجة بأنه غاضب بسبب ذلك، من التطورات التي أدت إلى تلك المواجهات. فلقد كان الممثل الأممي يسعى إلى التدخل في الأزمة المتفاعلة منذ أن قام بعض الإرهابيين البعثيين ومن عناصر القاعدة بشن هجوم على القوات الأمنية العراقية متسببين بإراقة دماء بعض أبناء قواتنا الأمنية الأبطال ليلجأوا بعد ذلك إلى الاحتماء بالمعتصمين.
وإصرار كوبلر على التدخل لإنقاذ هؤلاء الإرهابيين القتلة من أيدي القوات الأمنية التي طوقت مكان الاعتصام في الحويجة مطالبة المعتصمين بتسليم الإرهابيين المندسين في صفوفهم وأسلحتهم يؤكد ما كنا قد أشرنا إليه في مقالات سابقة لنا عن انحياز بعثة الامم المتحدة للمساعدة في العراق (اليونامي) ليس فحسب ضد أحد مكونات الشعب العراقي وحكومة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي ولكن وأيضا لصالح البعثيين. وهذا الانحياز كما هو معروف هو بسبب أن البعثة تعج بمستشارين سياسيين من ذوي الميول البعثية والذين يقودهم أحد الفلسطينيين الذين درسوا في العراق بمنحة من النظام البعثي البائد والمعروف باسم مروان علي الكفارنة. كما أن مكتب البعثة في كركوك يضم في صفوفه مستشارا سياسيا عراقيا واسمه خميس خلف زيدان العبيدي والذي كان ضابطا متخصصا بالصواريخ إبان حكم النظام السابق وحصل على بعثة دراسية من ذلك النظام للدراسة في جامعات بريطانيا، وكل العراقيين يعرفون أن منحة دراسية كهذه لم يكن ليفوز بها هذا العبيدي لو لم يكن مرتبطا بالحزب الحاكم وأجهزته الأمنية آنذاك.
مشكلة كوبلر الأولى والأكبر هي أنه يصغي لنصائح وتحليلات هؤلاء المستشارين السياسيين المنحازين ويعمل بوحي منهم ومن انحيازاتهم فيورط نفسه والمنظمة الدولية التي يمثلها في مواقف تؤدي إلى دعم مواقف جهات سياسية متضررة من التغيير الذي حصل بعد الإطاحة بالنظام المقبور وهذا بالطبع أمر يسيء إلى الأمم المتحدة ودورها وحياديتها في العراق وكان المتوقع من كوبلر أن يكون أكثر ذكاء فيتجنب الوقوع في هكذا مطبات ينصبها له مستشاروه وتؤدي إلى تلطيخ سمعته واسمه.
مشكلة كوبلر الثانية هي أنه يتصرف وكأنه مفوض سامي للأمم المتحدة في العراق، وكأن العراق دولة تحت انتداب منظمته الدولية، بحيث يظن أن بإمكانه أن يدس أنفه في أي شأن من شؤون العراق متمتعا بحصانة الأمم المتحدة وأن يجبر العراقيين وحكومتهم الحريصة على أمنهم وسلامتهم بكل طوائفهم واتجاهاتهم على السكوت عن الجرائم التي ترتكبها جماعات إرهابية أوغلت في دماء العراقيين من كل الطوائف والمكونات من دون أية رحمة. وإلا فما معنى الانتقادات المتكررة التي يكررها كوبلر وبعثته بشكل مستمر ضد تنفيذ حكم الإعدام في حق إرهابيين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء من أبناء الشعب العراقي؟ ألا يصب هذا العمل لصالح الإرهاب والإرهابيين ومن يميل إليهم!! فليعلم السيد كوبلر أنه ليس مفوضا ساميا، وأن العراق دولة ذات سيادة وأن دماء أبناء قواتنا الأمنية الباسلة خط أحمر وليس مسموح له ولا لمستشاريه السياسيين من ذوي الميول البعثية أن يفرط بهذه الدماء ولا بأمن العراق، وليس مسموح له ولا لمستشاريه السياسيين أن يدافع عن إرهابيين تحت أي ذريعة أو غطاء، سواء باسم حقوق الانسان أو غير ذلك.
ونطالب كوبلر ومستشاروه السياسيون بأن يكونوا منصفين ويقروا بأن الحكومة العراقية تعاملت مع المحتجين بصبر كبير يشهد لها، وهذا الصبر لا نعرف له مثيل في التعامل مع احتجاجات كهذه في أي دولة ديمقراطية في العالم ومن بينها دولته ألمانيا. ونتساءل ماذا كانت السلطات الألمانية ستفعل مع محتجين قطعوا الطرقات على مدى سنوات، واستقبلوا في صفوفهم إرهابيين تلطخت أيديهم بدماء أبناء الشعب الألماني؟ وماذا كانت هذه الحكومة ستفعل مع أي واحد من مواطنيها أو من الأجانب المقيمين على أراضيها من ذوي الميول إلى هؤلاء الإرهابيين حتى لو كانوا يعملون في صفوف منظمات دولية؟
مرة أخرى، حسنا فعلت الحكومة العراقية بمنعها كوبلر وفريقه من دخول الحويجة. فنحن على يقين أن كوبلر ومستشاروه السياسيون كانوا سيستغلون هذه الزيارة لتوجيه انتقادات للحكومة العراقية والتحامل عليها وعلى قواتها الأمنية وتأييد المحتجين الذين خرقوا القانون وما زالوا يفعلون ذلك منذ شهور والذين اندس في صفوفهم إرهابيون وبعثيون وعناصر من القاعدة. حسنا فعلت الحكومة العراقية بمنع كوبلر من دخول منطقة خطرة تشهد تطورات أمنية دراماتيكية في ذلك اليوم. فمن يعلم، ربما كان مستشاري كوبلر قد غرروا به لكي يذهب إلى الحويجة ويصاب بمكروه بحيث تتحقق لهم من وراء ذلك غايات في أنفسهم تريد السؤ والشر للعراق وحكومته.