23 ديسمبر، 2024 4:26 م

تحية لعمتنا … البغدادية

تحية لعمتنا … البغدادية

قد يستغرب البعض من اطلاق وصف ( العمة ) على الفضائية البغدادية , لكنها تسمية مستعارة من حديث الرسول المصطفى محمد ( ص ) الذي قال ( اكرموا عمتكم النخلة … ) , وسبب تشبيه البغدادية بالنخلة انها شامخة مثلها , فجذورها تمتد في عمق الاراضي العراقية ولا تسقط او تهتز عند هبوب الرياح العاتية كما ان سعفها يشكل فيئا يستظل تحته الفقراء والمظلومين ممن لا سقوف لهم , وهي مثمرة لأنها تقدم للمشاهد ما يساعده لبحث الحقائق ومعالجتها بطريقة تخلو من الراديكالية وصولا لحقوقهم المشروعة في العيش الكريم والتحرر من براثن الدكتاتورية والفساد , وهي لا تطمع بأكل او شرب فزادها الذي يمدها بالحياة هي شمس العراق ومياهه العذبة وارضه الطاهرة التي رويت بدماء الشهداء .

ان ما نراه في البغدادية هو عودتها بدون أية شروط واذعانات وعدم الخضوع لأية املاءات فابتدأت من جديدلكي تعوض ما فاتها خلال فترة الانقطاع , اذ عادت وعاودت لمشاطرة هموم الناس لا للبكاء على حالهم بل لإصلاحه لأفضل حال غير عافية على من سرق او اخطأبإهمال او تقصير او تلطخت ايديه بالدماء لكي ترد الحق لأهله العراقيين الطيبين , الذين يبحثون عن من يستحق قيادتهم ليوصلهم الى بر الامان بعد ان عاشوا عقودا في الجوع والحروب والحرمان , فلم ينعموا بما أغدق عليهم الخالق من ثروات كافية لجعلهم من أسعد الشعوب فهم اغنياء في خلقهم وإيمانهم وثرواتهم , ولكن يتم إفقارهم عن قصد تحت مسوغ الفساد والولاء لغير الوطن والخروج عن الواجبات الشرعية من باب الاستهتار .

لقد عادت البغدادية وعاد معها صوت العراقي الشريف المجروح الذي يبحث عن حياة كريمة بلا دماء او دموع , وفي عودتها لم تبحث عن إنتقام بل تفسيرا لما حصل وتسبب في إهدار المال العام وإنتشار النازحين في ظروف لا تليق بمكانة وطهارة العراقيين , وقد مدت يدها للحكومة الجديدة بعدما استشعرت بانها تحاول أن تمد يدها للناس لكي تذيقهم دفئا حرموا منه لسنوات , فحين تتكاتف الجهود الخيرة تتصافح الايادي الخيرة والنظيفة لتحقيق الامنيات وتخرج المنجزات وتمتلأ الارض خضارا جميلا تزينه الوان الورود التي تمثلها اطياف شعبنا العزيز , دون تمييز بين هذا وذاك على اي اعتبار خارج حدود المواطنة التي اساسها الشعور بالانتماء للعراق والتضحية في سبيله لوضعه في افضل المقامات .

ليس ما نقوله مدحا لها وانما تلمسا لأدائها استنادا لما يتابعه الجميع بعد العودة الميمونة , ولا نخاف عليها من هذه الكلمات او غيرها ان تصاب بالغرور , لأننا خبرنا واختبرنا اهدافها وتأكد للكثير ان نهجها خال من الغايات غير المشروعة والملذات , وربانها وطواقمه يجيدون السباحة وسط البحار , وكل ما نطلبه من نخلتنا ان تزيد من اهتمامها في جعل المواطن هو المسؤول ونتمنى ان تزيد دوره في برامجها من خلال اشراك الجمهور كطرف اساسي في النقاشات والحوارات ,لأن شعبنا قد سأم كلام المسؤولين وبعضهم يعرض نصف الحقائق من خلال الاسهاب في التفاصيل والعزوف عن ذكر الاسماء مما يبقي المواضيع مفتوحة لأنه (مسؤول ) وهذا لا يفعله المواطن عندما يكون محاورا لأنه يريد عرض الحقائق دون الاكتراث للتفاصيل .

تحية لعمتنا البغدادية وغيرها من الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى التي وضعت من الضمير بوصلة لها لخدمة الشعب والوطن خارج المنافع والامتيازات والإيرادات والاعلانات , فالربح عند الله والشعب هو أفضل من ربح الدينار والدولار وارضاء المسؤول والكتل والاحزاب , وتحية لمن يسير على المنهج الانساني لأمير المؤمنين ( ع ) ( لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه ) , ففي السفر الخالد لا يصح الا الصحيح وبإمكان رياح التغيير ان تسقط اوراق الخريف وان تقتلع اشجارا ولكن من تسلم من تلك الرياح اشجارا ثبتت مكانها في الارض لأنه زادها الذي تتغذى به وتنتمي اليه ومنها النخيل الشامخة , فالعبرة لمن يمتلك القدرة للوصول للهدف النهائي والثبات على الموقف , فالشاطر ليس من يستطيع الوقوف من دون سند حقيقي وانما من يبقى بثبات على الموقف حتى وان تم اسقاطه وتسقيطه لمرات .