الخليج بمشيخاته اصبح رمزا للتطور في المنطقة العربية، هذا امر لاشك به اذا نظرنا اليه عمرانيا و اقتصاديا و اجتماعيا. سياسيا، لن اناقش اية نقطة، خاصة و ان ما تنفذه مشيخة قطر من املاءات ضد المنطقة باتت واضحة جدا و لا تحتاج الى اي شرح. اقتصاديا، فأن لهذه المشيخات اموال تكاد تفيض، و كي لا تذهب الى فقراء المنطقة و محاربة المجاعة في الصومال، فأن مشيخة بحجم قطر تعاقدت على شراء 55 طائرة ايرباص! و قبل ان يتبادر الى ذهن القارئ بأنه سيتم توزرع الطائرات الى العوائل القطرية، لابد من القول ان مشيخات الخليج تعمر و تعلي البنيان و تشتري طائرات و تفتح مراكز بيع ( مولات) خيالية الحجم، ليس لأهلها الذين لا يتجاوز عددهم الخمسة ملاين في احسن الأحوال، فأنها تنفذ كل هذه للعمالة الوافدة و الأجانب الذين اغرتهم الحياة المرفهة في الخليج و في الوقت نفسه تزيد من دخلها السنوي. و في الخليج ايضا ظاهرة اخرى و هي قضية العمال الذين يتم استقدامهم من بنغلاديش تحديدا، فالبنغالي يدفع 1000- 2000 دولار للمتعهدين، و الذين يقومون بتوزيعهم على المشيخات. و المعروف ان البنغالي و بسبب الفقر الحاد في نغلاديش يقبل بأي عمل و لا يتناقش في راتبه و مسكنه، لدرجة يقوم بها صاحب العمل باسكان عشرات البنغاليين في بيت واحد. و البنغالي حين يجد عملا في الخليج، لا يذهب الى اهله في الأقل لثلاث سنوات يسدد خلالها ما بذمته للمتعهد الذي أتى به، و غالبا يكون المتعهد من المتنفذين. و قد يصل البنغالي و لا يجد عملا بانتظاره، ليعيش مع من يعرفه من بنغاليين وجدوا عملا ليسدد ما بذمته و يعود بخفي حنين. ان وضع عمال الخدمة خاصة و العمال عامة من البنغاليين في الخليج، امر تناولته تقارير المنظمات الانسانية الدولية. كل هذه المقدمة لأصل الى النقطة التي اريد ان اطرحها و هي ( تخلج العراقيين). فالعراقي و هو يتخلج، لا ينظر الى العمران الجاري على قدم و ساق في الخليج، هذا العمران الذي صنع من دبي، للمثال و ليس للحصر، منطقة سياحية مهمة، بل اصبحت السياحة عاملا مهما للدخل القومي فيها، و اصبحت حلما لأثرياء العالم للسكن فيها، علما ان دبي تفتقر الى المواقع السياحية و الأثرية الموجودة في العراق. و قطعا وصل للكثيرين تلك الرسالة الالكترونية الموجعة و التي تقارن صورها بين دبي و البصرة في خمسينيات القرن الماضي، حين كانت البصرة و دون منازع لؤلؤة الخليج و بين المدينتين الآن، حين اصبحت دبي لؤلؤة العالم و ليس الخليج وحده. بعض العراقيين تخلجوا بالقشور فقط. في اول ايام عيد ، دق باب البيت في كركوك، رجل بنغالي بالكاد يتحدث الانكيليزية، يتسول ليتمكن من شراء بطاقة طيران للعودة الى بلده، قال بأنه جاء و معه العشرات الى شمال العراق من خلال متعهدين، لكنهم تفاجأوا بعدم توفر اي عمل لهم، و تذكرت قصصا ممثالة حدثت مع بنغاليين في العراق و بدأت الصحافة في نشرها. اذن، يحق للعراقي ان يفتخر بعمل بعض المتعهدين الذين يسهرون ليل نهر لتطوير البلد بالنظر الى التطور الخليجي و ان يقول ( يابة ترى احنا تخلجنا، يعني تطورنا.. بس لا يروح بالكم بعيد، احنا نتخلج ظاهريا فقط).