مبادرة ناضجة طرحها أحد الشباب العراقي، متحدياً وزيراً لشغل منصبه لمدة أسبوع، لم تكن الحالة مألوفة في بلد عاش بين مرحلتي؛ الدكتاتورية وحكم العسكر، وبين التشبث في الكرسي “بمبدأ ما نطيه”، ما تسبب في تراجع كبير على كل مستويات التقدم والتطور، رغم وجود الثروات الهائلة فيه، وأهمها الطاقات الشبابية المتفجرة.
المبادرة؛ تعد خطوة مهمة لفتح أبواب الانسجام والتقارب بين الطبقة العامة للشعب، والطبقة الحاكمة، ومنطلق لولوج الشباب في أهم المعتركات في “عراق ما بعد التغيير”، وهو العمل السياسي الذي نحصر في النخبة، التي جاءت عن طريق متعددة للحصول على مواقع الإثراء المالي، لكن مبادرة التحدي كشفت عن وجود قدرات تستطيع تولي زمام الأمور، بديلاً عن ممن يعدون أنفسهم القادرين فقط.
إلا إن الشباب ومن خلال هذه الخطوة حطموا الأفكار البالية، التي مسكت بمفاتيح الحكم، وهيمنة على كل شيء، مع عدم الاعتراف بفشلها، الذي منيت فيه طيلة عقد ونصف تقريباً، تأتي خطوة التحدي لتعطي انطباع جديد، إن التغيير لابد أن يحصل، لتتولى النخبة الشبابية مسؤوليات البلد، كون هذه الشريحة تشكل أكثر من 60% من نسبة سكان العراق، وبمعدل ثلثي سكان العالم.
التجربة كانت فاتحة خير على الشباب، ومن حسن الحظ إن الوزير الذي تم تحديه يعد أنموذج لطاقات الشباب المتجددة، والاهم من ذلك إن الوزير هو الأكثر قرباً لشريحته من خلال سلوكياته وتصرفاته، ولم يكن يوماً ما متقوقعاً على نفسه، لذلك رحب بالتحدي، ما شكل عاملاً أساس في نجاح التجربة، فلو لم يكن الوزير عبطان؛ لما يكن للتحدي إي تأثيره إعلامي.
فالعراق بحاجة ماسة للتحدي في الوقت الحالي أكثر من الأوقات الأخرى، لان النظام المعمول فيه سياسياً عكس صورة للعراق، وكأنه الرجل الذي يموت سريرياً، رغم ما يملك من طاقات وقدرات، إذا ما استثمرت فإنها تعد رصيداً قومياً فاعلاً في النهوض بالبلد، وإحداث التغيير الذي يرتقبه الشعب بأكمله، في المحصلة إن العراق بحاجة لخطوة جريئة، لاسيما الحياة فيه أصبحت غير منتجة.
نجاح هذه التجربة يعطي دليل إن الوطن بحاجة لتجارب عملية، تأخذ حيزها في التطبيق، بعد جملة من التشريعات تسنها الجهات المختصة، ما يحول هذه المبادرة إلى استثمار حقيقي للطاقات الكامنة، ودمجها مع الخبرات الموجودة في المؤسسات الحكومية، لان الاندماج والاندكاك يعطي نتائج طيبة، تصب في مصلحة البلد، فالتنامي لا يكون إلا عن طريق تمكين الإمكانيات الفكرية والذهنية والجسدية لخدمة الوطن.
لذا نتوقع نجاح التجربة لأسباب؛ إن العراق بحاجة لكسر الروتين المسيطر عليه من قبل الأحزاب الحاكمة، فضلاً عن، إن التجربة تم تطبيقها من قبل احد أبرز الوزراء الداعمين للتغيير الجوهري، والتمكين الحقيقي لدى الشباب، كون الوزير عبطان متبنياً لأفكار تياره الحكمة الوطني؛ الذي يراهن إن التغيير يحدث على أيدي الشباب.