إنهيار أسعار النفط عالمياً وماتبعه من تأثيرات سلبية على الإقتصاد العراقي وموازنته المالية لعام 2015 والعجز الكبير الذي حدث فيها والذي وضع العراق في أزمة إقتصادية خطيرة سيكون الخاسر الأكبر فيها هو المواطن العراقي البسيط, وماحدث هو بمثابة جرس إنذار للحكومة العراقية ومجلس النواب يجب عليهم الوقوف كثيراً عنده وإعادة حساباتهم بشكل كامل في كل مايخص الإقتصاد العراقي,فماحدث توقعناه منذ فترة طويلة وكتبنا ونبهنا كثيراً من خطورة الإقتصاد الأحادي الجانب ومن إعتماد الدخل القومي العراقي على النفط بنسبة أكثر من 95% وإهمال القطاعات الإقتصادية الأخرى بحيث يكون عرضة للخطر في أي لحظة لأن النفط أصبح قضية سياسية محورية في إستراتيجيات الدول الكبرى وأسعاره في الأسواق العالمية تتحكم به هذه الدول بما يخدم مصالحها الاستراتيجية, وتقوم بوضع الدراسات والخطط المُحكمة لغرض التحكم بأسعاره مستخدمين جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة مُهملين مصالح الدول المنتجة والمصدرة للنفط لمعرفتهم مسبقاً بضعف معظم هذه الدول فجعلوهم أداةً طيّعة لتحقيق مآربهم السياسية والاقتصادية, وماحدث الآن من إنهيار في أسعار النفط الى أدنى مستوياتها متوقعة فهي لعبة سياسية قذرة ومحصلة لمخططات خبيثة لتحقيق مصالح الدول الكبرى وفي نفس الوقت يُعدّ ضربة تحت الحزام للدول المنتجة والمصدرة للنفط . فمتى يدرك ولاة أمرنا خطورة الموقف؟ ومتى يحرّكون ساكناً لإتخاذ الإجراءات الحقيقية لتفعيل القطاعات الإقتصادية الأخرى لجعلها تساهم في رفد الدخل القومي وتقليل من نسبة الإعتماد على النفط حتى نتخلص من مكائد ودسائس الدول الكبرى ونُجنب إقتصادنا وبلدنا مزيداً من الأزمات الإقتصادية المؤلمة في كثير من الأحيان.
إنّ قطاعاتنا الإقتصادية الأخرى قد توفرت لها معظم مقوّمات النجاح والإزدهار وكل ماتحتاجه هو النيّة الحقيقية والخطط التنموية العلمية السليمة للنهوض بواقعها المتردي وإعادتها الى سابق عهدها, ولعل من أهم القطاعات الحيوية ألذي تتوفر له جميع مقومات النجاح هو القطاع الزراعي ومايحتاجه فهو تخطيط سليم وإرادة حقيقية للنهوض به ودعم صادق للفلاح العراقي وحماية لانتاجه من منافسة مثيلاته من السلع ألتي تتدفق على السوق المحلي من كل حدب وصوب وبدون رقابة ولاضوابط, وأنا على يقين بأن هذه الإجراءات لو تم تطبيقها بدقة فلانحتاج لأكثر من عام واحد لجعل هذا القطاع يستعيد حيويته ويدخل ساحة المنافسة مع القطاعات الإقتصادية الأخرى بقوة.
أما القطاع الصناعي فهو الأكثر أهمية وحيوية في دعم الإقتصاد العراقي وهو الأكثر حاجة للدعم الحكومي لأنه عصب الإقتصاد ومقياس للتطور الإقتصادي في البلد, وجميع مقومات نجاحه متوفرة ولكن نظراً للأزمة الإقتصادية الحالية ألتي يعيشها البلد فان قضية تمويله تعد مشكلة كبيرة بالنسبة لموازنة 2015 نتيجة لضغط النفقات بشكل عام ولكن الحل الأمثل لإعادة الحياة له هو اللجوء للإستثمار الأجنبي والعربي ومحاولة جذب رؤوس الأموال الإستثمارية من الخارج بقوة والعمل
على تذليل العقبات أمام المستثمرين وذلك باتخاذ إجراءات حقيقية للقضاء على الروتين والفساد المستشري في جميع حلقات العملية الإستثمارية للوصول الى نتائج مثمرة من عملية الإستثمار.
أما قطاع السياحة وخاصة الدينية منها فهو لايقل أهمية عن النفط ويعّد مورد دائم ومستمر لدعم الدخل القومي, ويحتاج كذلك الى خطط علمية دقيقة للنهوض به في فترات قياسية لجعله رافداً مهماً وحيوياً في رفد الإقتصاد بموارد كبيرة لايستهان بها وجعله يساهم بشكل فعّال مع القطاعات الإقتصادية الأخرى لتقليل نسبة الإعتماد على النفط في رفد الإقتصاد الوطني.
ختاماً أقول وأدعو أن نجعل من الأزمة الإقتصادية ألتي يمر بها بلدنا حافزاً قوياً لجميع السلطات في البلد ألتشريعية منها والتنفيذية للتوقف كثيراً ودراسة هذا الواقع الحالي ورسم الخطط العلمية الصحيحة لتصحيح جميع المسارات الخاطئة في إقتصادنا وإعادة هيكلة جميع مفاصله بما يضمن تجاوز هذه الأزمة بسلام وبأقل الخسائر ووضع الأسس الصحيحة للنهوض به مستقبلاً والخروج من قاعدة الإعتماد الكلي على النفط وجعله إقتصاداً متعدداً في مصادره وقوياً وصامداً أمام جميع ألمتغيرات الإقتصادية الخارجية وخاصة ألتي تحصل في أسعار النفط العالمية.