يقول القائلون , ويرى المتوهمون , ويصرّح المنحرفون , ويدّعي المدّعون , ويتبجح المراؤون , لكن الحقيقة الساطعة , أن مصر هي قلب العروبة وعقلها , وبدونها يفقد العرب قيمتهم ودورهم الحضاري والإنساني.
وما أصاب العرب من نواكب بسبب عزلهم لمصر , وظنهم بأنهم بدونها سيتمكنون من صناعة الحياة الحرة الكريمة , فوجدتهم يتبعثرون ويتناحرون ويُفترَسون.
وبعد العواصف الديمقراطية الغبارية التي هبّت على الدول العربية , وما داهمها من تداعيات ودمارات وصراعات خسرانية , نهضت مصر لتعيد للأمة جوهرها وذاتها وهويتها , وقدرتها على بناء الحاضر والمستقبل اللائق بها.
إنتفضت مصر بطاقاتها الحضارية العروبية الإنسانية, لتعلن أن الأمة حيّة كائنة في ضمير المكان والزمان , وأنها لتساهم في إشراقة الوجود الأرضي , رغم أهوال التحديات وزوابع العاديات , التي أريد لها أن تتبرقع بالدين.
مصر التي أدركت بوعيها المعرفي أن الديمقراطية نظام إقتصادي كالرأسمالية والإشتراكية , ولا يمكنها أن تكون تخريفات حرية رأي , وتعبيرات سلبية عن الشرور والضغائن والبغضاء والكراهية , وإراقة الدماء والإقتتال على الكراسي , والتسابق على نيل الوكالات من ذوي المصالح والمشاريع , والتطلعات المناهضة لإرادة الوطن والإنسان العربي.
نعم إن الديمقراطية فكرة إقتصادية قبل كل شيئ , وبدون المشاريع الإقتصادية , والنشاطات اللازمة لتنمية القدرة الشرائية للإنسان , لا قيمة لها ولا معنى , فهل وجدتم دولة ديمقراطية بلا مشاريع إقتصادية ذات مردودات إستثمارية وتنموية؟!
إن الديمقراطيات المفرّغة من جوهرها الإقتصادي هي التي أزرت بالواقع العربي المعاصر , لكن إدراك مصر لفحوى الديمقراطية الإقتصادي , سيُطلق صحوة عربية تسترّد الوعي الوطني , وتساهم في مراجعات جادة لما تخبطت فيه الدول المصابة بالطاعون الديمقراطي الرهيب , الذي أحالها إلى حطام وركام ودمار وخسران.
ومصر القدوة في مفردات الديمقراطية الصالحة للمجتمع العربي , بدأت طريق معالجة العقول والنفوس , بدواء البناء وإنجاز المشاريع , التي تبعث الثقة في أعماق الروح العربية , وتستنهض العربي من وحل الإحباط والهزيمة والشعور بالإنكسار.
وما إنجاز مشروع قناة السويس الثانية في 682015 , إلا خطوة جريئة ذات طاقات شفائية وإستصلاحية للنفس العربية , وبتواصل أمثالها من المشاريع ستستعيد الأمة ثقتها بنفسها , وتسترد رشدها السلوكي , وتكون في عصرها , وستحقق طموحاتها المشروعة , وتنتصر على أغوال الشرور وأهوال السجور.
تحية لمصر قدوتنا وقائدتنا إلى مرافئ العزة والكرامة والإباء!!