15 نوفمبر، 2024 2:27 م
Search
Close this search box.

تحرير الإنسان الشيعي – 11 / عودا على الانغلاق الديني والإرهاب الفكري في المؤسسة الدينية

تحرير الإنسان الشيعي – 11 / عودا على الانغلاق الديني والإرهاب الفكري في المؤسسة الدينية

كان الحديث فيما مضى حول الانغلاق الديني والإرهاب الفكري عند الطبقة التي تدعي التدين وذكرت بعض اساليبهم اللاشرعية ونكمل ما قلناه في ذكر  أساليب وصفات أخرى لهؤلاء ..
يستخدم المتحجرون الشيعة لغة الشتم واللعن والتسقيط لكل من خالفهم في الرأي او وجه اليهم اصابع النقد، حتى لو كان اعلم علماء عصره كما فعلوا بالمجتهد الأكبر السيد محسن الأمين (ره) عندما أصدر كراس ( التنزيه ) حرم فيه الممارسات والطقوس التي تمارس في محرم باسم الشعائر الحسينية فقد عرضوا به غاية التعريض ووصفوه بالزندقة وانه أموي الهوى في حين انه بلغ من العلم والفقاهه ما يشهد به القاصي والداني، وقد نقل المرحوم جعفر الخليلي في كتابه هكذا عرفتهم ج1 ص208 ما شاهدة من أحداث ضد هذا العالم المصلح وكيف ان احد الخطباء وهو السيد صالح الحلي كان يردد شعرا :
يا راكبا اما مررت بجلق *** فابصق بوجه ( أمينها ) المتزندق
ومن اساليب ايضا إدعائهم الأكاذيب على الأئمة (ع) والمبالغة في ممارسة الطقوس الدينية على حساب المضمون، والاكتفاء بالشكليات على حساب الجوهر، حتى يصل الأمر الى الإضرار بالنفس كالمشي على الجمر كما يفعل البوذيين وإدماء الجسد بالسيوف والقامات كما تفعل بعض الديانات القديمة، والزحف لزيارة المراقد المقدسة  والله تعالى يقول (َمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) .
ومن صفات هؤلاء الجامدين ايضا تعطيلهم لدور العقل في مواسم عاشوراء ، ينقل عن المرجع السيد حسين البروجري (ره) والذي كان يحرم بعض الأعمال التي يمارسها عوام الشيعة أيام عاشوراء إن احد مقلديه سأله عن حكم هذه الممارسات؟ فقال (قده) بالحرمة . فقال نحن نقلدك طوال السنة الا يوم العاشر من محرم !! وقد تعرضت لكل ذلك في مقال خاص أسميته ( دعوة لتجديد الشعائر الحسينية ) على موقع كتابات على الرابط فراجع : http://kitabat.com/ar/page/27/11/2012/6149/%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9.html
ويعتمد هؤلاء على بعض الأساليب الماكرة في خداع الرأي العام الشيعي منها الروايات الواردة في الكتب الروائية وان كانت من الغلاة او المحرفين او خالفت القران الكريم.
ومن مميزاتهم الواضحة اعتمادهم على الموروث الروائي اكثر من اعتمادهم على القران ، فلا يعرضون دينهم وعقائدهم على القران الكريم بل يكتفون بالروايات التي تؤيد مسلكهم ألاعتقادي، وان كانت غير صحيحة وكثير من الخطباء هم على هذه الشاكلة يروون الأحاديث بدون تثبت ويسيئون للائمة (ع) من حيث يعلمون او لا يعلمون بل لا يتورعون عن الكذب في سرد القصص التاريخية الأسطورية لأجل إبكاء الناس وبالتالي إفراغ جيوب الناس بعنوان خدمة الحسين (ع)، ويعتمدوا أيضا على جهل الطبقة المتدينة وعدم معرفتهم بحقائق الدين والشريعة فيشرقوا ويغربوا كيفما يحلو لهم بدون حسيب أو رقيب ، واتذكر في يوما ما سألت احد رجال المنبر التقليديين لماذا لا تقوموا بتوعية الناس بواقعهم ، وتكشفوا لهم حقائق الدين كما هي وتوجهونهم التوجه الصحيح حتى يعرف كل إنسان ماله وما عليه؟ فأجابني : نتركهم على هذا الحال افضل لأنهم اذا وعوا سوف يتركون هذه المجالس !!.
