23 ديسمبر، 2024 5:45 ص

تحرير العقل العربي من الفكر الجمعي

تحرير العقل العربي من الفكر الجمعي

( بداية الدخول إلى المبحث من بداية منع تدوين الأحاديث النبوية الشريفة ونقلها من لسان الصحابة الكرام والتابعين بأوامر صارمة بحجة الحفاظ على الدين الإسلامي وتشتيت الآراء بين القران الكريم والسنة وتفسيرها وبين ما قاله الله تعالى وما قاله رسوله محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه السلام أي منع الخلط بينهما وهذه الحالة امتدت حتى أواسط العصر الأموي وبداية العصر العباسي إلا النزر القليل الذي وصلنا على لسان البعض من الصحابة البعيدين عن مركز القيادة والسلطة الحاكمة وبدأ الكتّاب والحفظة في وضع التراجم وكتّاب السنة النبوية وتفسيرها وتفسير القرآن الكريم على مجموعة مقتصرة من بعض العلماء الذين كان لهم الدور حينها في إيصال هذا التراث الإسلامي المتواتر إلى عصرنا الحالي بمسميات التواتر وإجماع الأمة والمتفق عليه منهم على سبيل المثال لا الحصر ( الطبري – أبن الأثير – الطبرسي –الطوسي – الكافي – الكليني – أبن عساكر – أبن حجر العسقلاني ……. وغيرهم ) وخُتمت هذه الرجال بصحيح البخاري الكتاب المقدس بعد القرآن والسنة النبوية على أساس فيه تبيان لكل شيء وبقيه العقل الإسلامي والعربي تحت سيطرة هؤلاء القادة في الفكر لنقل كل ما وصلنا من الكم الهائل من أدبيات الفكر الإسلامي والعقيدة الإسلامية المحمدية وشروحاتها ولا يمكن الخروج من سياقاتها الفكرية ومنهجها أو الاعتراض على أسلوبها في الطرح والتفسير حيث مارست السلطة شتى أنواع الرفض لمناقشتها ومجادلة ما جاء فيها أو معارضة ما ورد فيها على موائد الجدل والتمحيص والنقاش البناء حتى طالت الرقاب وأطاحت برؤوس الكثير من العلماء الذين أرادوا أن يتحرروا من سلطة هذه الأفكار التي اجتمعت عليه الأمة حينها وتناولها بمفهوم جديد متطور ومعاصر وفلسفي وتحليلي منهم المعتزلة والأمامية وفرق أخرى ظهرت بين أظهرهم على أساس الاعتماد على العقل البشري المتجرد من الضغوطات والإملاءات واتهموهم بالزندقة تارة والمارقين عن الدين وبقى العقل العربي وفكره وأدبيات عقيدته وتفسير نظرية القرآن الكريم حبيسة زنزانة تلك العقول ولم يجرأ أو يُسمح أن يناقشها وأوقفوا بالنتيجة تطويرها أو إضافة الجديد المواكب لتطور العقل البشري وما أستجد على مجتمعات العربية والإسلامية والعالمية فكان الخاسر الأهم هو القران والسنة النبوية وحرمان العوام من كثير من حرام حلال وفك رموز كثير من العقيدة الإسلامية التي تواكب العصور المستقبلية المعاصرة في كل مرحلة من مراحل التطور الإنساني في العالم ونحن جزءا من هذا العالم الواسع . أما الآن بدأت محاولات جادة وجريئة لكثير من المفكرين في العالم الإسلامي والعربي يحررون الفكر والعقل العربي من جموده وقيوده التي طوقها العقل الإسلامي والعربي الجمعي فقد ظهرت لنا الكثير من الآراء والأفكار والتفاسير والشروح على الساحة العربية بمؤلفاتهم القيمة وجهودهم العظيمة التي تتماشى مع العصر الجديد وأفكاره بدون المساس لجوهر العقيدة والقرآن الكريم ومحاولة تصحيح ما شاب من تفسير للسنة النبوية الشريفة وعلوم القرآن وخطابه وشمولية نظريته الإنسانية العالمية والبيان المعرفي لآياته وأحكامه التي استفاد منها غيرنا في تنظيم مجتمعاتهم الأخلاقية والإنسانية والعلمية علما أن هذا الخطاب الجديد والاتجاه في غربلة الفكر العربي أضر بكثير من المؤسسات الدينية التقليدية القديمة المستفيدة من الوضع الحالي وهز عروشها وأستفزها فوقفت بالضد من هذا التحرر الفكري الجديد الذي أنتشر بشكل ملحوظ ولا يمكن أن تستمر هذه المؤسسات وهذا الدفاع المستميت عن رجالها الذي يقفون بالضد من هذا الخطر الجديد لعقليات المعاصرة ويعيبون ويسقطون من قدراتهم بحجة الحفاظ والتمسك بالشريعة الإسلامية وعقيدتها ويغضوا الطرف عن الحقيقة التي لا يريد الكثير من الإفصاح عنها ويخالفون بما جاء بالقرآن عندما يخاطب يا أولو الألباب فقد أعطى الله سبحانه وتعالى مساحة واسعة من المعرفة والتحري واستغلال العقل للوصول إلى ما أراده الله تعالى للإنسانية بالعمل بنظريته السماوية للعالم جميعا التي جاءت على لسان رسله وأنبيائه الكرام ونذره وكلنا نعلم أن نطاق تفكيرنا وعقولنا ليس لها حدود حتى قيام الساعة ونعلم كذلك أن أفكارنا هذه ستصبح من الماضي ولا يعتد بها بعد قرون قادمة ولن تقبلها منا الأجيال القادمة .فعلينا فسح المجال وفتح الباب على مصراعيه في البحث والتقصي عن الحقائق والخوض الفلسفي الذي يصب في خدمة الدين الإسلامي ومجتمعه لإنعاش الفكر العربي وصيانته وتحصينه من الأفكار الأخرى والحفاظ على تراثنا وتأريخنا الصحيح وسنة نبينا العظيم محمد بن عبد الله سلام الله عليه وإيصال التعاليم الألهية الموجهة للإنسان بدون استثناء كي يوازي ويتناغم مع ما هو جديد في كل عصر وزمان مصداقا لقول الله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) صدق الله العلي العظيم )