عندما نحلل المواجهة بين العرب وإيران نرى أن إيران هي السباقة دائماً لإختلاق المشاكل والعقبات والتدخل في شؤون العرب كدول ومجتمعات ، وعادة يكون موقف الدول العربية أما بغض النظر عن هذه التدخلات أو بالتنبيه بطرق المجاملة أو عن طريق التمثيل الدبلوماسي وفي أحسن الأحوال الدفاع عن النفس ، ولم تلجأ الدول العربية أو المثقفين العرب أو المفكرين السائرين في مشروع المواجهة لمشروع الإمبراطورية الفارسية الى تبني إسلوب الهجوم رغم أننا نسمع كثيراً أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم ، ورغم التجارب المريرة للعرب والمسلمين مع إيران ، ورغم إنكشاف النوايا الشريرة لها ، فلم يمتلك العرب في التأريخ المعاصر مشروعاً لمواجهة هذا الشر القادم اليهم من إمبراطورية عبدة النار ، وكانت مواقفهم عبارة عن ردود أفعال ، ولكن هذا الوضع قد تغير بظهور قيادات فكرية تتبنى مشاريع المواجهة وتستنهض الأمة وتفضح الطرف المقابل ، وتمكنت من إيجاد مشروع مواجه يمتلك رؤية واضحة له أتباعه المؤمنين به سواء من الدول أو الشعوب أو المثقفين والمفكرين ، ونجح أصحاب هذا المشروع في إعادة الثقة بالنفس للعرب والمسلمين وفي بيان وهن البيت العنكبوتي الإيراني ، وعلى هذا بدأت المواجهة التي ظهر فيها خوار إيران وضعفها وتهالكها فكثرت الضربات الموجهة لها لتدخلها في المنطقة في البحرين واليمن والسعودية وكما متوقع أن يحدث قريباً في سوريا والعراق . وقد ظهر تحولاً جديداً في سياسة المواجهة حيث التحول من وسيلة الدفاع الى الهجوم لضرب رأس الأفعى بدلاً من قطع ذنبها ، وظهرت عدة شواهد على ذلك منها دعوة المرجع العربي الصرخي الحسني حول إنتهاكات إيران بحق الأقليات بالداخل وممارستها في الجوار ، بحسب ما جاء على لسان المتحدث الرسمي بإسم المرجع العراقي طالب الشمري قائلاً ( إيران حكمت وتحكم الشعب الإيراني بقبضة من حديد ونار حيث سلطت عليه الإطلاعات ومليشيات البسيج المرتبطة بالنظام والمحامية عنه ومواجهة كل صوت معارض لها ورافض لسياستها القمعية بحق معارضيها من الأقليات غير الفارسية كالعرب والبلوش وغيرهما ، كما أنّها تفتعل الأزمات والصراعات المذهبية والعرقية في الدول المجاورة لها كل ذلك من أجل تنفيذ مشروع توسعي إمبراطوري وكما صَرَّحَتْ عنه مؤخرًا بإنشاء إمبراطورية فارسية وعاصمتها بغداد )
وحول أبرز الإجراءات التي من الممكن تفعيلها على المستوى الداخلي في إيران لتحجيم ممارساتها قال : ( يكون ذلك عبر الدعم للأقليات المظلومة المقهورة غير الفارسية ماديًا ومعنويًا وتمكينها من المطالبة بحقوقها ومواجهة النظام ومنهجه ، والوقوف معهم في المحافل الدولية لإنتزاع قرارات دولية تحقق لتلك الأقليات الإستقلال والأمن والحرية بحماية دولية ، ومنع إعتداءات إيران وعنجهيتها وغطرستها وأجهزتها القمعية ، وتأمين ممارسة الطوائف والأقليات حقوقهم القومية والوطنية والدينية وحقهم في حرية التعبير والفكر والمعتقد ، ودعم المعارضة الداخلية وكل صوت حر يرفض منهج وسلوك النظام وجبروته وطغيانه ومشروعاته ) .
وكذلك فإن الدول العربية بدأت تستوعب اللعبة وكيفية ضرب العدو في جحره ، وما وقف المساعدات السعودية الى لبنان إلا دليلاً واضحاً على تغيير النهج بأن تكون المبادرة من قبل المشروع العربي ويكون الدفاع من المشروع الفارسي لإعادته الى مواقعه الأولى ، بل أكثر من ذلك السعي الى تحرير الكثير من المظلومين كالعرب والبلوش وغيرهم من التعسف الإيراني ، ولتدور الدوائر عليها ويكون هذا ما جنته إيران من جراء تبني مشروعها في تصدير ثورتها اللاإسلامية لتمزيق البلدان العربية والإسلامية ولتتوقع إيران من الدول العربية والإسلامية أن تصدر لها ثورة الإسلام الحقيقي لتحرير الشعوب المظلومة كما فعل أجدادنا عندما أدخلوا نور الإسلام الى بلاد فارس وأطفئوا نار المجوس .