ظلت النيران مشتعلة في سوريا لسنوات ولم يسلم العراق من هذه النيران التي سرعان ما شبت به من خلال قيام ما يسمى الدولة الاسلامية باحتلال مدن مهمة فيه . ولقد كان السبب في كل هذه الفوضى في المنطقة السياسات الغبية المعتمدة على مشاريع اقليمية من خلال رغبة كل من تركيا وايران للتوسع في المنطقة …. اضافة الى قطر التي عبثت هي الاخرى بامن هذه المنطقة لايجاد مركز معتبر لها في العالم . واضافة الى اللاعبين الاقليميين فان روسيا وجدت نفسها معزولة عن العالم لاسباب شتى . ولرغبتها في احياء الدور السوفياتي كلاعب اساسي في السياسة الدولية ولتخفيف الضغط الحاصل عليها في اوكرانيا فقد اشتركت في الحرب السورية بعد ما تأكد لها ان النظام السوري قد اصبح قاب قوسين او ادنى من الانهيار وهي التي فقدت حلافائها في المنطقة مصر اولا ثم العراق الذي غزته الولايات المتحدة عام الفين وثلاثة . ولم يبقى لها سوى الارض السورية كموطأ قدم في بر وبحر المنطقة العربية او الشرق اوسطية . وبالرغم من تعقيدات الموقف في المنطقة لوجود شركاء كثيرين في اللعب على ارضه فأننا ندرك جيدا بأن الضعط الكبير على شعوب هذه المنطقة قد دفع بعض اطرافها الى التطرف في سوريا والعراق . وقد اتضح هذا تماما في العراق خلال حكم المالكي الذي دفع اطرافا مهمة باتجاه التطرف نتيجة شعورهم بانعدام الامان والثقة فانبثقت حركات راديكالية اسلامية اضافة الى القاعدة ، فنشأت داعش او ما يسمى بالدولة الاسلامية ثم فصائل اسلامية اخرى مسلحة . وقد اعقب ذلك هجرات جماعية لطوائف واثنيات مختلفة في العراق وسوريا سرعان ما اتجهت الى الدول الاوربية باكبر عملية هجرة بعد الحرب العالمية الثانية . فشكلت هذه الهجرة قوة ضغط على الدول الاوروبية مما دعاها الى البحث بجدية عن حلول سلمية لاطفاء النيران في الشرق الاوسط وايقاف الموجات الجديدة من المهاجرين . كما ان التدخل الروسي الذي هدد ايضا المصالح الامريكية في المنطقة سيؤدي بالمقابل الى توحيد القوى المتطرفة في سوريا عاجلا ام اجلا مما سيكون لها دورا خطيرا لا يمكن القضاء عليه بسهولة.
هذا من جهة ومن جهةاخرى نرى ان النيران المشتعلة في المنطقة قد بدأت تمتد الى اسرائيل القريبة جدا من مركز الاشتعال هذا . وقد كانت اسرائيل تعتقد انها ستكون بمنأى عن هذه الحرائق من خلال خبرتها في ادارة الازمات وتحويلها الى ازمات داخلية للدول المجاورة .. الا انها هذه المرة لم تسلم من هذه النيران التي شبت باذيالها من خلال الانتفاضة الفلسطينية الجديدة التي لا يمكن التكهن بمدياتها وارتباطاتها او النتائج التي ستتمخض عنها .
ونتيجة لهذا كله هل هناك شك في ان هذه اللعبة قد اصبحت خطرة على كل دول العالم ولا احد يستطيع تجاهلها وان النيران الملتهبة هذه قد امتدت وستمتد اكثر الى اماكن بعيدة مما سيصعب اطفاؤها او على الاقل تحجيمها او اعادتها الى ما كانت عليه داخل دول محدودة . اذا الحل السلمي ات لا محالة ، لا حبا بشعوب المنطقة ولكن لمصلحة كل الاطراف عدا العنلصر الاسلامية المتطرفة، وبعض الدول الاقليمية التي من مصلحتها خلط الاوراق للتوغل داخل الشعوب وخلق ما يسمى بالامر الواقع الذي ربما سيحقق مصالحها .
ان التدخل الروسي الذي كان ينظر اليه على انه سيزيد من اشتعال المنطقة سيؤدي قريبا الى ايقاف كل العمليات العسكرية ، خصوصا بعد شعور الروس بأن اطالة امد الحرب ليس من مصلحتهم ولهم تجربة مريرة سابقة في افغانستان . اضافة الى الكلف الباهضة لهذا التدخل الذي لم يرافقه لحد الان اي تقدم ستراتيجي ملموس للنظام السوري والقوى المتحالفة معه على الارض وهكذا اصبح لزاما على الروس ايضا الدفع باتجاه الحلول السلمية في المنطقة .. ولكن هذه الحلول بحاجة لبعض الوقت لضمان حقوق الاطراف المتنازعة قبل ضمان حقوق شعوب المنطقة المغلوبة على امرها.