23 ديسمبر، 2024 5:50 ص

تحرير الفلوجة…أم حرب ثأر وانتقام وتسييس؟!!!

تحرير الفلوجة…أم حرب ثأر وانتقام وتسييس؟!!!

ما أن تم الإعلان عن البدء بما يسمى عملية تحرير الفلوجة تعالت أصوات الطائفيين لتنذر بقادم أسوأ على الأبرياء من أبناء هذه المدينة التي وقعت أسيرة بيد داعش الإرهابي بسبب السياسات الطائفية التي انتهجتها حكومة المالكي التي سلمت أكثر من ثلثي العراق إلى ذلك التنظيم المتطرف ضمن سيناريو باتت فصوله أوضح من الشمس في رابعة النهار وقد أدركها القاصي والداني…تصريحات وخطابات ودعوات تحرض على القتل والتدمير وإهلاك ما تبقى من الحرث والنسل في هذه المدينة التي عانت من الحصار والقصف والقتل والموت جوعا لأشهر ولا من ناصر ولا معين، الأمر الذي يكشف أن أصحاب تلك التصريحات ومن يقف ورائهم إنما ذاهبون إلى معركة ثأر وانتقام وتشفي وتصفية حسابات وتحقيق أجندات خارجية، لا توجد فيها حرمة لدم أو روح أو جامع أو أي مقدس، وهو أمر مخالف لكل الشرائع السماوية وحتى القوانين الوضعية، عن الإمام الصادق “عليه السلام” أنّه قال: (كان رسول الله إذا أراد أن يبعث بسريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول سيروا باسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله: لا تغلوا، ولا تمثّلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبيّاً ولا امرأة، ولا تقطعوا شجراً….))،

وجاء عن أمير المؤمنين “عليه السلام” انّه قال في خطبة له في وقعة صفين في جملة وصاياه: (ولا تمثّلوا بقتيل، وإذا وصلتم الى رجال القوم فلا تهتكوا ستراً ولا تدخلوا داراً، ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلاّ ما وجدتم في عسكرهم، ولا تهيجوا امرأة بأذىً وان شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم)، وغيرها الكثير من الموارد التي تبين آداب الحرب والقتال…هذه آداب الإسلام في الحروب مع الكفار فما بالك عندما تكون المعركة لتحرير مدينة عراقية اختطفها داعش ضمن مؤامرة باتت مكشوفة ضحيتها الناس الأبرياء، فبدلا من إطلاق الخطابات الطائفية التحريضية وارتكاب الممارسات القمعية والتي هي امتداد لتلك السياسات التي تسببت في دخول داعش وتمدده في العراق فبدلا من ذلك ينبغي أن تكون الخطابات والممارسات بالشكل الذي تدعو وتعمل على تحقيق الوحدة والسلام والتعايش السلمي واحتضان الناس وتفويت الفرصة على داعش والطائفيين من اللعب على الوتر الطائفي وقطع كل خيوط الفتنة، وسد أبواب التأجيج والتحريض الطائفي، وبدلا من الدعوة إلى تهديم المساجد تحت شماعة داعش لماذا لا يتم المحافظة عليها وتحويلها إلى منابر للسلم والسلام، ثم إن شماعة داعش لا تعطي المبرر لتهديم تلك المساجد والجوامع كما رأينا من وصايا الرسول، ناهيك عن أن الإقدام على مثل هذه الممارسات من شأنه أن يُكرِّس من الحقن الطائفي المتفاقم ويؤدي إلى ما لا تحمد عقباه…ثم ما هذه الازدواجية في التعاطي مع الوقائع والأحداث حيث نجد أن أصحاب الخطاب والفعل الطائفي يغضون النظر عن الجوامع والمساجد والحسينيات التي لطالما انطلقت منها الخطابات الطائفية والتحريضية، بل إنَّ منها تحولت إلى ثكنات عسكرية للمليشيات ومعتقلات للسجن والتعذيب والقتل، ومنابر لانتخاب ودعم الفساد والمفسدين والطائفيين ودواعش الفساد…العراق بحاجة إلى خطاب ومنهج الاعتدال والوسطية والتوحد والسلم والسلام والتعايش السلمي والمصالحة الحقيقية الواقعية الصادقة وإشاعة وتفعيل وتطبيق ثقافة المواطنة ونبذ التطرف والعنف والانتقام ولغة الثأر والأحقاد والضغينة والفرقة والتمزق والشحن والتأجيج الطائفي وهي دعوى لطالما أطلقها المرجع العراقي الصرخي الحسني وجسدها في مواقفه وأفعاله فكان مما صدر منه قوله: ((علينا (سنة وشيعة)

أن نصحح المسار والخطاب والفعل والموقف فنعمل صالحا وخيرا للإسلام والإنسان والإنسانية جمعاء، دون الانقياد أو التأثر بدوافع ومنافع شخصية أو فئوية أو جهوية أو طائفية أو قومية أو غيرها من أمور وتوجهات تُفسد وتُضل وتوغل في الظلم والجور والعدوان…))، ومنها ما جاء في كلمته مع رابطة ولاية الزهراء في بغداد بتاريخ 282013: (( يجب أن نعيش حياة طبيعية ونسمح للآخرين أن يعتقدوا ما يشاؤون، نحن كمسلمين بذرت عندنا مكارم الأخلاق، تلك أخلاق أهل البيت وصحابة الرسول، ونستوعب الناس ونتعامل مع الناس كبشر على أساس الأخوة والأخلاق، والنبي لم يبعث إلا أن يتمم مكارم الأخلاق و نكون زينا لأهل البيت “عليهم السلام”، فالفتنة كبيرة ولا نقيس الأمور على أساس الباطل، يوجد من يكفر الآخرين أو يوجد من يقتل الآخرين ويوجد من يهجر، فعلينا أن نكفر الأخر ونهجر الآخرين لا يوجد مبرر لهذه الخصوصية….)).