 ومن اساليبهم ايضا تضخيم العناوين الثانوية في تحريم ما احل الله وبدون ضوابط فكثير من المباحات حرمها أولئك على الناس بدون دليل شرعي واضح، وأباحوها لأنفسهم، وحللوا الحرام الواضح في الشريعة بعنوان معين، واستخدموا الحيل الشرعية واللاشرعية في ايهام الناس والضحك على ذقونهم ، بالتلاعب ببعض المفاهيم الدينية كالتورية والفحوى والتقية والشأنية والقداسة والانتظار والطاعة والولاية وعندما نطالبهم بالدليل على منكرات افعالهم يقولون لدينا اذن خاص من المرجع الفلاني والفقيه العلاني من اجل اخراس الالسن وتبرير المنكر.
وفهم هؤلاء من انتظار الحجة (ع) الجلوس مكتوفي وتعطيل العديد من الواجبات الشرعية الحيوية كإقامة القسط ومواجهة المفسدين واصلاح الواقع وتجديد الدين وتربية المجتمع وتنظيم أبنائه وحتى صلاة الجمعة هذه الشعيرة التي خصص الله تعالى لها في قرانه سورة كاملة تركها المتحجرون ولولا ان هيئ الله لهذه الامة المرحومة عالم مغوار كالشهيد الصدر الثاني الذي نعيش هذه الايام ذكرى شهادته لنطمست هذه الصلاة الدينية السياسية وبقيت حبيسة في متون الكتب الفقهية .
ان المؤلم حقا إن أمثال هؤلاء اليوم يمتلكون المال والسلطة الدينية والإعلام من فضائيات ومواقع الكترونية ومنابر ووكلاء يحركون الشارع في غير الاتجاه الذي أراده الله ورسوله والأئمة الأطهار، ففي الوقت الذي يقتل فيه الآلاف من الناس في العراق وتسرق الأموال على يد ثله من السياسيين السراق وتبدد ثروات المواطنين، ويقصى أبناء العراق الاصلاء غن مواقعهم نرى العديد منهم يحث بقوة على السير الى كربلاء والنجف والكاظمية ، والاكثار من انشاء المواكب والتعازي ومراسيم العزاء والتطبير، حتى نقل بعض الاخوة انه راى في كربلاء شاحنة محملة بقامات التطبير توزع ايام عاشوراء على المؤمنين !!!… وفي المقابل ليس لهؤلاء أي موقف مشرف من السلطة الفاسدة والتفجيرات الارهابية اليومية التي تحصد ارواح الآلاف من الناس وكأن الامر لا يعنيهم وليس من واجباتهم صيانة ارواح الناس ونفوسهم، بل حتى في زمن الطاغية كانوا يتفرجون على القتل والاعتقال والتعسف الذي يمارسه النظام البائد ضد ابناء العراق الابرياء .. وحتى عندما قتل الشهيد الصدر الاول كان المرجع الاعلى في اوانها يعطي درس في الفقه او الاصول ، وكأنه ضوء اخضر من المرجعية للنظام ان افعل ما يحلوا لك إنا هاهنا قاعدون !!! وكما قيل ان عدم الفتوى فتوى بالعدم أي اذا لم تصدر فتوى في موقف يتطلب منك الفتوى فانك بلسان الحال تفتي بالضد منها. 
