اولا : في آخرِ مقالٍ كتبته , وردتْ فيه عبارة ” التفتيش ذات البخشيش ” , وبعد نشر المقال في صحيفة المدى وبعض المواقع الالكترونية , كتب لي اخي الأصغر سنّاً المقيم خارج العراق متسائلا بطريقة دبلوماسية : – ايهما اصح البخشيش او البقشيش – راودني شعورٌ سيكولوجيٌ وكأنه يريد تصحيح مفردتي الأولى بمفردته الثانية , تفاجأتُ بسؤاله وانتابتني مسحةُ إحراجٍ لأنه يصغرني في السنّ كما ذكرت , ممّا سبّبَ لي إرباكاً في دقّة إجابتي , كتبتُ له بأني اُرجّح انّ مفردة “بخشيش” هي الأكثرُ تداولاً , لكنّ هنالك بعض المفردات القليلة يجري تداولها بشكلٍ مغاير في بعض البلدان العربية , وكان ذلك اكثر ما استطعتُ الإجابة عليه , دقائقٌ مضت وإذا بإيميلٍ آخرٍ من اخي يذكرُ فيه انه بحثَ في ” غوغل ” ووجدَ أنّ كلتا المفردتين صحيحتين لكنهما غير عربيتين .!!! عُدتُ وكتبتُ له : – اهكذا العربية والعرب والعروبة , والأعراب , والأعراب العاربة والأعراب المستعربة والأدب العربي يقررّ مصيرهما الحاج غوغل والشيخ النتن ياهوووو ثانيا: في حديثٍ سابقٍ لي مع ضابطٍ صومالي صديق ” وكان عمق العلاقة الاجتماعية بيننا يتيح النقد المتبادل بطريقةٍ ساخرة ومُمازِحة ” , سألتهُ متندّراً عن علاقته وعلاقة بلده بالعروبة .!؟ وكانت فحوى وتفاصيل سؤالي كالتالي : – انتم في الصومال تتحدثون اللغة الخاصة بكم , وتكتبون بحروفٍ لاتينية وانكليزية لا علاقةَ لها باللغة الانكليزية , فأين موقعكم من الإعراب في العربية ؟؟ ففاجأني صاحبي بإجابةٍ صاعقةٍ وصريحةٍ اكثر مما مطلوب .!!! قال < : ومن قال لك إننا عرب ! > فاللغة التي نتحدّثُ بها في الصومال لا تتكلّم بها ايّ من الدول المحيطة بالصومال , وما نتحدث به باللغة العربية مؤداه أنّ ما يقرب العشرين بالمئة من الصوماليين تعود جذورهم الى اصولٍ عربية , وتفاعلات ذلك هي جرّاء الإختلاط ووجود اعداد من الصوماليين الذين يعملون في بعض الدول العربية , عدتُ وسألتْ : ” كيف
إذن إنضمّت الصومال الى جامعة الدول العربية .؟ ” أجاب : في منتصفِ سبعينيات القرن الماضي إستغلّ الرئيس الصومالي السابق الجنرال – العريف سياد بري حاجة الوضع العربي
الى دعمٍ افريقيٍ ضد اسرائيل فطلب الإنضمام الى جامعة الدول العربية . إنّما بصراحة كان يهدف الحصول على مساعدات ماليّة عربية….وضمنَ حواري مع صديقي الصومالي هذا ,
وفي مقطعٍ مقتطعٍ ومجتزئٍ , تصادف ان قلتُ له باللهجة العراقية التي يفهمها ما نصّه ” إني اعمل هذا علمودك ” لكنه وكأنّه قد إكتشفَ ما لمْ يسبق إكتشافه .! أهوَ إختراع أمْ إبتكار .! قال :> وهل كلمة – علمودك – عربية > وانت ما برحتَ وما فتئتَ تمارس معي تحقيقاً تنظيريّاً .! حقّاً إستفزّني سؤاله برغمِ متانةِ العلاقةِ بيننا , إنّما وكأنّه وحيٌ الهيٌّ مُسرعٌ قد هبطَ عليّ وانطقني خلالَ جُزئٍ من الثانية , قلتُ له : انّهُ جرّاءَ تفاعل العراقيين مع الحضارات واللغات العالمية فقد إنسابت وتسلّلتْ مفردة MOOD ومعناها – مزاج – الى اللهجةِ المحليةِ العراقية و تطوّرَ وتحوّرَ معناها عندنا الى ” بسببك او برغبتك او على هواك او حتى لمصلحتك ” وما الى ذلك من مشتقّاتٍ ومرادفات , وبالمناسَبةِ المناسِبة فإنَّ عدداً من اقطار المشرقِ العربي يتداولوها ايضاً ….. ثالثاً : في اوّلِ عطلةٍ صيفيةٍ صادفتني في الجامعة في ” انكلترا ” , إصطحبتُ معي صديقتي الايرلندية في السيارة متجهين من مدينة “برايتون” الى المطار في لندن , بغية ان تعيد السيارة الى منزلِ عائلتها حيث لا يوجد في شقّتي ” كراج ” وبالمناسبه فهذه الكلمة انكليزية” GARAGE ” , وعند الإقتراب من المطار كانت هنالك يافطة معدنية مكتوبٌ عليها ” WELCOME TO HEATHROW AIR PORT ” – مرحبا بكم في مطار هيثرو – قلتُ لصديقتي ” الكيرل فريند ” : إنَّ هذه العبارة خطأ X خطأ , بدت ملامحها وكأنَّ مشاعرها القومية اُصيبتْ بنبالِ استفزاز .! قالت : هل انت تناقشنا في لغتنا وفي عقر دارنا .! كلاّ , العبارةُ صحيحةٌ مئة بالمئة وايجابية , وما الخطأ في تصوّراتك هذه .؟ اجبتها : لو أنَّ هذه العبارة كانت موجودة في المطار في قاعة الوصول الى لندن فهي مقبولة بلا شك , إنّما عند مغادرة عاصمة الضباب والترحيب بالذهابِ الى المطار فإنّها تعني فيما تعني ” انّكم لا تريدون للزائر البقاء في انكلترا وترحّبون بمغادرته لها ” واضفت : وهل يقبل شكسبير بمثلِ هذه التعابيرِ غير المدروسة … إتّهمتني الخاتون بال ” SOPHISTRY – السفسطه ” , فإتّهمتها بقُصرِ النظرِ الفكري واللغوي
[email protected]