لا يوجد في السياسة صديق دائم ولا عدو دائم، ولكن يوجد مصالح دائمة، هذا المنطق هو المنهج الذي تُبنى عليه السياسة، حتى إن العلاقات بين الدول قائمة على أساس المصالح المشتركة، وهذا يعني انه لا يوجد ثوابت في عالم السياسة، فكل شيء قابل للتغيير وفقا للمصالح، وهذه القضية باتت من البديهيات يدركها السياسي وغيره، لكن في العراق بلد الغرائب والعجائب، نجد أن هذا المنطق غائب تماما عن ذهنية ومنهج ساسة الصدفة، فلا علاقة العراق مع الدول قائمة على أساس المصالح المشتركة، وإنما على أساس المصالح الشخصية للسياسيين وأسيادهم، أضف إلى ذلك انه يوجد ثوابت مشتركة، هي المصالح الإيرانية فقط وفقط، ويوجد صديق دائم وهو الذي يتحكم في سياسة العراق الداخلية والخارجية، ذلك الصديق هو إيران، ويوجد عدو دائم هو من لا ينبطح للمشروع الإيراني.فالحكومات التي توالت على حكم العراق خاضعة بصورة مطلقة لإرادة إيران فهي من تتحكم في العراق وترسم سياساته الداخلية والخارجية، بالطريقة التي تضمن فيها إيران تحقيق مصالحها وتنفذ مشروعها التمددي الشعوبي، وأما مصلحة العراق فهي خارج نطاق التغطية وما مرَّت وتمر به البلاد من خراب ودمار وضياع هو من نتائج الانقياد والتبعية المطلقة لإيران الذي تمخض عن المنطق السياسي الذي ابتكره ساسة المنطقة الخضراء(المحنكين جدا)، والذين خالفوا فيه المنطق السياسي الذي تعمل به كل الدول التي تحترم شعوبها، فضيَّعوا العراق وشعبه… وبالرغم من وضوح النوايا الإيرانية الخبيثة المبطنة والمعلنة من وراء احتلالها وتدخلها في العراق والتي صرحت عنها إيران جهارا وبكل غطرسة، إلا أن ساسة العراق والرموز الدينية الإنتهازية، لازالوا منقادين منبطحين لها، فلا إرادة ولا قرار لهم إلا ما تمليه عليهم إيران وهو أمر كشف عنه وأكد عليه المرجع العراقي العربي الصرخي في أكثر من مناسبة ومنها ما جاء في معرض إجابته على سؤال وجهته له صحيفة الشرق: ))… ولكن ثبت يقيناً عند الجميع أنه لا سلطة ولا اختيار ولا رأي لأي مسؤول في العراق دون رأي المحتل الإمبراطوري الإيراني))، وليس ببعيد موقف العراق من بيان الجامعة العربية في جلستها الاستثنائية بناءً على طلب من العربية السعودية على خلفية الاعتداء البغيض الذي أسفر عن حرق سفارتها في إيران، حيث كان موقف العرب داعما وبقوة للعربية السعودية وضربة موجعة لإيران، لكن حكومة العراق أبت إلا أن تبقى في أحضان إيران، وتزيد في الأبتعاد عن العمق والانتماء العربي للعراق، من خلال تحفظها لمقررات البيان إرضاءً لأسيادها في إيران…واليوم يتجدد نفس الموقف حيث تحفظ وزير الداخلية العراقية محمد الغبان على قرار مجلس وزراء الداخلية العرب الذي أعتبر “حزب الله” في لبنان منظمة إرهابية، والذي يمثل امتدادً للسياسة العراقية المنبطحة لإيران والممثلة لإرادتها، لأن حزب الله يعني عندهم إيران والمساس به يعني المساس بإيران، وهذا أمر لا يخفى على الجميع، حتى أن الأمين العام لهذا الحزب لم يتردد في إعلان ولائه وتبعيته للولي الفقيه (اللافقيه) الإيراني، وتطاوله على العرب وعدائه لهم، ووقوفه مع الأنظمة الفاشية ومنها نظام الطاغية بشار،وبعدها انبرى قادة مليشيا الحشد الطائفي الذي اهلك الحرث والنسل وارتكب أبشع المجازر بحق السنة العرب والشيعة العرب ومنهم المرجع العربي الصرخي وأتباعه الرافضين لإيران ومشروعها، انبرى قادة الحشد بإطلاق الخطابات والتصريحات اللامسؤولة، رغم كونها عبارة عن بالونات هوائية، ضد العرب وخاصة دول الخليج على خلفية تصريحات وزير الخارجية الإماراتي المتعلقة بالحشد، وراحوا يهددون بضرب الخليج وهي نفس التهديدات التي كانت تطلقها وتتبجح بها إيران والتي تلاشت وانهارت أمام الضربات التي تبنتها الدول العربية بقيادة العربية السعودية، وبانت العزة والمكابرة الفارغة التي لطالما تبجحت بها إيران، وها هي اليوم تعيش حالة الوهن والانكسار، وتقف عاجزة أمام التحالف العربي الإسلامي، الذي نأمل أن يكون قويا ورصينا حتى يكون الأمل الذي تتطلع إليه الشعوب العربية والإسلامية وخصوصا في العراق وسوريا، وغيرها من الشعوب من اجل تخليصها من الإرهاب بكل أشكاله وانتماءاته، والذي حظي بتأييد ومباركة المرجع الصرخي له من خلال بيان له تضمن قوله : (( …ونأمل ان يكون قويا رصينا متحملا مسؤولية الشرع والأخلاق والإنسانية في تخليص شعوب المنطقة وخاصة في العراق وسوريا… وإننا وباسم من يوافقنا من أبناء شعبنا العربي والإسلامي المظلوم نعلن تأييدنا ومباركتنا ودعمنا الكامل للتحالف الإسلامي…)).فكان التحالف القوة التي قلبت الطاولة على إيران وغيرت موازين القوى، والسد المنيع الذي سيقف (ما دام قويا) بوجه التمدد الإيراني ويقضي على أحلامه الإمبراطورية، والمنقذ للعراق من الاحتلال الإيراني وهذا يمثل مفتاح الحل والخلاص للعراق والمنطقة والعالم، لأن إخراج إيران من اللعبة العراقية هو الحل ومفتاح الخلاص كما أشار إلى ذلك المرجع الصرخي في “مشروع خلاص” والذي أكد فيه على حل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص خالية من كل المتسلطين الفاسدين وإبعاد المليشيات وقوى التكفير ومن يرتبط بها وشدَّد على ضرورة الاستعانة بالدول العربية وإخراج إيران من اللعبة العراقية كما جاء في البند العاشر منه،وعودا إلى مواقف الحكومة في العراق وشخوصها وقيادات حشدها الطائفي الإيراني الذي أسسه السيستاني بفتواه الكارثية، نتساءل هل إن تلك المواقف المنبطحة لإيران والمناهضة للعرب، هل أنها تصب في مصلحة العراق؟!!!، وهل أن مصلحة العراق في أن يبقى تابعا ومنقاداً ومراهنا على إيران وهي رهان خاسر منهار لا يقوى على إعالة نفسه؟!!!، وهل من مصلحة العراق البقاء بعيدا وبالضد من عمقه ومحيطه وانتمائه العربي؟!!!، ألا يكفي تبعية وانقياد لإيران الشر التي لم يجنِ منها العراق سوى الويل والثبور…