18 ديسمبر، 2024 8:13 م

تحررت الطيور من قفصها ..إلا نحن

تحررت الطيور من قفصها ..إلا نحن

لو جئنا بأندرأنواع الطيورالأليفة منها والمتوحشة ووضعناه في قفص تحيط به الاسلاك الشائكة محكمٌ بأحكام تام لايمكن له الفرار منه ,ستجده بعد فترة من الزمن أن قواه قد انهارت فلا تغريدة تخرج منه ,ولا أصوات تصدر عنه ,مطبقاً عليه الصمت والخوف,ثم بعدها تبدأ مرحلة العصيان بالامتناع عن الأكل والشرب فيصيبه الذبول والجفاف لأنه يبحث عن الحرية فجناحيه خلقا ليطير بهما والتحليق عالياً هذه هي سنة عيشه ,قادني هذا التفكير عندما شاهدت رجل في شارع الجمهورية لديه عربة فيها قفص كبير مقسم لثلاث طوابق ممتلء بالطيور الصغيرة يبيع الواحد منها (250) دينار للطير,والمارة من الناس تشتري منه الطيور ثم تحررها وتطلق سراحها من قفصه وقضبانه الحديدي لتحلق في الفضاء ولتعيد اليها حياتها التي حرمت منها بالصيد وأنتهى بها المطاف في قفص مجهول الهوية ,تأملت كثيراً وأنا أشاهد هذا المنظر الذي يعطي معناً واضحاً لكلمة الحرية والتي لا يوجد وصف مناسب لها ألا لمن يفتقدها ,فقلت مع نفسي الطيور هناك من بادرة لجنبة إنسانية أشتراها وتحررت ونحن لا زلنا آسارى نرنو لمن يحررنا من ذاتنا وهواجسنا التي تكبلنا وتحاصرنا من كل صوب وحدب ,أسرى لمغريات الدنيا وزبرجها حيث السيارات الفارهة والقصور الفخمة والحاشية التي من ورائها تؤله الشخص وتجعل منه الإله يعبده الناس بصورة غير مباشرة وتعطيه أوصاف وألقاب ما أنزل الله بها من سلطان,وقد يكون هنالك الكثير من الذين تحرروا لكنهم جاؤوا بالقضبان ووضعوه على رقبتهم لأنهم لايستطيعون العيش إلا بخنوع وخضوع مهطعي الرأس لمرؤوسهم وسيدهم الذي يمارس عليهم سطوته وهم مستأنسين بذلك هي عقده (العبودية ),سجننا هو الاغتراب فهو حالة ترتبط بسيكولوجية الفرد ليس بيده أن ينهي اغترابه كشعورمتولد بداخله نتيجة وجوده في بيئة لا تعي ما يقوله ولا يمكنه الاستمرار بها,لايوجد فيه اوتاد حديد ولا جدران تحيطه,ما قيمة الشعر والحكمة وانت تتحدث بها بوسط سوق يعلو عليه صوت المطرقة والسندان ؟سجن الأحرارالذي يعيشون فيه لأنهم لايمكن لهم أن يكونوا تابعين أو أذناب وذيول لشخص ما ,فثوابتهم ومبادئهم تمنعهم من إداء أعمال غيرهم يقومون بها ,فؤلئك ثوابتهم تجزأ ألف مرة في اليوم والفكر والمبدأ لديهم كحذاء يستبدلونه متى ما شاؤوا,قيمهم وشعاراتهم متواجدة في حافلة باص لنقل الركاب مابين الطابق الأول والثاني ,ولله در المتنبي القائل :فطعم الموت في أمر صغير/ كطعم الموت في أمر عظيم.