23 ديسمبر، 2024 5:56 ص

تحركوا ايها الشباب فانتم الامل في التغيير

تحركوا ايها الشباب فانتم الامل في التغيير

اثنا عشر عاما ً مرت على العراقيين بعد التغيير توفرت فيه لحكام العراق وساسته كل سبل النجاح كالميزانيات الضخمة والدعم الشعبي المستمر إلا ان وضع الدولة والشعب تردى الى مزيد من الخراب والفوضى والفساد، فلا امن ولا خدمات ولا بنى تحتية ولا بنى فوقية ولا تنمية ولا اعمار حتى بات من المعيب ان نسمي دولتنا بـ (الدولة) لافتقادها لكل المقومات رغم صرف تلك الميزانيات الضخمة التي تكفي لإنشاء دول من الأساس، وليس كل ذلك إلا لفساد وعدم كفاءة من تصدوا لحكم العراق على كل المستويات بعد ان غدا نهبا ً لمطامعهم الشخصية والفئوية والحزبية وكعكة تقاسموها على طاولة المحاصصة المقيتة بعيدا عن كل معايير المهنية والنزاهة فاثروا انفسهم وأحزابهم على حساب الشعب المسكين الذي بات يعاني الازمات في كل جوانب حياته حتى ضج بملايين الارامل واليتامى والمعاقين والعاطلين عن العمل والنازحين والمفجوعين بمصاب اولادهم في مجازر القتل الجماعية، وحتى تمكنت قوى الضلال من احتلال اجزء واسعة من اراضيه في ايام معدودة في انهيار لم نكن لنسمعه حتى في القصص.

ورغم كل تلك المحن التي يطول المقام لتفصيلها لم يكن الشعب يحرك ساكن فظل متفرجا ً داعما ً لنفس الوجوه في ثلاث دورات انتخابية يتأمل منهم الحل وهم لا يعبئون بكل ما يعانيه، ولكن عمق المأساة التي تعرض لها خلال الفترة الماضية وخصوصا ً بعد احداث سقوط الموصل اوقدت في الشعب جذوة الحركة نحو المطالبة بالحقوق ومواجهة المفسدين والسعي للتغيير وإيقاف الانهيار الحاصل في الدولة، وكان ذلك من خلال حركة التظاهر التي انطلقت منذ اسابيع في العاصمة بغداد والمحافظات، ورغم ان هذه الحركة لازالت في بدايتها وغير واسعة إلا انها ارعبت الفاسدين والمتسلطين وهزتهم بقوة وأجبرت السلطة على ايجاد بعض الاصلاحات التي تحد من ترهل الدولة وهدر المال العام.

ومن المنطقي جدا ان مقدار الاصلاحات يتناسب طرديا ً مع حجم الحركة الجماهيرية، فان اتساعها سيسبب مزيد من الضغط والحرج عليهم فيتحركوا ايجابيا معها، بينما ضعف تلك الحركة سيخفف من ذلك الضغط مما يجعلهم متراخين في تحقيق الإصلاحات وهذا ما هو ملموس في الواقع.

ان الاستمرار بذلك الضغط الجماهيري على المتسلطين لتحقيق الاصلاح هو اخر اداة لإيجاد حل لمعاناة العراقيين بعد اليأس من ايجاد الحل من النخبة السياسية والأحزاب الموجودة، كما ان فشل تلك الحركة سوف يعطي الضوء الاخضر للمتسلطين بالمضي بسياساتهم الفاشلة في ادارة الدولة لأنهم حينئذ لن يخشوا شيئا ً ابدا ً وبذلك نقرأ السلام على شيء اسمه دولة مستقرة.

وإذا ما وعينا هذا الامر ندرك تماما ً حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الشعب في الاستمرار بذلك الحراك السلمي الوطني وعدم التراجع عنه حتى تتحقق مطالبه، والمسؤولية تقع بالذات على الشباب لما يحملونه من الحماس والجرأة والوعي والتنظيم مما يجعل حركتهم اكثر تأثيرا ً وخصوصا ً الجامعيين من الطلبة والخريجين في مختلف المجالات.

ايها الشباب: ان وطنكم له حق عليكم فلا تتركوه لقمة سائغة بيد المنتفعين وهم يهدرون ثرواتكم على ملذاتهم وتبقون انتم تطرقون الابواب من اجل فرصة عمل تسدون بها حاجاتكم وقد يضطر البعض الى المغادرة بحثا ً عن تلك الفرصة، فبدل ان تهاجروا وتتركوا بلدكم لهؤلاء يتلاعبون بمقدراته، تواجدوا في الميدان وقولوا كلمتكم وحرروا شعبكم وبلدكم من تسلطهم وفسادهم وستنعمون في حينها بوطن امن مزدهر تعيشون فيه بعزة وكرامة.

فهبوا ايها الشباب الى الميدان وطالبوا بحقوقكم بكل قوة ولا تقعدنكم عنها ابواق النفاق والمصلحة والتضليل وكونوا واعين لكل ما يدور في الساحة وتصرفوا بحكمة ولا تندفعوا الى تصرفات وانفعالات لا نفع فيها واحذروا من مكر السياسيين وألاعيبهم ورصوا صفوفكم ونظموا فعالياتكم ووحدوا مطالبكم والتفوا حول قيادات وطنية مخلصة وليكن انتمائكم في هذا الحراك للوطن فقط ولتكن الوطنية هويتكم التي تعلنونها وتجتمعون عليها مع اعتزازكم بانتماءاتكم الاخرى.

وليكن لكم اسوة بالشعب المصري الذي هب شبابه في حركة جماهيرية لم يتراجعوا فيها حتى تحقق لهم ما كانوا يصبون اليه فأزالوا الظلمة وظلوا متيقظين يراقبون سير حكامهم الجدد وما ان رأوا انحرافهم عن المسار وفسادهم واستئثارهم حتى هبوا من جديد لينزعوا الاقنعة عنهم ويعروهم من كل ما تظاهروا به حتى انزلوهم عن عروشهم الجديدة بشكل مبكر.

فاجعلوا هذه التجربة ماثلة امامكم وتوكلوا على الله وانطلقوا في حركة دؤوبة نحو الاصلاح والتغيير واعلموا ان جهودكم هذه توازي جهود اخوانكم ممن يحمل السلاح دفاعا ً عن الوطن الذي ما احتلت اراضيه لولا السياسة البائسة وغير الحكيمة وغير الكفوءة لمن حكمه وبسبب خيانة بعض القيادات السياسية والعسكرية، لذا فان جهودكم في تقويم السلطة وعزل الفاسدين هي الضمان لحفظ الوطن مما قد يلحق به من المآسي بظل تلك السياسات وبفعل الاجندة الخارجية والمخططات الدولية التي رُسمت لبلدنا العزيز.

وفقكم الله وسدد خطاكم واجرى الخير على ايديكم.