المقدمة
الوقود الأحفوري : هو وقود يُستعمل لإنتاج الطاقة , ويُّستخرج من باطن الأرض كالفحم الحجري، الفحم، الغاز الطبيعي، ومن النفطالخام , وتُّستخرج هذه المواد وتحترق في الهواء مع الأكسجين لإنتاج حرارة تستخدم في كافة المجالات .
ولا يزال الوقود الأحفوري يمثل أكثر من 80 بالمائة من إنتاج الطاقة العالمي ، لكن مصادر الطاقة الأنظف تزداد قوة , حوالي 29 بالمائة من الكهرباء تأتي حاليًا من مصادر متجددة.
ويعدّ النفط من الموارد الاقتصادية الحيوية في العديد من الدول، ومن بين هذه الدول العراق، الذي يمتلك احتياطيات هائلة من النفط الخام,ورغم ثرواته البترولية، يعاني العراق من تبعات عدة تجعله بحاجة للتنوع, في اقتصاده والتخلص من الاعتماد الشديد على النفط.
أهداف البحث :
يهدف هذا البحث المختصر إلى تحليل الواقع الاقتصادي في العراق بعد انتهاء الاعتماد على البترول، ومعرفة التحديات التي تواجهه، والفرص المتاحة لتنويع مصادر الدخل .
فقد توصلت الدول المجتمعة في قمة المناخ 28 المنعقدة في دبي بالإمارات، خلال الجلسة العامة الختامية الأربعاء 13 كانون الأول 2023، إلى اتفاق تاريخي بشأن التوجه نحو التخلي بشكل تدريجي عن استغلال الوقود الأحفوري.
ويهدف الاتفاق الذي توصل إليه ممثلو ما يقرب من 200 دولة في مدينة دبي الإماراتية، بعد مفاوضات شاقة لأسبوعين، إلى توجيه رسالة قوية إلى المستثمرين وصناع السياسات مفادها أن العالم متحد الآن في الرغبة في التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري، وهو أمر يقول العلماء إنه آخر أمل لدرء كارثة التغير المناخي.
نتائج البحث :
الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز، هو إلى حد بعيد أكبر مساهم في تغير المناخ العالمي، إذ يمثل أكثر من 75 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية وحوالي 90 في المائة من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
العلم واضح: لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ، يجب خفض الانبعاثات بمقدار النصف تقريبًا بحلول عام 2030 والوصول بها إلى مستوى الصفر بحلول عام/ 2050 .
ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى التخلص من اعتمادنا على الوقود الأحفوري والاستثمار في مصادر بديلة للطاقة تكون نظيفة ومتاحة وفي المتناول ومستدامة وموثوقة.
أولاً :عراق بلا بترول !!!.
بغض البصر عن ما أطلقته مفاوضات كوب28 بشأن التبدل المناخي الرامية الى تخفيض استهلاك البترول الأحفوري وإنتاجه، بأسلوب عادل ومنظم ومنصف، بهدف تحري الحياد الكربوني بحلول عام / 2050 ، فأن ذلك يشكل انذار قبل فوات الأوان وشديد الحساسية للدول الريعية التي تعتمد اعتمادا كبيراً على البترول , وفي مقدمتها العراق الذي يهيمن فيه البترول على اكثر من نصف الناتج الإجمالي وعلى 99 بالمائة من اجمالي الصادرات وعلى 95 بالمائة من الإيرادات العامة.
وهو منشأ الكسب الأساس والممول والمحرك للأنشطة الاستثمارية في العراق, تحت ضعف شبه كامِل للأنشطة السلعية كالزراعة والصناعة , والتخلف المريع في القطاعات الخدمية والتوزيعية.
واذا ما غادر العالم يوم ما البترول , او اذا ما نضب البترول وهو مورد غير متجدد, سوف تكون النتائج كارثية علينا :
اذ ستختفي الصادرات النفطية ويهبط تبعا لهذا الإيرادات النفطية , ويقل معدل الميزانية العامة السنوية الى اقل من عشرة مليارات دولار , وسينهار الدينار العراقي , وتتدنى الدخول الحقيقية للموظفين وأصحاب الدخول الثابتة , وستتفاقم البطالة والفقر , وسيصاب الاستثمار العراقي بالشلل الكامل .. وسيكون الحال أسوأ بشكل أكثر من الذي عاناه العراق في زمن (الحصار الاقتصادي 1990 –2003).
ومن هنا يجيء لزوم التحسب والعمل الجاد في اطار تدبير إنماء حقيقي , يوُّظف فيها جزء كبير من الإيرادات النفطية لتنويع اقتصاد الدولة وتنشيط القطاعات الأخرى غير النفطية , وعدم وضعه تحت رحمة سلعة واحدة ناضبة تخطط الدول العظمي الاستغناء عنها مستقبلا.
ثانياً : ماذا سيحل بنا ؟.
عند إلغاء استخدام الوقود الأحفوري في العراق، سوف تواجه البلاد تحديات وفرصًا جديدة منها :-
ستتأثر العديد من القطاعات في البلاد بشكل كبير، بدءًا من النقل وصولاً إلى الطاقة والاقتصاد, في هذا المقال، سوف نناقش تأثير الانتقال إلى مصادر طاقة مستدامة على وضع العراق ما بعد إلغاء استخدام الوقود الأحفوري.
إن الانتقال إلى مصادر الطاقة المستدامة في العراق بعد إلغاء استخدام الوقود الأحفوري يشكل تحديًا كبيرًا وفرصة لتطوير البلاد وتحسين وضع المواطنين.
كما إن تأمين مصادر الطاقة البديلة وتطوير البنية التحتية اللازمة سيدعم الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل جديدة ويساهم في حماية البيئة.
في الوقت نفسه، تحتاج الحكومة العراقية إلى اتخاذ إجراءات فورية لتشجيع الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة وتحقيق التحول اللازم نحو الاستدامة , فقط من خلال هذا الالتزام والتنفيذ الجاد، يستطيع العراق أن يحقق مستقبلاً يعتمد على الطاقة المستدامة ويرفع مستوى حياة شعبه.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة والسياسي البرتغالي “أنطونيو غوتيريش1949”، أن عصر الوقود الأحفوري: “يجب أن ينتهي”... وقال “غوتيريش” في بيان له : “عصر الوقود الأحفوري يجب أن ينتهي، ويجب أن ينتهي من خلال تحقيق العدالة والإنصاف”.
ثالثاً : التحويل إلى الاقتصاد المعرفي :
يجب على العراق الاستفادة من مصادره الثروة الأخرى مثل الطاقة المتجددة، والزراعة، والسياحة الدينية والإثارية ، والتعدين، والتكنولوجيا, ينبغي أيضًا تحسين البيئة الاستثمارية وتقديم الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة.. أضف الى ذلك التحديات الاقتصادية :-
رابعاً : الطاقة المتجددة وفرص العمل الجديدة
كل دولار يُستثمر في أصول الطاقة المتجددة سوف ينتج ثلاثة أضعاف الوظائف المستحدثة في قطاع الوقود الأحفوري, و تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يفضي التحول إلى صافي انبعاثات صفري إلى زيادة عامة في وظائف قطاع الطاقة.
في حين يمكن فقدان حوالي 5 ملايين وظيفة في مجال إنتاج الوقود الأحفوري بحلول عام/ 2030، سيتم استحداث حوالي 14 مليون وظيفة جديدة في مجال الطاقة النظيفة، أي كسب 9 ملايين وظيفة.
بالإضافة إلى ذلك، ستتطلب الصناعات المتعلقة بالطاقة 16 مليون عامل إضافي، على سبيل المثال لتولي أدوار جديدة في تصنيع السيارات الكهربائية , والأجهزة عالية الكفاءة , أو في التكنولوجيات المبتكرة مثل الهيدروجين.. وهذا يعني أنه يمكن خلق أكثر من 30مليون وظيفة في مجالات الطاقة النظيفة والكفاءة والتكنولوجيات قليلة الانبعاثات بحلول عام/2030.
سيكون تحقيق تحول عادل ووضع احتياجات الناس وحقوقهم في صميم التحول الكبير، أمرًا بالغ الأهمية لضمان عدم تخلف أحد عن الركب. لطاقة المتجددة وفرص المجهود العصرية.
خامساً : الذكاء الاصطناعي والبترول
في العقود الماضية، شهدت التكنولوجيا تطورًا كبيرًا جعل الذكاء الاصطناعي (AI) واحدًا من أبرز الابتكارات التكنولوجية في العصر الحالي.
و يستخدم الذكاء الاصطناعي نماذج رياضية ومجموعات بيانات هائلة لاكتساب المعرفة واتخاذ القرارات، ويقوم بتنفيذ المهام المعقدة والمتجددة بشكل أكثر كفاءة من الإنسان, وبفضل استخدامه الشامل في مجموعة واسعة من الصناعات.
ومن بين العديد من الشواهد التي تدعم فوائد الذكاء الاصطناعي، هناك نقطة تتصل باستخدام النفط. فالنفط عبارة عن مصدر للطاقة غير متجدد ويسبب التلوث البيئي بشكلٍ كبير, علاوة على ذلك، تعتمد العديد من الصناعات على النفط ومنتجاته، مما يجعله ضرورياً وصعب الاستغناء عنه.
ومع ذلك، يمكن أن يؤدي تقدم التكنولوجيا وتطور الذكاء الاصطناعي إلى تخفيف الاعتماد على النفط وتلغي استخدامه بشكلٍ جزئي أو حتى كلي.
أحد التطبيقات المباشرة للذكاء الاصطناعي التي تؤدي إلى تخفيض استخدام النفط هو في مجال النقل. فالنفط يستخدم في وقود السيارات والشاحنات التي تعتمد على الحركة بالاحتراق الداخلي, ومع ذلك، يتم تطوير العديد من تقنيات النقل الصديقة للبيئة بفضل الذكاء الاصطناعي، مثل السيارات الكهربائية.. تستخدم هذه السيارات بطاريات قابلة لإعادة الشحن بدلاً من الوقود التقليدي، مما يقلل استهلاك النفط وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير نظم النقل العام الذكي وتحسين تدفق الحركة المرورية، مما يؤدي إلى تقليل الاحتياجات الوقودية ووقوع الازدحام المروري.
علاوة على ذلك، يمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الطاقة، وهنا نذكر مجال الطاقة المتجددة, فالتكنولوجيا الحالية تعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة غير المتجددة مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي.
ومع ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز استفادتنا من مصادر الطاقة المتجددة بشكلٍ أفضل وأكثر كفاءة, و يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الشبكات الكهربائية في تحديد الطلب الفعلي على الطاقة وتنظيم استخدامها، مما يقلل من هدر الطاقة والحاجة إلى استخدام مصادر الطاقة غير المتجددة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تجاوز استخدام النفط في مجالات أخرى مثل صناعة الإلكترونيات والتكنولوجيا الرقمية, فجميع هذه الصناعات تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، والتي غالبًا ما تكون مشتقة من النفط، سواء كان ذلك في إنتاج الكهرباء المستخدمة أو في الإنتاج الذاتي لتلك المنتجات.
ومع ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم تقنيات أكثر كفاءة في استخدام الطاقة وإنتاج المنتجات بشكلٍ أكثر ذكاءً، عن طريق تحسين التصميم والإنتاج والاستخدام.
على الرغم من الفوائد المحتملة في تقليل استخدام النفط، يجب أيضًا أن ننظر إلى بعض التحديات المصاحبة للاعتماد الشامل على الذكاءالاصطناعي لإلغاء استخدام النفط, قد يشكل استخدام الذكاء الاصطناعي في بعض الصناعات تكلفةً عاليةً، وربما يكون بحاجة إلى بنية تحتية واسعة النطاق ليتم تنفيذه بشكلٍ فعال, بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن الاستغناء عن النفط في كل الصناعات، مثل الصناعات الكيماوية التي تعتمد بشكل كبير على النفط في إنتاجها.
الخلاصة:
تواجه العراق تحديات اقتصادية بالغة بسبب اعتماده المتطرف على النفط, ومن خلال المصادر المتاحة الأخرى وتنويع الاقتصاد، يمكن للعراق أن يحظى بفرص جديدة ويتحقق من التنمية المستدامة, إن تحقيق هذا التحول يتطلب تحسين الإدارة الاقتصادية ومكافحة الفساد، إلى جانب توفير البيئة الملائمة للاستثمار وتعزيز البنية التحتية وتوفير فرص العمل الكافية للشباب.
بعد أن توقف راشد عن الزراعة وصيد الأسماك بسبب , جفاف الأهوار وشح المياه القادمة الينا من تركيا وأيران وسوريا , سوف يتوقف الدكتور/ علي العلاق عن بيع الدولار في سوق العملة وتتوقف النافذة الواحدة , ويتوقف معها أكثر من 80 مصرف , ومئات شركات التوسط ببيع وشراء العملات الاجنبية في بغداد والمحافظات , ومكاتب الصيرفة التي تتعامل بالدولار.. وهذا ما يضر دول الجوار التي تعتاش على الدولار العراقي, نتيجة توقف نشاط شبكات التهريب والمضاربة.
على الرغم من تكتم – البنك المركزي العراقي– على اسماء بعض المصارف المشاركة بمزاد بيع العملة الاجنبية، وسط اتهامات ومعلومات عن هيمنة مصارف معينة على مزاد بيع العملة دون غيرها.
بالإضافة الى توقف العمل بتمويل البطاقة التموينية المدعوم حكومياً , كذلك رواتب الحماية الاجتماعية لـ أكثر من 7 مليون شخص ,على شكل رواتب مالية ومعونات شهرية للعاطلين عن العمل والأرامل والأيتام، علماً أنّ الراتب الواحد لا يزيد عن 180 ألف دينار عراقي (نحو 120 دولاراً) .
وبالتالي يضعف المستوى المعيشي للمواطنين, ويتوقف السفر الى أيران وسوريا.. ومعها يتوقف حجي حسوني عن نشر إعلاناته على صفحته في الفيس بوك , والتي يدعوا فيها الناس الى قضاء أمتع الأوقات في ربوع دمشق وشيراز وأصفهان.. وبالتالي لا يوجد من يسافر الى أيران لغرض السياحة وتلقي العلاج , إلا ما ندر… فيتوقف أطباهم ومطاعمهم وفنادقهم والأدلاء الطبيين والسياحيين ومترجميهم عن العمل , بما فيهم أم علي المياحي, ورؤيا, والعلوية شيرين, والست مينو.
المصادر:
Iraq Economic Monitor: Toward Economic Diversification (World Bank) *