23 ديسمبر، 2024 9:07 ص

لا تصدق دعوى الظواهري بشان تحرير اهل السنة من حكم الروافض على عمليات اربيل الارهابية امس الاول. كتب الظواهري في توجيهاته “الجهادية” الاخيرة ان هدف القاعدة في العراق هو “تحرير مناطق اهل السنة من خلفاء امريكا الصفويين”.
الصفويون لا يحكمون اربيل بطبيعة الحال ولا كردستان. ففي الاقليم رئيس منتخب وحكومة منتخبة وبرلمان منتخب. ومن يحكم كردستان هم اهلها الكرد، وهم في اغلبيتهم مسلمون سنة، وفيهم مذاهب واديان اخرى، لكن لا يمكن بحال من الاحوال القول ان الاقليم يحكم من قبل “خلفاء امريكا الصفويين”، الا اذا كان مسعود البارزاني وجلال الطالباني ونيجيرفان بارزاني وبرهم صالح وروز شاويس وغيرهم قد غيروا مذاهبهم بالسر!!!
لا يمكن ان يكون هدف العملية الارهابية الاخيرة في اربيل هو تحرير اربيل او كردستان من حكم “الصفويين”، خاصة وان الكرد يشاركون بفعالية كبيرة في الحكومة الفيدرالية والبرلمان الفيدرالي في بغداد. ولم يتحدثوا يوما عن “تهميش” او “اقصاء” لهم. صحيح ان هناك مشاكل بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، وهذا امر طبيعي يحصل في كل البلدان، لكن هذا لم يصل الى درجة المطالبة بتحرير كردستان من حكم الصفويين، لأن هذه المطالبة ستكون “سالبة لانتفاء موضوعها” كما يقول اهل المنطق.
في المقابل، تشهد اربيل، مثلها مثل بقية مدن ومناطق كردستان، ازدهارا اقتصاديا وتجاريا وعمرانيا غير مسبوق، اضافة الى الامن الذي لم تفرضه جدران الكونكريت ولا دبابات الجيش ولا سيطرات الشرطة. انما هو يكاد يكون امنا ذاتيا، يحرص الجميع على ادامته وصيانته وحمايته من التخريب. وبفعل هذه المعطيات الايجابية تحولت اربيل  وبقية مدن ومناطق كردستان الى قبلة الزوار والسياح والشركات ورجال الاعمال والجامعات.
وهذا هو بالضبط ما يغيض القاعدة والنصرة وبقية الجماعات الاسلامية المتطرفة الارهابية التي تتاجر باسم الدين وتارة وباسم المقاومة تارة اخرى وباسم السنة تارة ثالثة. هؤلاء لا يريدون لهذا البلد الاستقرار والازدهار والتقدم والتعايش والمصالحة. بل لا يريدون للانسان ان يعيش بامن وامان ورفاهية. يريدون له الخراب والدمار والتقسيم والحرب الاهلية والقتل على الهوية. 
تبرهن عملية اربيل الارهابية على ان كل دعاوى التحرير والاقصاء والتهميش والمقاومة انما هي عناوين للاستهلاك الداخلي وغسيل دماغ المتخلفين والجهلة والضائعين لتوريطهم في مشروع القاعدة والجماعات الارهابية الاخرى، المشروع الدموي التقسيمي الطائفي التخريبي.
العراق كله مستهدف بهذا المشروع، سواء في ذلك الشيعة والسنة والكرد والتركمان والكلدان والمسيحيون، وغيرهم، بكلمة اخرى كل العراقيين وكل العراق بلا فرق بين مذهب ودين وانتماء.
هذه هي توصيفات المعركة: معركة شاملة يشنها الارهابيون على العراق، بطوائفه المختلفة ومناطقه الكثيرة، بهدف اجهاض العملية السياسية، وافشال مشروع بناء الدولة المدنية الحديث، وحرمان الانسان من العيش الرغيد،  وضرب الامن والكهرباء والاعلام والثقافة والفن والحياة والاقتصاد والازدهار والتجارة وكل ما تنطوي عليه الحياة الانسانية الطبيعية المتقدمة.
انها معركة تحدي بين الموت والحياة، بين الارهاب والسلام، وبين الخوف والاطمئنان. لهذا نقول في شبكة الاعلام العراقي ان الحياة تتحدى الارهاب، وهو دعوة الى قبول التحدي وتحقيق انتصار ارادة الحياة والحرية والجمال على مشروع الظلام والظلم والتخلف.