7 أبريل، 2024 9:01 ص
Search
Close this search box.

تحدي البلاغة،،(19) محاججات القرآن الدامغة

Facebook
Twitter
LinkedIn

كل من يسوق حجة في معرض نقاش او جدال او لإثبات حق او لتفنيد باطل يواجه حجة مقابلة من خصم قد يتغلب عليه ويسقط الحيلة من بين يديه، ولذا فان المحاجج اكثر مايكون متمكنا من الغلبة عندما تكون حججه عملية وليست عقلية،اي مدعمة بدليل ملموس وليس بمنطق محسوس ، كأن يستجلب المحاور اثرا مرصودا او خبرا مشهودا لما وقع ويريد اثباته.والا فما اسهل ان يفند قول بقول، الا ان القرآن العظيم -ولأنه كتاب الله خالق كل شيء ولسبب مستحدث في زمن نزوله لم يكن في الماضين من الامم الا وهو تربيته لمعاصريه وبعده ان يتوقف الناس المخاطبون والمستهدفون بالرسالة-وهي لكل الناس- عن المطالبات العينية التي اعتادت عليها امم ارسلت اليهم الرسل فيما سلف وبعث فيهم الانبياء-و لأنه خاتم الرسالات والكتب فقد اعتمد كثيرا على معجزات العقل وتدبره ومحاججاته ،
وان كانت امة العرب الموهوبة في اللغة وصياغاتها ، وبنائها ومجازاتها، يفحمها التحدي البلاغي للغة ذاتها ، وقد حقق القرآن هذا الهدف فجعلهم يحارون امام آياته ، ويقفون عاجزين في دقة غاياته، فعلموا يقينا ان رجلا أميا لايمكن له ان يكتب مثل هذا ولم يعهد عليه شعر ولاخطابة ولاكهانة ، و زادهم حيرة ان كبراء ناظميهم وناثريهم ومتحدثيهم ، والنادر من اصحاب الاقلام فيهم، عجزوا ان يبطلوا ادعاء القرآن بتفرد بلاغته وتحكم صياغته او يلبوا دعوته في المبارزة ،او يغلبوه في المناجزة ، كما عجز منهم اهل الاطلاع ومخالطة الامم ان ياتوا بمثل مايحمله من تشريعات وقوانين وقصص الماضين ذات الاثر والعبر، وقد كان بعضهم لبعض ظهيرا،
سيما وانه كسر شوكتهم واخرس نبهاءهم المشككين في ان يجدوا فيه اختلافا ان كان من عند غير الله فعجزوا وانصاعوا.
لكن الامر مع اهل الكتاب ممن عاصروا نزول القرآن ولهم تجربة اخرى مع هذا الدين الحنيف في كتب سماوية سابقة، وانبياء مبعثين مصدقين بالبينات التترى الصاعقة، وكانوا قد أثخنوا فيهم قتلا وعصيانا وتكذيبا ، فكانت تنزل عليهم الآيات والعلامات من السماء، كما كانت تصيبهم اللعنات حاضرا عيانا بدعاء الانبياء. فلما نزل القرآن وهم يعرفونه حقا من الله ارادوا ان يناهضوه ويكذبوه ويسفهون ماجاء به من تصديق لما بين يديهم، يقول تعالى ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ۚ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ وهذا عزز موقف المؤمنين الجدد اذ ما زالت حوارات وكلمات الكتابيين حاضرة في اذهانهم عند تهديدهم ووعيدهم للاميين المشركين بنبي يؤيدهم وكعه كتاب، قبل ان ياتي النبي وينزل الكتاب ،،ولكن انقلبوا ، فانطلق القرآن يعزز هذا الحال ويكشفه والمؤمنون العرب يصدقون بالحجة الواضحة وبحقيقة النبي، فيذكر العرب ان ﴿ٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ ٱلْكِتَٰبَ يَعْرِفُونَهُۥ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمْ ۖ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
ثم انطلقت رحلة القران العظيم في محاججتهم للجمهم ووقف تاثيرهم على العرب الاميين الذين اعتادوا ان هؤلاء اهل كتب سماوية و اهل علم بينما المبعوث الجديد ليس الا أحدهم يتلو عليهم آيات الله ﴿هُوَ ٱلَّذِى بَعَثَ فِى ٱلْأُمِّيِّۦنَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِهِۦ﴾ فكان التحدي على اخطر مايكون والجدال يبدو لأول وهلة محسوما سلفا لهؤلاء القوم المناجزين ،
فكانت مهمة القران (محاججة القوم الاكثر تاثيرا في وجدان الناس واذهانهم طوال قرون واجيال) ،ومن هنا تفهم اعجوبة القران واعجازه في المحاججة العقلية المنطقية البلاغية عندما لا حجة عينية-يلمسها المخاصم- تدعمه ، فتحمل القران هذه المهمة النبيلة محاججا العرب اولا حاملي الرسالة الجديدة لتقوية عزيمتهم امام هؤلاء المنكرين كي لايشوشونهم سيما وانهم صدموا من تمنع اهل الكتاب عن الايمان بكتاب مصدق لما بين ايديهم ، فبين القرآن ان انكارهم ليس الا حسد ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعْدِ إِيمَٰنِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ ۖ﴾ و ﴿بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ﴾ وبعد ذلك بين لهم الله سبحانه ماالذي يسره اهل الكتاب لبعضهم ومايلومون به فريقا منهم من الذين اعترفوا للمسلمين ان هذا مما ذكر في كتبهم المنزلة السابقة ﴿وإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍۢ قَالُوٓاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمْ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ وقولهم لبعضهم ﴿لاتُؤْمِنُوٓاْ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ﴾
