فات قليل من الوقت منذ يوم توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في سوريا. فيمكن القول أن يوم 27 فبراير/شباط 2016 أصبح نقطةً جديدة هامة في حياة السوريين الذين قد تعبوا من الحرب والدمار. لكن هذه الحالة لا ترضي رعاة “الثورة السورية” الرئيسيين خاصةً تركيا والسعودية وقطر التي قد خططت تقسيم سوريا بينها.ومن الناحية الإقليمية تهتم تركيا بتقسيم سوريا أكثر من الأطراف الأخرى. ويعتبر شمال سوريا مع مدينة حلب العاصمة الإقتصادية السابقة لقمة سائغة لها. فالواضح أن يحقق استيلاء على شمال سوريا صعيد الواقع في الجزء من خطة أردوغان حول إحياء الإمبراطورية العثمانية التي حلم بها الرئيس التركي. ولذلك احتلال حلب هو هدف استراتيجي لأردوغان وأنصارهم.وتقدم الحكومة التركية المساعدة للمقاتلين السوريين أثناء النزاع السوري كله. كما نقلت الصحيفة المصرية “البديل” في أواخر سنة 2015 أن الحكومة التركية دعمت المعارضة السورية بالأموال، الغذاء وقدمت للمقاتلين امكانية عبور الحدود السورية التركية دون عوائق. كذلك أعلنت وكالة أنباء هاوار الكردية عن مرور حر عبر الحدود من قبل مقاتلي الجماعات المسلحة المحاربة في سوريا. وبحسب معطياتها المقاتلون عبروا من مدينة كلس التركية من خلال معبر باب السلامة باتجاه مدينة عزاز السورية التي تقع في شمال محافظة حلب. كالعادة يزور المقاتلون تركيا بسببين: الحصول على العلاج الطبي المهني بعد إصابات بجرح أو قيام بالتدريب في المعسكرات الخاصة حيث يعمل المدربون الأتراك والسعوديون.رغم على بذل الجهود من قبل المسؤولين الأتراك حول إخفاء حقائق عن دعم المقاتلين المحاربين في سوريا قد ظهرت أخبار عنها في وسائل الإعلام بانتظام. ويقول زعماء المعارضة السورية عن المساهمة التركية. مثلا، في سبتمبر/أيلول سنة ماضية أحد من زعمائها أحمد طعمة أثناء مقابلته للصحيفة الإنجليزية “العربي” قال إنه تدعم تركيا مقاتلي المعارضة السورية بالوقود والغذا. ويفتخر طعمة بعلاقاته الوثيقة مع النخبة السياسية التركية ويقدر دور تركيا في تشكيل “الدولة السورية الجديدة” تقديراً عالياً. وهذا متعلق بأن المعارض السوري يعيش على نفقة الأموال التركية.وبحسب نشطاء مركز “سوريا: النظر من الداخل” العاملين في أنقرة أن ينفذ جميع المعاملات المالية الموجهة إلى تمويل زعماء المعارضة السورية وكذلك القادة الميدانيين للجماعات المسلحة بواسطة الحسابات في مصرف “زراعة” التركي (http://www.ziraat.com.tr). بالإضافة إلى ذلك يتم تمويل المنظمات غير الحكومية العاملة لصالح دعم “الثورة السورية” باستخدام هذا المصرف كمان.علاوة على ذلك، نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في يناير/قانون الثاني سنة 2016 عن البرنامج السري الأمريكي الذي سُمى “Timber Sycamore” أي خشب شجر الجمّيز ويشمله الدعم التركي في شكل تمويل وتدريب المقاتلين.http://www.nytimes.com/2016/01/24/world/middleeast/us-relies-heavily-on-saudi-money-to-support-syrian-rebels.htmlوبحسب معلومات الصحافيين الأمريكان تمول تركيا المقاتلين السوريين منذ 2013.فالواضح أن لا تهتم السلطات التركية بالهدنة في سوريا لأنها بذلت كثير من الجهود لإطاحة بحكومة بشار الأسد. في الوقت الراهن تعتبر محافظة حلب نقطةً استراتيجيةً في المواجهة بين الجيش السوري من الجانب الواحد والمعارضة والجماعات المسلحة المختلفة من الجانب الأخر. وقال شهود عيان إنه منذ مطلع أبريل/نيسان حتى منتصف مايو/أيار قد وصل إلى حلب حوالي 1000 مسلح. وعبرت الحدود معهم مئات من الشاحنات بالأسلحة والذخائر والعربات الجيب بالرشاشات كبيرة العيار. يجب إشارة إلى أن يتم نقل المعدات والأفراد تحت تغطية المدفعية التركية التي تقصف الأراضي الحدودية السورية بصورة مستمرة. ومن البديهي أن تؤكد هذه الأعمال عن تحضير المقاتلين للهجوم الكبير على حلب.بدون شك أن عملية احتلال حلب هو جزء من الحرب الهجينة التي تحققها تركيا في سوريا. إن قصفات المدفعية التركية على الأراضي السورية وكذلك الدعم التركي لمقاتلي المعارضة والجماعات المسلحة تسمي ب”مكافحة الدولة الإسلامية” من قبل وكالة الأناضول اللأنباء التركية. وتبرر الحكومة التركية رغبة أردوغان لغزو شمال سوريا بإنشاء “المنطقة الآمنة” من أجل توزيع اللاجئين هناك.عندما يتفق المجتمع الدولي على السلم في سوريا تخطط الحكومة التركية العمليات الواسعة بالاشتراك المباشر مع مقاتلي المعارضة والجماعات المتطرفة. لكن نأمل أن خطط السلطات التركية لن تنجح. لأن كل أحد في سوريا قد فهم من يقود المعارضة وما هي الأهداف التي تقصدها الثوار. [email protected]