يشهد الوضع السياسي تحولات كثيرة ومهمة ، ويعيش تبدلات واضحة سواء في داخل أطار الحركات والكتل السياسية ، او فيما بين بعضها البعض الاخر ، وبعد مرور اكثر من ثلاثة عشر عاماً على التغيير ٢٠٠٣ ولحد الان ، فان جملة من المتغيرات والاصطفافات حدثت ، فتبدلت وتغيرت المواقف وحصلت مستجدات في عموم المشهد السياسي ، كما شهد تباين وتراجع واضح في العلاقة بين القوى السياسية ، خصوصاً وان التحالف الوطني هو الاخر تحول الى تخالف ،سيما ان الكيانات السياسية حملت صراعات داخلية بين مكوناتها ، الامر الذي جعل خارطة الحركة السياسية تتغير وفقاً لهذه الصراعات والمتغيرات . الوضع الإقليمي هو الاخر كان ومازال الجانب المؤثر على هذه التحولات ، مه وجود التسويات القائمة في المنطقة ، ووجود الملفات المتداخلة ، واهتزاز بلدان وسقوط حكومات تحت عنوان ما سمي “الربيع العربي” ، ومادة هذا التحول هو الصراع الطائفي ، اذ كان حاداً وعنيفاً في جوانبه ، كما حصل في سوريا واليمن ، اذ كان الصراع واضحاً جداً ، كما هو الحال في العراق وتأجيج الصراعات الطائفية ، وهو ما يعد تمهيداً لخارطة جديدة في الشرق الأوسط ، فالوضع في العراق ليس باحسن حال من الأوضاع في اليمن وسوريا ، فالكتل السياسية متشظية ، وازمة ثقة حاضرة بين الجميع ، وعدو داعشي يترقب الفرصة للانقضاض وتوسيع رقعة نفوذه ، فالسنة العرب بين من يعتاش على داعش ، وبين من هرب من داعش ، وبين من هرب من جحيم موت بطيئ ، وبين من يتحكم بحركة تنظيم داعش في البلاد وخيوطه ، فالسنة العرب عموماً يعيشون في منطقة الحرام ، اي خارج جغرافية وجودهم ، وبين فوهات بنادق الارهاب وتحريرهم . الوضع الكردي هو الاخر تعرض لاهتزازات داخلية ، سيما مع ترافقه مع الانخفاض اللافت لإشعار النفط ، وتراجع الاقتصاد في اقليم كردستان ، ناهيك عن الخلاف السياسي بين المكونات الكردية وصراعها على السلطة والنفوذ .الوضع السياسي عموماً معرّض للاهتزازات ،خصوصاً مع التظاهرات التي دعا لها الصدر ، والتي غيرت مسار بعض المواقف السياسية ، وصعّدت من نبرة الصراع السياسي بين القوى الشيعية تحديداً ، خصوصاً وان السيد العبادي رافض لمبدأ الصدر في التغيير ، فمثل هذه التظاهرات الظاغطة والتي يسعى الصدر واتباعه الى فرض الامر الواقع على التحالف الوطني ، وحزب الدعوة تحديدا ، والتي يُتهم فيها سيطرته ونفوذه على موسسات الدولة جميعها ، لهذا فان الموقف سائر نحو المد والجزر ، وان هذا الصراع هو لإثبات الوجود للقوى السياسية المتصارعة ، وان هذا الصراع ما هو مخاض عسير لوضع سياسي جديد ، وتسويات تاريخية جديدة في البلاد . ما تعرضت له العملية السياسية ومنذ اثنا عشر عاماً ، كان بفعل الجهل السياسي للحزب الحاكم ،ومحاولة الاستيلاء على مقاليد الحكم في البلاد ، وإيجاد رؤية جديدة ، وتغيير للنظام السياسي الحالي من خلال انقلاب على النظام البرلماني وتحويله الى حكم الحزب ألواحد ، بل يتعدى الى التحكم بجميع مفاصل الدولة من هيئات ووكالات ومفاصل اخرى ، وفرض الامر الواقع ، وان اي قول يعارض فانه يستهدف عملية الإصلاح المفترضة والوهمية . اعتقد وكما يراه المحللين ان من الضروري وجود رؤية مشتركة في داخل القوى السياسية ، وان يسعى الجميع لإيجاد هذه الرؤية ، خصوصاً في الوضع الشيعي ، اذا ما وصلنا الى قناعة ان هناك أزمة ثقة ، وتفرد بالسلطة والنفوذ ، كما ان الوضع الحالي يتيح لنا ان ندعوا الى تشكيل كتلة قوية ورائدة ،وتكون عابرة للطوائف والقوميات ، وان تتحمل مسؤلياتها في بناء موسسات الدولة ، وايقاف التفرد بالسلطة ، وغلق ملف الوكالات ، كما ان من الضروري دعوة القوى السياسية جميعها الى المواطنة الصالحة ، ومكافحة الفساد ، وتطويق مكان وجوده ، والحفاظ على الدستور كونه الوثيقة الرسمية التي تحفظ حقوق المواطن العراقي ، ومعالجة الثغرات وبآليات قانونية ودستورية ، كما يجب الدعوة الى ايجاد ميثاق شرف وطني وإعلامي للقوى السياسية ينضم العلاقة بين القوى السياسية ، وتوحيد الجهود جميعها من اجل مكافحة الارهاب الداعشي ، واعتبارها التحدي الابرز والتمسك بوحدة العراق أرضاً وشعباً .