و إذن و أفعالهم هذه فمن المنتظر ان لايؤمنوا للامة الجديدة فسبقه بقول: ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ كيف تفكرون ان هؤلاء القوم سيؤمنومن او يدعمون او يؤيدون او حتى يحبون ماتقولون لهم و تدعونهم اليه من الايمان بما انزل او بما اوحي الى نبيكم و هم الذين كان فريق منهم يسمعون كتاب الله ويعقلونه ويحفظونه ثم يحرفونه ، والدليل انكارهم للكتاب الذي كانوا وعدوكم به والنبي الذي كانوا يستفتحون عليكم به ، وها قد انكروه وانقلبوا على كلامهم وانتم بين ظهرانيهم مازلتم احياء تشهدون .
ثم التفت الى محاججتهم مباشرة متوليا تلك المهمة عن الاميين ورسولهم ، فانظر وتمعن بنوع من امثلة المحاججات الدامغة ، فلما قالوا :
﴿إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَآ أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍۢ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ﴾ وقبل ان يحار الرسول والمؤمنون بماذا يردون قال القرآن ﴿قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِى بِٱلْبَيِّنَٰتِ وَبِٱلَّذِى قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ﴾ ياللرد الملجم! فان كانت هذه حجتكم فلماذا لم تؤمنوا لمن اتى بها من قبل ، ليس هذا فحسب بل عندما يقال لهم آمنوا بما انزل الله الآن ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ ۗ ﴾ فاذا كنتم لاتؤمنون الا بما انزل عليكم من قبل ﴿قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
و حين افتروا على عيسى عليه السلام و امه الصديقة حاججهم القرآن ﴿لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ ۚ ﴾ فقال ﴿قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْـًٔا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُۥ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ ﴾
و لما قالوا : ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ﴾ كاد العرب ان يصدقوا لكن القرآن عاجلهم قائلا ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ﴾ وعندما ساقوا حججا ليحرجوه امام قومه بين الله ضعف جحتهم فقال ﴿يَسْـَٔلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَٰبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَٰبًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ۚ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰٓ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوٓاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ۚ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ﴾ سبق وطلبتم من موسى ان يفعل ففعل فما كان فعلكم ، هل آمنتم؟ كلا بل طلبتم رؤية الله ، وبعد عفوه عنكم وبعثكم من الموت عبدتم العجل ،فاذن ايها العرب هؤلاء قوم لاينتهون ولايؤمنون ولن يؤمنوا فلا تتبعوا اقوالهم فهؤلاء اصحاب اهواء ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ لا طائل من مجادلتهم فقط ﴿قُلْ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍۢ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِۦ شَيْـًٔا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّهِ ۚ﴾ هذا هو الفاصل الوحيد ايها المؤمنون بينكم وبينهم ﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ فجدالهم لايغني عنك ايها النبي﴿فَإِنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِىَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ ۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْأُمِّيِّۦنَ ءَأَسْلَمْتُمْ ۚ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ ۖ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ ۗ وَٱللَّهُ بَصِيرٌۢ بِٱلْعِبَادِ﴾
