23 ديسمبر، 2024 7:08 م

تحية تقدير ووفاء لاصحاب المولدات الاهلية فلولاهم لعشنا باكثر من جحيم

تحية تقدير ووفاء لاصحاب المولدات الاهلية فلولاهم لعشنا باكثر من جحيم

قد يلومني البعض في اختيار هذا العنوان لما يعانونه من اصحاب المولدات الاهلية بخصوص اسعار الامبير او عدد ساعات التشغيل ووجود ساعات وايام للتوقفات , ولكني اقتبس لكم هذا الخبر عن السيد وزير الكهرباء في حزيران 2012 اثناء زيارته لمحافظة البصرة العزيزة :

اعلن وزير الكهرباء عبد الكريم عفتان , ان وزارته ستتمكن من حل ازمة الكهرباء جذريا اواخر شهر تشرين الاول في عموم المحافظات , فيما دعا اصحاب المولدات الاهلية الى بيعها لمعامل الصلب كحديد خردة ( سكراب ) لاعتقاده بعدم حاجة العراقيين لها بعد العام الحالي , وقال الوزير في مؤتمر صحفي مشترك في مجلس محافظة البصرة ( ان العراق سيدق اواخر شهر تشرين الاول المسمار الاخير في نعش الظلام الذي خيم على البلد لاعوام كثيرة حيث ستحل ازمة الكهرباء كليا بما يؤمن تجهيز جميع المحافظات بالطاقة الكهربائية بلا انقطاعات ) .

وعلى افتراض اننا صدقنا هذا التصريح ورمينا المولدات في السكراب فما كان سيحصل ؟ والجواب واضح ومعروف وهو ان حاجة العراق الفعلية من الكهرباء ( بحسب تصريحات وزارة الكهرباء ) هو 16 الف ميكا واط ولكن المجهز الفعلي لايتجاوز 7000 ميكا واط وهناك عدد غير معروف من الميكا واطات تذهب للاستثناءات والتجاوزات , وهو ما يعني ان القدرة الحالية لتجهيز المواطنين لا يتجاوز 25% من الحاجة الفعلية رغم قطع خطوط ال400 عن بعض المحافظات بسبب الظروف الامنية التي يشهدها العراق , والعجز في الطاقة يتم تجهيزه من خلال المولدات الاهلية وغير الاهلية وهو ليس افتراءا على حبيبتنا وزارة الكهرباء ولكنه من ضمن اعترافاتها التي بثتها العديد من الفضائيات والتي تم فيها الاعتذار من المواطنين في عدم القدرة على تجهيزهم بحاجتهم من الكهرباء بسبب الظروف الامنية التي يمر بها العراق , والاعتذار قد لا يكون ثقافة وانما اما لجني الفوائد من نشر الاعلانات وهذه اللغة يفهمها العاملون بوسائل الاعلام .

وان توفير نسبة 25% وحتى لو 50% من الاحتياج الفعلي من الكهرباء يعني من ضمن ما يعنيه ان يتمتع المواطن ب 6- 12 ساعات بالكهرباء وقضاء الباقي من الساعات بالتصبب عرقا ولعن اللحظة التي ولد فيها في العراق , ولكن من يغطي ساعات العجز في التجهيز هي المولدات الاهلية , حيث يبلغ عددها عشرة الالاف في بغداد منها 9500 اهلية و500 حكومية وتنتج بمجملها 2880 ميكا واط في الساعة وتستهلك 66 مليون لتر من الكاز اويل حسب بيانات مجلس محافظة بغداد , اما عدد المولدات الانتاجية الاهلية المسجلة في عموم العراق فيبلغ 32 الف مولدة ويتوقع وجود اكثر من مليوني مولدة منزلية صغيرة تعمل على البانزين , كما توجد اعداد من المولدات في الوزارات والدوائر والشركات والمصانع والمزارع يتم تشغيل اغلبها خلال ساعات الدوام الرسمي , ويعتقد البعض ان عدم تشغيل المصانع الكبيرة وتوقف الاعمال بعد الظهر هي رحمة للعراقيين لانه لو تم العمل بنظام (الشفتات ) لحلت كارثة اخرى على العراقيين بخصوص الكهرباء , ففي الصيف تتم مفاتحة الوزارات الانتاجية للاعتماد على امكانياتها لتوفير الكهرباء .

ومما يثبت عدم وجود علاقة بين الظروف الامنية التي يشهدها البلد والقدرة الحقيقية في الانتاج والنقل والتوزيع لكامل احتياجات المواطنين من الكهرباء , هو ان الجهات الحكومية المعنية قد اعلنت عن قيامها بتجهيز الكاز المجاني لاصحاب المولدات الاهلية منذ بداية شهر حزيران وبمعدل 20 لتر لكل KV , وكما هو معلوم فان الاحداث في صلاح الدين والموصل وغيرها قد بدات بعد هذا التاريخ , وهو ما يعني ان امانة مجلس الوزراء كانت على علم ودراية بان ما يصدر من تصريحات من وزارة الكهرباء بان الصيف الحالي هو افضل من السابق ما هو الا عبارة عن امنيات او احلام اليقظة بسبب ضعف التنسيق بين الخطتين الانتاجية والوقودية , وتلك مسالة تطرقنا اليها في مقالات سابقة كما تناولتها وسائل الاعلام وباتت معروفة للجميع , ونود الاشارة هنا الى ان تخصيص 20 لتر كاز لكل( كي في) ليس امرا واقعيا مع وجوب التشغيل لاكثر من 10 ساعات يوميا لان اغلب المولدات الاهلية قديمة ومتهالكة ويتم تشغيلها بالترقيع .

وقد قامت مجالس المحافظات ومنها بغداد بتجهيز بعض المولدات للمناطق وتسعير الامبير الواحد بمبلغ 7000 دينار وهو ما اثار احتجاج اصحاب المولدات على اساس ان الكاز المجهز لا يكفي للتشغيل , لهذا لجاوا الى اساليب ملتوية وهو استخدام تسميات الخط الذهبي والماسي كذريعة لزيادة سعر الامبير , وفي بعض المناطق يكون السعر 25 الف دينار او اكثر للامبير الواحد الذي يؤمن التجهيز على مدار اليوم اي لمدة 24 ساعة يوميا , وبعض مجالس المحافظات عدت ذلك مخالفة فقامت باعتقال اصحاب المولدات بمساعدة الشرطة , ولكن المواطنين توسطوا لاطلاق سراحهم بعد ان حرموا من الكهرباء بسبب ضعف تجهيز الوطنية وغيابها لساعات طويلة من النهار والليل , وكرد فعل على ذلك تم اصدار قرارات تقضي بان يكون تجهيز الكاز بمعدل 30 لتر لكل KV بدلا من 20 لتر بشرط ان يكون انتاج المولدات لا يقل عن 12 ساعة مقابل 7000 دينار لكل امبير .

ومن باب الخوف او غيره فقد التزم اغلب اصحاب المولدات بذلك وخالف من خالف هذه التعليمات , ولكن المواطن وجد بان التجهيز في الصيف الحالي لا يكفي لهذا العدد من الساعات فطالب اصحاب المولدت بتشغيل اضافي وبغض النظر عن الاسعار فعادت الخطوط الذهبية والماسية باغطية شبه مشروعة , وكاجراء خجول من وزارة النفط فانها اصدرت تعليمات على لسان ناطقها الرسمي تقضي ببيع الكاز التجاري لاصحاب المولدات وبسعر 750 دينار لكل لتر وبواقع 5 لتر لكل KV ، وهو اجراء غريب بالفعل لانه رفع من اسعار الكاز في السوق السوداء لان هذا السعر يقارب ضعفه في السعر الرسمي وان السعر في السوق السوداء كان 550 دينار لكل لتر فارتفع لاكثر من 750 دينار مما اثر على مشتريات اصحاب المولدات المنزلية التي تعتمد على الكاز واصحاب السيارات التي تعمل بوقود الكاز ومنها سيارات الكيا واللوريات والحافلات وغيرها بشكل ترك تساؤلات عن اسباب اتخاذ هكذا قرارات .

لقد كلفنا فريقا لاجراء استقصاءا ميدانية للتحري من اصحاب المولدات الاهلية عن حاجتهم الفعلية للتشغيبل بما يابي احتياجات المواطن بضوء ساعات التجهيز الفعلية من الوطنية , وقد وردت اجابات متباينة ولكن المرجح منها بانه لو تم التشغيل من المولدات فعلا من دون اللجوء ( للتجطيل ) فان حاجتهم هي بحدود 40 -45 لترا لكل KV وان ذلك يعني اضطراهم لشراء بحدود الف لتر شهريا , ومن الاجابات التي وردت بان الكاز المجاني ليس مجانيا بالمعنى الحرفي لانه تترتب عليه دفع عمولات واكراميات وتسميات اخرى تكلف قدرا معينا من الاموال , كما وردت معلومات مهمة حول كلف الصيانة وتصليح العطلات فاسعارها مرتفعة جدا في الاسواق المحلية وقد ازدادت ارتفاعا بعد صعوبة توريد المواد للعراق عن طريق تركيا وسوريا والاردن بسبب الاحداث الجارية , وقال بعضهم بانهم في عملهم لايعولون على الارباح غير المغرية في الصيف وانما على الارباح في الاشهر الهادئة التي يزداد فيها تجهيز الوطنية وتقل فيها ساعات تشغيل المولدات .

والخلاصة التي يمكن ان نخرج بها , هي ان اصحاب المولدات رغم عدم الرضا الكامل عنهم الا انهم يقدمون خدمات لولاها لعاش العراقيون بجحيم يضاف للهموم التي تعيشها الاغلبية بمختلف مجالات الحياة , وصحيح ان المولدات الاهلية تستهلك اموالا من مدخولاتنا وتفتك بالبيئة وسنلعنها في يوم من الايام لتاثيراتها على الصحة العامة ولكنها البديل المتاح عن الفشل الذي تشهده الكهرباء الوطنية , ونعتقد بان الحكومة القادمة يجب ان تكون حازمة وجدية في ايجاد معالجات لمشكلات الكهرباء باحالتها الى الاستثمار الحقيقي او ولوج حل مناسب , لانه من باب الجهل الاقتصادي ان يكون هناك انفاقين حكومي وفردي على الكهرباء وبمليارات الدولارات سنويا والمشكلة تراوح مكانها من دون حلول , اخذين بنظر الاعتبار ان سنة 2006 قد شهدت وضع افضل خطة للكهرباء وتم الشروع بتنفيذها وتوفير متطلباتها وكان المفترض ان تشهد بداية سنة 2014 نهاية الازمة , ولكن واقع الحال هو الذي اضطرنا لنطلق عبارات التقدير والوفاء لاصحاب المولدات الاهلية رغم العديد من الملاحظات ونحن في النصف الثاني من العام الموعود .