18 ديسمبر، 2024 11:07 م

تخلّفنا لغياب (الفكر)

تخلّفنا لغياب (الفكر)

تخلّفنا لغياب (الفكر):
لماذا فقد العالم هدفهُ في هذا الوجود؟
لا تحدثني عن ثروة وثورة الأوطان؛

لا تُحدّثني عن تأريخ ألأوطان؛

لا تُحدّثني عن شعراء و أدباء ألأوطان:

لا تُحدّثني عن حضارة أيّ وطن؛

لا تُحدّثني عن دين أو مذهب وطن؛

لا تُحدّثني عن مساحة أو سكان أو جغرافيا أو طبيعة وطن؛

لا تُحدّثني عن دين وصفات أيّ وطن .. فقد يكون لكل محور منها مكانة لا تتعدى سوى الأستمتاع ساعة معها في كل العمر؛ لكن لا قيمة حقيقية لكل ما ذكرت و ألناس فيها مشحونين بالحقد والعنصرية والحزبية والجهل والمؤآمرت بعيداً عن التفكر و التواضع حتى و هم داخل معابدهم و كنائسهم و مساجدهم حيث يكيد ويتآمر و يستغيب بعضهم بعضا !
نيجيريا من أكثر الدّول غنى بالثروات والمعادن ومن أكبر دول العالم المصدرة للبترول .. لكن أنظر لحالها و وضعها ..
والسبب أن الإنسان فيه مُشبّع بالأحقاد العرقيّة ومحمّل بالصراعات و التّنفر و بكل الصفات إلا المحبة و التواضع!
ألعراق الذي كان يُعتبر من أغنى الدّول؛ لكن الأنسان فيه لا يتحمّل حتى نفسه لتعاظم الأنا والجّهل والحزبية والتعصب القبليّ,
فيما سنغافورة البلد الذي بكى رئيسه لأنسانيّته و تواضعه ذات يوم وهو يشارك شعبه لقمة العيش .. تألّم و بكى, لأنه رئيس بلد لا توجد فيه مياه للشرب! لكنه اليوم ولأخلاص حكوماتهم يتقدّمون على اليابان في مستوى دخل الفرد !؟
في عصرنا الحالي؛ ألشعوب والبلدان المُتخلفة كدولنا هي التي مازالت تنظر لباطن الأرض؛ ما الذي ستخرجه كي تعيش!؟
في الوقت الذي أصبح الإنسان بحدّ ذاته في البلاد المستقرة؛ هو الرأسمال للاستثمار الأنجح والأكثر ربحاً و نتاجاً بوجود مدراء مخلصين يقودهم مُفكّر كونيّ, هذا بغض النظر عن مَنْ يستفيد بآلدرجة الأولى من تلك الثروة المنتجة لوجود (المنظمة الأقتصادية العالمية) ومقرّها (دافوس) التي تسرق بلا رحمة جهود الكادحين مقابل ضمان الحد الأدنى من المعيشة, وهذه مسألة أخرى لا محلّ لذكرها هنا, ألمهم أن تلك الدول على الأقل آمنة و المواطن فيها يستطيع العيش بأمان.
هل فكرت وأنت تشتري جوال (كلكسي) أو (أيفون) كم يحتاج هذا (التلفون) من الثروات الطبيعية ؟
ستجده لا يكلف سوى أقلّ من دولار واحد من الثروات الطبيعية المستخدمة من التراب!
جرامات بسيطة من الحديد وقطعة زجاج صغيرة وقليل من البلاستيك المستخرج من المواد الخام
ولكنك تشتريه بمئات بل آلاف الدولارات مع إشتراك سنوي تتجاوز قيمته مئات براميل النفط والغاز الذي نعيش عليه بلا جهد أو عمل في الجهة الأخرى, والسبب إحتوائه على ثروة فكريّة تقنية وإدارة علمية متطورة من عقول بشرية؟
هل تعلم أن إنسانا واحدا مثل (بل غيتس) مؤسس شركة مايكروسوفت يربح في الثانية الواحدة 226 دولاراً ..

يعني أنه يعادل ما يملكه اليمن ودول الخليج من إحتياطي للثروات؟ و كلها مجتمعة لا تستطيع مجاراة شركة لتقنية حاسوب؛ فكيف بآلمركبات الفضائية والصواريخ والطائرات العملاقة وآلمحطات النووية!؟

هل تعلم أن أثرياء العالم لم يعودوا أصحاب حقول النفط والثروات الطبيعية وإنما أصحاب تطبيقات بسيطة على هاتفك؟

هل تعلم أن أرباح شركة مثل (سامسونج) في عام واحد 327 مليار دولار؟

نحتاج لمئة سنة لنجمع مثل هذا المبلغ من الناتج المحلي طبعا بدون فساد, و هذا مستحيل بسبب عقائدنا و ديننا الفاسد!؟

أيها الواهم ألمتبجّح ألمُتبختر بأنّ لديك ثروة ستجعلك في غنى عن كل شيئ دون الحاجة إلى عقلك؛

دع عنك أوهامك هذه .. فلا ثروة تنفع مع عقلية الثور والحمار و التكبر!

هُزمت (ألمانيا) في الحرب العالمية الثانية .. لكنها في عقود قليلة, أصبحت الدولة الأولى في العالم من جميع النواحي!

هُزمت اليابان في الحرب العالمية الثانية .. لكنها بأقل من خمسين عاماً انتقمت من العالم بالعلم والتقنية الراقية!
و كذا دول النمور الآسيوية, وصلت القمة و هي لا تملك شيئا .. بل مجرد جزر عائمة وسط البحار و المحيطات!

وبقي الأغبياء يسألونك عن دينك ومذهبك و حزبك .. أو من أي قبيلة و عشيرة أنت.. و لأية مرجعية تنتمي؟

بل و فوق كل هذا؛ حُكّامنا يفتخرون بأنهم حيتان .. يبتلعون كل شيئ حتى حقّ الله و من خلق, و تخلّفنا هذا ليس إلّا لفقدان الفكر بجانب الوجدان, والأمَرّ من كلّ ذلك؛ أنّهُ لو صادف بروز مفكّر حقيقي أو ربما فيلسوف في هذا الوسط؛ فأنّ الحُكّام وأحزابهم سرعان ما يُحاصرونهُ ويتّهمونه تمهيداً لسجنه وقتله ولو لم يقدروا فأنهم يشرّدوه ويجوعوه حتى الموت.

لذلك حين تريد أن تصف أو تُمجّد وطناً؛ صف مدى محبة و تواضع و كرامة أهلها و أخلاقها .. بحسب منظومة الفلسفة الكونية ألتي تبحث في منابع تغذية جذور وأعماق الوجود الأنساني فيه و هو العقل الباطن الذي يتعدى قوته أضعافاً مضاعفة قوة العقل الظاهر.

لذلك فأنّ تخلّفنا هو لفقدان الفكر التي تبعه فقدان الكرامة, لكن لا هذا الفكر المتعلق بالعقل الظاهر؛ بل فقدنا العقل الباطن الذي يعتمد (الكَوانتوم) للتفاعل مع مكونات الطبيعة ليتعدّى مدار العلوم الأجتماعيّة و الطبيعيّة بحسب (الفلسفة الكونية العزيزية) لتفعيل تلك القوة الكامنة العظيمة في وجودنا لتحقيق (فلسفة الوجود), فلا التّفرد بالتكنولوجيا تنفع وتُسعد .. ولا التّفرد بآلدّين لوحده تنقذنا, لا بدّ من الأستخدام المزدوج للأنتاج والمحبة لتحقيق السعادة ألأبدية.