22 مايو، 2024 12:54 ص
Search
Close this search box.

تخلي العرب عن روسيا في الأزمة الاوكرانية

Facebook
Twitter
LinkedIn

ان غالبية التعلقيات التي نشرها واذاعها الاعلام العربي حول الأزمة الاوكرانية لم تتسم بالموضوعية وانسجمت مع موقف الغرب ولم تقرأ الحدث التاريخي من زاوية مصالح الشعوب العربية. وأخشى ان يكون هذا الموقف غير مستقل وانما منتحل من الاعلام الغربي والموقف والقراءة الغربية، بينما من المفترض ان يشكل الاعلام العربي موقفه  المستقل من الحقيقة التاريخية والراهنية للحدث الكبير ومن مصالح الدول العربية. واكد تصويت الدول العربية في الجمعية العامة للامم المتحدة على المشروع الامريكي بلاشرعية استفتاء شعب القرم بتقرير مصيره، على وجود معسكرين الاول الذي ضم الدول التي تسير بالركاب الامريكي والاخرى الباحثة عن متنفس للقرار السيادي

اعتقد ان التحرك الروسي ازاء اوكرانيا اثار هستيريا الغرب وردود فعله الغاضبة بوحي من الموقف الأمريكي. ان الولايات المتحدة لا تريد ان تتحول روسيا الى قطب عالمي مستقل ومؤثر في صناعة القرار الدولي قد تعرقل تحقيق هيمنتها على العالم، وانما تريد لروسيا ان تكون قوة اقليمية محصورة في محيطها وتتحرك وفق الإرادة الامريكية. لا اكثر. ان واشنطن تعمل كل ما في وسعها بتحقيق هذا الهدف من خلال عرقلة تعزيز روسيا علاقاتها مع اوروبا ولاسيما مع المانيا وفرنسا. وتعمل واشنطن ايضا على احاطة روسيا بصواريخ وانظمة الرداد في اطار نظام الدفاع المضاد للصواريخ الذي يستهدف بالدرجة الاولى روسيا وقدراتها الاستراتيجية النووية، وهذا ما تبرهن عليه جغرافية نشر تلك الانظمة. وربما ستجر الدول العربية الصديقة لها للمواجهة مع روسيا. فهل هذا من مصالح شعوبنا؟.

ان تصرفات الغرب وامريكا بالذات هي التي شكلت سابقة في تغير الجفرافيا من خلال خلال التدخل عسكريا وغزو الدول الاجنبية الأضعف منها لتحقيق اهدافها ومصالحها وتغير الانظمة واثارة الفوضى (الموجهة) والتحكم بامدادات النفط والغاز وحماية الانظمة والدول التي تسير بركابها. ومن السخرية انها تبرر غزواتها الجديدة باشاعة الديمقراطية وحماية حقوق الانسان وتوفير فرص التقدم، لأنها تتجاهل الأنظمة الاستبدادية ذات التاريخ العريق بانتهاكات حقوق مواطنينها وتبذير الثروات الوطنية ونهبها لصالح فئة ضيقة، فقط لأن هذه الانظمة تدور في فلك سياسة واشنطن، وتحولت الى ادوات مطيعة لتحقيق اهدافها. ان النخب السياسية في امريكا والغرب تخون تراثها الحضاري والثقافي العريق الذي يتسم بالانسانية والدعوة للتنوير والعدالة ودعم الشعوب الاخرى لتطوير اقتصادياتها والبنى التحتية ورفدها بالتكنولوجيات الحديثة.

ان روسيا لم تحتل القرم ولم يستخدم الرئيس بوتين الصلاحيات المناطة له من قبل البرلمان باستعمال القوة العسكرية في اوكرانيا. ان شعب القرم هو الذي قرر مصيره من خلال استفتاء شرعي بكل مقاييس القانون الدولي، علما ان هذا هو الاستفتاء الثاني لشعب القرم الذي يرغب العودة الى حضن وطنه الأم روسيا وتصحيح الخطأ السياسي.

ولست ادري هل يعرف كتاب المقالات العربية الذين تناولوا المسألة، الخلفيات التاريخية والسياسية  للقرم وانه تاريخيا ارضا وشعبا روسي بلامنازع، فغالبية سكانها من اصل روسي وان الرئيس السوفياتي الاسبق نيكيتا خروشوف ضم القرم لأوكرانيا لاٍسباب إدراية وفي حالة من حالات “النزق السياسي” المعروفة عنه، وللتكفير عن الخطايا والجرائم التي ارتكبها بحق الاوكرانيين حينما كان على رأس الحكم هناك في نهاية الثلاثينيات والابعينيات.
واموقف الغربي من القرم هو كشف اضافي عن سياسة الكيل بمكياليين.ان امريكا والغرب اعترفت بحق كوسوفو في الانفصال عن صربيا ووفرت القاعدة القانونية والسياسية لذلك الانفصال، فلماذا لم يعترف الغرب بحق شعب القرم والشعوب الاخرى مهضومة الحقوق، بحق تقرير المصير؟. الجواب واضح ولا غبار علية : انهم يقدمون الدعم في ضوء مصالحهم ولست احتراما لحقوق الشعوب. ان استقلال القرم، وهو حق تاريخي، لا ينسجم ومصالح الولايات المتحدة التي كانت تخطط للسيطرة على اوكرانيا وترحيل الاسطول الروسي من شبه جزيرة القرم وضمها لحلف الناتو ونشر انظمة الدفاع المضادة للصواريخ هناك لاحتواء القدرات الدفاعية لروسية، ان تحقيق هذا السيناريو يعني ” خنق روسيا” و ” تقزيمها “. ان الغرب يسعى ” لقضم” اوكرانيا وكذلك ” بيلاروسيا” للاجهاز على روسيا، من دون حرب.
لست ادري هل اخذ المعلقون العرب بهذا البعد، وهل فكروا ايضا بتداعياته على الدوا العربية وشعوبها مستقبلا؟. مع الاسف تناسى المعلقون العرب ان روسيا دافعت من منظور القانون الدولي والشرعية والحق العام عن المصالح العربية. لندرس مواقف روسيا من قضيتنا ” المركزية” فلسطين وموقفها الشجاع ابان العدوان الثلاثي على 1965 وفي العدوان الاسرائيلي لعام 1967 وما تلاه من محن وكوارث، ودعمها للامن العربي واستقرار المنطقة، لقد كانت روسيا دائما الى جانب الشعوب العربية،. وانطلاقا من هذا الواقع سيكون من الغريب ان لانقف مع روسيا في مواجهتها الجديدة مع الغرب، ان قوة روسيا اليوم يعني اثراءا لقوتنا ومواقفنا من اجل اقامة دول متحررة ومستقلة في عالم متعدد الاطراف، دول تضع في مركز اهتمامها توفير الحياة الكريمة للانسان العربي، ذات انظمة عادلة تستثمر ثروات الدول للتطوير والتغيير ورفع مستويات المعيشة والخدمات…اننا بحاجة لحليف للمضي بهذا الطريق  وان روسيا يمكن ان حلفينا في تحقيقه. 

* اعلامي من العراق يقيم في موسكو

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب