23 ديسمبر، 2024 11:18 ص

تحسين الشيخلي/89

تحسين الشيخلي/89

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إنشاء الله}
لاحقت مخابرات نظام البعث الطاغي، المناضل الشيوعي تحسين علي عزيز احمد الشيخلي، الى بيروت، تغتال ريعان عمره الذي لم يتخطَ ثلاثا وثلاثين زهرة يانعة، بالفكر العميق والوعي الرصين والرؤيا الواضحة لصيرورة الحياة، وهي ترتقي وفق الافتراض الماركسي، نحو رفاه منظم يشمل الجميع بالتساوي، بينما البعثيون يريدون لها ان تتداعى تجاه مصالحهم.
لكن أحبط الرقي الماركسي المرصود، بجهد دولي خبيث.. من منابعها في روسيا، الى أطرافها في العراق؛ الذي شهد جبهة وطنية أشر من خلالها الطاغية المقبور صدام حسين، الشيوعيين.. واحدا واحدا، وإلتقطهم زجا في السجون ونحرا بالمشنقة، إلا من تسنت له النجاة هربا الى خارج بؤرة الموت.
لذا أسمى الصحفي الراحل شمران الياسري.. ابو كاطع.. تلك الجبهة المصيدة، بـ “الجبحة” التي تعني باللهجة الجنوبية، السقطة الحادة على الوجه.
 
هروب مثلوم
حتى من هرب، كان هروبه منقوصا؛ إذ لاحقته مخابرات صدام.. الذي أشرف على الجهاز من موقع أدنى؛ كي يصفي الحسابات بنفسه!
تبعت قوى الإغتيال، الشيوعيين ومن بينهم تحسين الشيخلي، الى دول اللجوء؛ حيث حصل على إقامة في بيروت، و… إغتالته في قصة درامية مؤلمة، العام 1979.
 
علامة فارقة
ولد الشهيد الشيخلي، العام 1946، أعزب.. غير متزوج، يعمل كاسبا، نورته الشيوعية بمنظومة ستراتيجية ترسم من خلالها مستقبل مجتمع كامل وليس مستقبله الشخصي فحسب.
إنه من قلب بغداد.. شارع الشيخ عمر.. في محلة “الفضل” وهي بيئة إجتماعية طيبة، لكنها ليست حاضنة للشيوعية؛ ما يعني ان تحسيناً، يشكل علامة فارقة وسط محيطه الإجتماعي.
 
بركان الجبحة
وصل طيبة “الفضل” برهافة أهل “بيروت” يوم شد الرحال، هاربا من شظايا بركان إنهيار “الجبحة” المدمر، الذي أشرف عليه صدام بدهاء، خططت له دوائر بالغة الذكاء، توجهه من خارج العراق.
فمجريات الأحداث الحاصلة، بين نقطتي قطعة المستقيم الزمني، الممتدة بين إعلان الجبهة العام 1973 وحلها 1979، التي حل بعدها كابوس صدام طاغية على بلاد الرافدين، يحطمها من تاريخ أسلافها الى مستقبل الأحفاد، تدل على إرادة أكبر من صعلوك “الجعيفر” القادم من سوقة تكريت وليس من أشرافها، يحمل جريمة قتل إبن عمه.
 
فيلم هوليوودي
كافلام السينما الأمريكية، دخل أزلام المخابرات العراقية، لبنان بصفات شتى، يتعذر الايقاع بهم، خاصة بوجود عملاء متعاونين على مستويات وظيفية مؤثرة، في بلاد الأرز والجمال.
ثمة بنادق إستلوها من حاويات الاوساخ، نافذين الى الشقق التي تقطنها الشخصيات المهمة من اللاجئين العراقيين أنى تواجدوا.. مكانا وزمانا، يقتلون بقلب متمرس في إنهاء حيوات الآخرين، بموجب الأوامر.. روبوت مبرمج من دون إحساس.. ذبح مطلق بلا رحمة.
“من تكلم قتلناه ومن سكت مات بدائه غما” فعائلته تعرضت داخل العراق لمضايقات ممضة، وألزمت بكتم حزنها من دون ان يسمح لها بالتأوه بينما رماح البعث تغرز نصالها في سويداء القلب.