يشكل قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل و نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس صفعة قوية للعرب و المسلمين و للسلام و للمعاهدات و الاتفاقيات الدولية و قرارات الامم المتحدة بما فيها الجمعية العامة و مجلس الامن و التي تعتبر اميركا عضوا فيها و شاركت باتخاذ هذه القرارات
وهنالك عدة امور تخفف صفعة هذا القرار وهي إن ترامب سعى في اتصاله مع عباس يوم الثلاثاء إلى تخفيف أثر إعلان القدس بالتشديد على أن الفلسطينيين سيحققون مكاسب من خطة السلام التي يعكف على وضعها كوشنر والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيسون جرينبلات و أن ترامب باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل قد يكون الآن أكثر قوة في طلب تنازلات لاحقا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
وبعدها صرح وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون بأن نقل السفارة الاميركية الى القدس قد يحتاج الى ما يقارب الثلاث سنوات وأن تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القدس لا يعني البت بوضعها النهائي، مشيرا إلى أن “الوضع النهائي للقدس سيترك للتفاوض بين الطرفين”. وعلى ما اعتقد ان ترامب اراد ان يتخلص من الضغوطات التي تواجهه و خاصة من اللوبي الصهيوني والانجيليين و الذين يريدون الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل و للتخلص ايضآ من احد وعوده الانتخابية والتي فشل في تحقيقها وانا اعتقد انه اصدر هذا القرار ولكن تنفيذه سيقع على عاتق الرئيس الاميركي القادم حسب تصريح وزير الخارجية بأن نقل السفارة يحتاج الى ما يقارب ثلاث سنوات ومن الممكن ان الرئيس الاميركي القادم تكون سياسته مختلفة عن سياسة ترامب ويلغي ما قام به ترامب
و بعد هذا القرار أصبح الفلسطينيين في موقف ضعيف إذا ما توحدوا وتوحدت حماس و فتح و قاموا بثورة أو انتفاضة ثالثة تخلط جميع الأوراق فأنه لن يكون أمامهم في آخر الأمر سوى مواصلة المشاركة في مساعي السلام التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية
وإنه على الرغم من الهدوء الحذر الذي لا زالت تتلفع به المنطقة، إلا أن قضية المقدسات الدينية في القدس تمتلك خصائص اشتعال العنف حتى لو لم يرغب الساسة في ذلك وأن ترامب شخصيا إذا تراجع عن تصريحاته بشأن القدس، أو أشار إلى القدس الشرقية كعاصمة محتملة للفلسطينيين، فإن ذلك قد يهدئ حدّة الأوضاع؛ ومن الصعب رؤية مفاوضات جديدة تبدأ دونما مثل هذه الخطوة التصحيحية.
وايضآ من الامور التي تخفف صفعة ترامب هي ان قراره لقي استنكار و رفض واسع من العالم بأجمعه فالجميع رفض و استنكر القرار وكان البعض يعتقد أن جميع الدول ستحذو حذو اميركا وتعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل لكن لم يحصل ذلك بل قامت كل الدول برفض و استنكار هذا القرار و خاصة بريطانيا صديقة اميركا و التي هي بالأساس صاحبة فكرة انشاء الكيان الصهيوني عندما كانت تريد إنشاء كيان يفصل مشرق الوطن العربي عن مغربه منذ زمن طويل عندما كان محمد علي يحقق الفتوحات بهدف توحيد الأمة العربية وحينها جاءت بفكرة تأسيس الكيان الصهيوني للرد فتوحات محمد علي التوحيدية حين صرح وزير خارجيتها آنذاك حين قال “لا بد من إنشاء كيان يفصل مشرق الوطن العربي عن مغربه”
و حسب رأيي المتواضع ان قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لا يعني أن الموضوع قد انتهى واصبحت القدس عاصمة اسرائيل كما يعتقد البعض فكما ذكرت أعلاه أنه تم رفض جميع دول العالم و الامم المتحدة و مجلس الامن و الاتحاد الاوروبي و هذا يعني ان قرار ترامب اصبح قرارا أحاديا هزيلا يخص اميركا وحدها فقط ومن الممكن أن يتراجع ترامب عن هذا القرار والدليل على كلامي هو الوثيقة التي حصلت عليها رويترز و التي هي وثيقة لوزارة الخارجية الأمريكية مفادها أن الولايات المتحدة تطالب إسرائيل بتخفيف ردها على اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، وذلك لأن واشنطن تتوقع رد فعل غاضبا، بحسب رويترز وإن الوزارة شكلت قوة مهام داخلية “لتتبع التطورات في أنحاء العالم” عقب القرار الأميركي بشأن القدس و هنالك بصيص أمل آخر وهو إن مجلس الأمن يبحث التصويت على مشروع قرار، طرحته مصر السبت، يدعو إلى إلغاء أي قرارات أحادية تتعلق بوضع مدينة القدس ويحظى هذا التحرك بتأييد غالبية، إن لم يكن جميع، الدول الـ 14 الأخرى في المجلس ولكن على ما اعتقد إن أميركا سوف تستخدم حق النقض (الفيتو) تجاه هكذا قرار حيث إن (الفيتو) يعطي الحق لأميركا برفض أي قرار يتفق عليه أعضاء مجلس الأمن و سوف أكرس مقالا آخر بخصوص (الفيتو) و الذي يعتبر مخالفا لمبادئ القانون الدولي فهو يجهض أي قرار يخالف مصالح الدول الخمس الكبرى والتي هي كل من أميركا و روسيا و الصين و فرنسا و بريطانيا و اعتقد اذا استخدمت اميركا حق النقض فسيتم نقل مشروع القرار الى الجمعية العامة في الامم المتحدة و حينها سوف تصدر الجمعية العامة قرار يلغي قرار اميركا الاحادي وذلك لأن تصويت الجمعية العامة ليس فيه حق النقض و جميع الدول سواسية على خلاف مجلس الأمن.