وعندما ارادوا استمالة المسلمين الجدد بان الجنة لليهود والنصارى فقط جاءهم الرد ﴿وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ اين البرهان ايها المدعي ، فلا اسهل من الكلام. بل لما تفاخروا امام المسلمين ان لهم الدار الآخرة رد عليهم ﴿قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلْءَاخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ﴾ الامر في غاية البساطة اذن ، ان كان لديكم خبر حق ان الاخرة لكم فتمنوا الموت او قاتلوا لتموتوا فانتم مبشرون، ولكن الحقيقة انهم ﴿وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًۢا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ﴾ بل ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَوٰةٍۢ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍۢ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِۦ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَٱللَّهُ بَصِيرٌۢ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ اذن هي حجج ومطالب لن تنتهي لذلك انهى الله معهم ذلك ومع الذين ينعقون معهم دون علم بعد حين ﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوْ تَأْتِينَآ ءَايَةٌ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَٰبَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ ﴾ فقال سبحانه حاسما ﴿قَدْ بَيَّنَّا الآيَٰتِ لِقَوْمٍۢ يُوقِنُونَ﴾
ومثل تلك المحاججات النافذة ما حاجج به القرآن ايضا بعض المتخلفين عن القتال او الكافرين ممن لاموا بني قومهم على الالتحاق بالمسلمين محتجين بمقتلهم او موتهم مع الاسلام او في معاركه ﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ ﴾ فيرد القرآن ﴿قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ﴾ و دعما لهذا يقول في موضع اخر رادا هذا الادعاء ﴿ٱلَّذِينَ قَالُواْ لِإِخْوَٰنِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْ ۗ﴾ فيرد ﴿قُلْ فَٱدْرَءُواْ عَنْ أَنفُسِكُمُ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ﴾
الامر بسيط ان كان صدقا ماتقولون من ان اخوانكم ماكانوا سيموتون لو تخلفوا ، فاحموا انفسكم من الموت اذن و اخلدوا انتم ، فهم يعلمون بالتجربة وطول السنين وزوال الامم والاجيال صدق القرآن عندما يقول ﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍۢ مُّشَيَّدَةٍۢ ۗ﴾ ولذلك فادعاؤهم ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنْ عِندِكَ ۚ ﴾ كاذب وانما ﴿قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ ۖ ﴾ ﴿فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ فكلام هؤلاء الناس لايصدر الا ممن لايفقه القول ، ومن لايفقه القول لايعتد بمحاججته.
و للمشركين الذين رفضوا الدين بحجة ﴿إِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ ۗ﴾ يقول لهم القرآن ﴿أَوَلَوْ كَانَ ءَابَآؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْـًٔا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ فأين صحة الاحتجاج بالآباء.
بل و يعلم القرآن المؤمنين من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام كيف يردون الحجج ﴿قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِى ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَٰلُكُمْ وَنَحْنُ لَهُۥ مُخْلِصُونَ﴾ و ﴿أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَٰهِۦمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلْأَسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَٰرَىٰ ۗ قُلْ ءَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ ۗ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَٰدَةً عِندَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ ۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾
فسبب ذلك كله -يبين الله تعالى- لعباده انه ﴿مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ وَلَا ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِۦ مَن يَشَآءُ ۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ﴾
اللهم فاختصنا بفضلك ورحمتك يا ارحم الراحمين

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب