تعد القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية التي عقدت ( الثلاثاء ) والخاصة بتخفيض رواتب الرئاسات الثلاثة وأعضاء مجلسي النواب والوزراء وأصحاب الدرجات الخاصة لغاية مدير عام وبنسب تتراوح بين 30% – 50% , هي ذات مردودات معنوية أكثر من قيمتها المادية , حيث إن تلك التخفيضات كان من المفترض المباشرة بها منذ بداية العام الحالي ولكنها ستطبق ابتداءا من بداية الشهر القادم , بعكس الامتيازات التي كانت تمنح لهم بأثر رجعي , فقرار تخفيض الرواتب الذي تم اتخاذه سابقا والذي تم نقضه من قبل المحكمة الاتحادية وبدعوى قضائية تقدم بها في حينها السيد هوشيار زيباري وزير المالية الحالي كان بأثر رجعي , بمعنى إن من يعنيهم الأمر ردت إليهم جميع الفروقات منذ إيقافها على أساس إنها استحقاقات , ولا تشكل التخفيضات المقترحة برواتب المشمولين سوى نسبة قليلة سواء من مجمل الإنفاقات في الموازنة الاتحادية لسنة 2015 أو من مجموع التخصيصات للرئاسات الثلاثة وأصحاب الدرجات الخاصة , كما إن التخفيض شمل الرواتب دون التطرق إلى المنافع الأخرى التي يتمتع بها المشمولين والتي تكلف المليارات من التخصيصات , لفقرات متنوعة تتضمن الحمايات والمرافقين والمستشارين والمكاتب الفخمة والسيارات المدرعة أو الحديثة والأثاث الملكي والضيافة والعلاج والسفر والإيفاد والمقرات والمواقع متعددة الأغراض والتي غالبا ما تكون بأكثر من الدرجة الأولى وبكلف عالية , وان معالجة الاختلال في الموازنة الاتحادية ومعالجة العجز يتطلب إجراءات كبيرة وقرارات جريئة فيما يتعلق بمعالجة الترهل في الجهاز الإداري من درجة فراش إلى منصب رئيس الجمهورية , لان هناك بطالة مقنعة بشكل كبير كما إن هناك نفقات تمثل عبئا حقيقيا على الموازنة الاتحادية , فهناك أكثر من 4 ملايين موظف والمعاملات تنجز على طريقة السلحفاة إذا كتب لها المرور ولم تذهب إلى ( صحة الصدور ) التي تحولت إلى الأداة السحرية في إذلال المواطنين , ويضاف لهذا العدد العمالة الأجنبية العاملة في أمانة بغداد أو الشركات الأجنبية العاملة في مجال التنظيف والممرضات الهنديات وأطباء التخدير الذين تم استيرادهم من الخارج والبلد يئن من البطالة التي تصيب أكثر من 16% حسب إحصاءات التخطيط ,لذا فان الأمر اكبر بكثير من تخفيض رواتب فئة معينة قد تفسر بأنها وسيلة يمكن استخدامها للتجميل , فالأمر يحتاج إلى إجراء إصلاح حقيقي وشامل لتفعيل الاقتصاد العراقي من خلال إحياء وتشغيل قطاعاته وليس اللجوء إلى أساليب الاستقطاع والتخفيض التي لا تتعدى أن تكون حلولا ترقيعية عديمة أو محدودة التأثير , فهناك إمكانية لتشغيل الزراعة والصناعة والسياحة الدينية والاتصالات واستخدام الأجواء العراقية والاستفادة من الثروات المائية والطبيعية , وهي جميعا أهملت بعد سنة 2003 بشكل متعمد لهدر الثروات وإبقاء البلد ضعيفا ومتخلفا ويعاني من الأزمات , كما إن المعالجات يجب أن تؤكد على معالجة الفساد بأشكاله المتنوعة وإتباع الكفاءة في الأداء لتخفيض التكاليف , وهو ما يتطلب الإرادة الفعلية لوضع موازنة تستند إلى القدرات الحقيقية التي يجب تفعيلها في العراق عام 2016 وما يليها من سنوات وان لا تكون موازنة تقليدية يتم تكرارها كل عام على أساس ألأبواب , وهذا الأمر لا يمكن أن تنجزه وزارة المالية لوحدها بخبراتها وإمكانياتها من دون الاعتماد على الخبرات الوطنية النادرة الموجودة في مواقع متعددة ومنها الجامعات والمكاتب الاستشارية , فضلا عن استثمار خبرات العراقيين المقيمين في المهجر الذين صنعوا الانجازات في الخارج , ومن المؤكد إن أحلاما من هذا النوع صعبة التحقق حاليا لان الهدف الذي تم انجازه هو إظهار من شملتهم التخفيضات بالمضحين , بعد أن كان البعض ( يتهمهم ) بأنهم يقبضون أكثر مما يعملون , والأمر الذي يثير الاهتمام في هذا الموضوع فان البعض وصف قرارات التخفيض بالجريئة , رغم إن بعض المواقع الموجودة في الدولة حاليا أما مثل ( حجارة السيد مبارك ) بمعنى إنها لا تنفع ولا تضر أو إن عدم وجودها أفضل من وجودها بكثير .