ان المتتبع لمسيرة الحسين (ع) في نهضته انه (ع) ترك شعيرة أساسية من شعائر الله وهي ( الحج ) للسير إلى كربلاء ومواجهة السلطة الفاسدة هناك. فالمفروض بقادة الدين وعلماء الشريعة وخطباء المنبر ان كانوا فعلا ينتمون إلى الحسين (ع) فكرا وعقيدة أن يدعوا الناس ولو في موسم واحد من مواسم الزيارة إلى الاحتجاج ضد القوى السياسية الفاسدة في المنطقة الخضراء للمطالبة بالحقوق والتغيير ومحاسبة المفسدين وإيقاف انهر الدم التي تصب يوميا في العراق والكف عن الاستهزاء بمصير الشعب العراقي المضطهد ، ووضع اليد باليد من اجل قيادة البلد والخروج من هذه الازمة الخانقة بدل حالة الضياع والفشل والفوضى التي اوجدتها الاحزاب الوافدة من الخارج . او على اقل تقدير توجيه الزائرين الى ضرورة رفع شعارات مناوئة للظلم والقمع والانحراف السياسي عن خط الإسلام المحمدي والمطالبة بالإصلاح والتغيير إتباعا لمسيرة الحسين (ع) وسنته في مواجهة الانحراف السياسي .
ان السكوت على الواقع الفاسد او محاكات الواقع بطريقة تخديرية من قبل بعض رموز المؤسسة الدينية لا توحي للناس بان الحسين (ع) ضحى من اجل مواجهة الطواغيت السياسيين والمطالبة بالإصلاح والتغيير ونصرة الحق والعدل، وانما خرج لاجل البكاء والعويل واقامة التعازي .. ان أولئك لم يدركوا ان الحسين (ع) ليس ميتاً يحتاج الى البكاء والعويل وإقامة المآتم ، بل هو شهيد يحتاج الى أنصار وأتباع لتكملة المسيرة النضالية ضد الطواغيت في كل عصر ومكان مهما كانت أشكالهم أو ألوانهم او انتماؤهم السياسي والمذهبي .
لقد حولوا حركة الحسين (ع) التوعوية الثورية لتغيير الواقع السئ الى مسيرة تقليدية رتيبة يقصدها الدني والشريف فالسياسي الفاسد يسير خطوات من اجل الدعاية الانتخابية والشباب المنحرف يجد في هذه الرحلة مبتغاه السياحي والمرائي المستأكل بأهل البيت (ع) يأكل مال الله وعبادة باسم الحسين، وفي طريقهم الاكداس من الاطعمة والاشربة مما لذ وطاب !! وكانها كرنفال سنوي وليس مسيرة ثورية لمواجهة الظلم والتعسف والمقاومة للأنظمة المنحرفة التي تعتاش على جراحات الناس والامهم ، استبدلوا شعارات الحسين (ع) في طلب الاصلاح والتنديد بالظلم والبراءة من المجرمين وعشق الشهادة استبدلوها بـ ( يحسين اجينه انزورك من ابعيد ) و( ركظة طويريج من يمحيه ) وما شاكل ذلك من اللطميات الخاوية ، استبدلوا معرفة الحسين(ع) ( من زار الحسين عارفا بحقه ) بالمحبة السطحية التي يشترك فيها المؤمن والمنافق بل حتى من خرج ضد الحسين (ع) كانوا يحبونه ( المحبة السطحية ) لانه ابن بنت رسول الله (ص) كما قال الشاعر الفرزدق للإمام في وصف القوم : ( ان قلوبهم معك وسيوفهم عليك ) .
ان اغلب مراسيمنا الحسينية وعاداتنا الاجتماعية وتربيتنا الدينية بل حتى عبادتنا وعقائدنا بحاجة الى مراجعة وغربلة في ضوء كتاب الله باعتباره الكتاب الخالد الذي  { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ } لانها خالية من اللب والجوهر والهدف، مجرد مراسيم وحركات وسكنات فارغة لم تخلق منا مؤمنين متقين رساليين كما أراد الله لعبادة المخلصين ..

أحدث المقالات

أحدث المقالات