مسبقاً : كان من الأجدر بالقيادة الأيرانية تكليف وزير خارجيتها محمد جواد ظريف وإيفاده الى ايّ دولةٍ كانت , في مهمةٍ شكليةٍ او اكثر قليلاً ” لمدة 2 – 3 أيام , وذلك قبل يومٍ واحد من وصول الرئيس بشار الأسد الى طهران بغية عدم إثارة الوزير وتفجير ازمةٍ في مضاعفات تغييبه في المفاوضات مع الرئيس السوري , ولأجل عدم فتح نيران الإعلام العالمي والرأي العام ازاء الأجتماع برئيس الدولة السوري من دون حضور وزير الخارجية , لكنه ومع هذا وذاك فلابد أنّ هنالك معلوماتٍ خاصة ! بين الجانبين السوري والأيراني لا يراد إطلاعها للسيد ظريف . وفي هذا الصدد فقد كانت التفاتة ذكيّة من الرئيس بشار بأشادته بوزير الخارجية الأيراني وهو يلاحظ غيابه عن الأجتماعات .!
والى ذلك فمن المتوقع أن توجّه موسكو دعوةً للرئيس الأسد او ارسال مبعوث روسي رفيع المستوى الى دمشق للتعرّف على التفاصيل الدقيقة للمباحثات التي جرت في طهران مؤخراً , وليس بمستبعدٍ أن تمارس موسكو ضغوطاً صعبةً على الرئيس بشار لمعرفة تلك التفاصيل وبكلّ جزئياتها , حيث يأتي ذلك ضمن حالة التنافس شبه المعلنة بين طهران وموسكو للفوز بمكتسباتٍ وامتيازاتٍ سياسية واقتصادية وما يفوق ذلك ! داخل الساحة السورية والأوضاع المضطربة الجارية فيها , بالرغم من ميل كفّة الصراع الى جانب الحكومة السورية والجيش السوري , مقابل تقلّص دور القوى والفصائل المعارضة المسلحة هناك وخصوصاً بعد قرار الرئيس الأمريكي بسحب القوات الأمريكية من شرق الفرات في سوريا .
وعلى الرغم منْ أنّ الأخبار التي انتشرت يوم اوّل امس بأنّ الرئيس روحاني وافق على استقالة جواد ظريف , لكنّ القيادة الأيرانية قد تداركت اهمية وحدة الموقف الرسمي للحكومة الأيرانية , حيث جرى بالأمس رفض السيد روحاني لهذه الأستقالة , وقد عزّز ذلك قيام عدد من كبار مسؤولي الخارجية الأيرانية الى عرض استقالاتهم ليس تضامناً مع ظريف فحسب وإنّما ازاء الأسباب التي دفعته للأستقالة .
وكما اشرنا في مقالتنا الموجزة ليوم امس , فأنّ اية تصريحاتٍ شديدة لمسؤولين عسكريين او من قيادات الحرس الثوري ومن بعض اركان الدولة الأيرانية تجاه دولٍ اخرى فأنها لابدّ أن تنعكس سلباً ” بشكلٍ او بآخر ” على دبلوماسية وسياسة وزارة الخارجية لتهدئة او ترطيب الأجواء الملتهبة من الأمريكان وبعض الدول الأوربية الأخرى .
ثمَّ , اذا ما افترضنا عودة ظريف الى وزارته قريباً جداً , فمن غير المتوقع ظهور سياسات مغايرة للقيادة الأيرانية في المدى المنظور القريب على الساحة الدولية وفي منطقة الشرق الأوسط بما فيها الأوضاع في اليمن وسوريا وحزب الله والعراق على الأقل , وانّ الأزمة الأخيرة حول الأستقالة وتبعاتها قد غدت في طريقها الى السيطرة , ولكن ليس كأنّ شيئاً لم يكن .! انّما المفاجآت تضحى دوما متوقعة في عالم السياسة , وتقتضي الأشارة هنا الى تضارب الأخبار من المصادر الإعلامية المختلفة ممّا يؤدي الى صعوبةٍ في رسم صورةٍ إعلاميةٍ دقيقةٍ عن المشهد الأيراني , كما أنّ لا اخبار عن اية اتصالاتٍ خاصة بين مسؤولي الدولة الأيرانية مع السيد ظريف .! ومن المفترض أن يغدو ذلك , كذلك .