23 ديسمبر، 2024 1:21 ص

تحول الماوية …. وعادل عبد المهدي

تحول الماوية …. وعادل عبد المهدي

لم تكن التجربة الماوية الصينية، فريدة في العالم الاشتراكي، بل كانت واحدة من أكثر التجارب تطرفا، في تطبيق الاشتراكية بحذافيرها في المجتمع الصيني.

هذه التجربة لم تفقد بريق ظهورها الأول، ومازالت عالقة في الفكر الحضاري الصيني، وأثارها بادية للعيان.

ف ماو أراد أن تكون ثورته، صورة طبق الأصل، للأهداف والمفاهيم الاشتراكية، المكتوبة بحذافيرها، دون الخوض في فعالية تحويل تلك النظريات، على أرض الواقع.

الفرق الشايع بين النظرية والتطبيق، أدى الى انتكاسة كبيرة في الاقتصاد الصيني، نتيجة النظام الشمولي ,القائم بالتدخل في أدق تفاصيل الحياة والمجتمع الصيني.

مما ولد، عجزا في توفير أبسط مقومات الحياة، وأعني هنا الطعام لملايين من الصينيين، المنبهرين بتطبيق هذه التجربة، لكن الواقع المرير، هو فقدان الصين لملايين من سكانها بسبب الجوع، بسبب تحول ملكية الأراضي والزراعة الى الدولة والشعب، وتوزيعه بمعرفتها حسب ما تقول الماوية.

فقدان الهدف والأمل والسيطرة المطلقة للحزب الشيوعي الصيني والانقياد الأعمى من قبل الملايين أدى بالبلاد الى حافة الهاوية.

ولم تنفع تلك المحاكم الصورية للكثير من كوادر الحزب، الحاكم والقائهم اللوم عليهم وعدم قدرتهم، على تطبيق تلك النظرية بأن ينقذ البلاد من ذلك الواقع.

لكن في خضم هذه الأحداث، مات (ماو) الرجل الذي لم يستطع أحد أن يعارضه او يناقشه، قامت القيادة الصينية، بعدها وبشكل مباشر باجتثاث، من بقي من قادتها مطبقا للنظرية الماوية بشكل حرفي، وأستبدل بكادر جديد يؤمن بالاشتراكية، بمفهوم مغاير، هو الانفتاح الاقتصادي، وحرية انتقال وتشغيل رأس المال، بما لا يتعارض مع مصالح الدولة.

وحققت الحكومة هدفها بما يسمى بالمرحل الثانية من (الماوية) بالمركزية مع حرية العمل، لتحقيق نتائج أفضل، عندها تفاجئ العالم بظهور التنين الصيني الذي غزا وبشكل سريع العالم ببضائعه ومنتجاته ومشاريعه في كافة أنحاء العالم بدعم حكومي للنجاح.

فأصبحنا نرى أن المشاريع ورأس المال الصيني، وصل الى مناطق نائية من أفريقيا (كشركات الاتصالات الصينية) وبناء السد والمحطات الكهرومائية العملاقة وصناعة السف وغيرها من الصناعات الضخمة كما تسارعت الخطى لتنظم الصين الى نادي الفضاء بأطلاقها عدد لا بأس به من الأقمار الصناعية الصينية، بل أصبح معدل النمو الاقتصادي في الصين واحد من اعلى معدلات النمو في العالم بالرغم من العدد الهائل لسكانه.

سادتي الأكارم كل هذا لم، يحدث لولا التحول الاقتصادي، ورفع الضغط عن كاهل الحكومة، وتحولها من حاضنة لكل متطلبات الفرد من صغيرة وكبيرة، الى داعمة لمشاريع وأفكار اقتصادية ناجحة، والسماح بظهور رأس المال والصناعات الخاصة، التي تمتص البطالة وتنعش الاقتصاد، بالإضافة الى أنها ترفع جانب كبيرا من العبء المادي، الملقى على كاهل الدولة، وتدخل في ميزانيتها كثير من إيرادات الضرائب، وغيرها من الأرباح.

ونحن في العراق اليوم، نحتاج الى ثورة اقتصادية كبرى، كي نتحول من دولة أحادية الريع (النفطي) الى دولة متعددة المداخل، كالصناعة والتجارة والزراعة.

وبالتالي، نشهد طفرة في الاقتصاد العراقي أن تحقق كل هذا، وما يشير اليه رجل الاقتصاد العراقي السيد عادل عبد المهدي في دراساته الاقتصادية المنشورة وما يدفع باتجاهه بحكم كوزير لأهم وزارة اليوم في العراق (النفط)، فهل يستطيع أن يتغلب بفكره الاقتصادي على المشاريع والأفكار الجامدة، المقيدة للاقتصاد العراقي اليوم. سؤال ستتم الإجابة عنه في المستقبل القريب.