بعد اعلان السيد رئيس مجلس الوزراء النصر النهائي على تنظيم داعش الارهابي في العراق ، ومع خروج العراق من البند السابع وانتعاش اجواء التفاؤل بالعملية السياسية والديمقراطية بتحديد موعد للانتخابات التشريعية منتصف العام المقبل ونجاح الحكومة في التصدي للتحديات المطروحة وبالذات في الحفاظ على وحدة العراق وعزمها اعلان الحرب على الفساد ، تُطرح الأسئلة التالية:
هل يستطيع الدكتور العبادي ان يحارب الفساد منفردا ؟ وهل سيقف الجميع معه في محاربة الفاسدين ام انه سيواجه خصوما حتى من حلفائه ومقربيه ؟ وهل سيستمر في محاربة الفاسدين دون هوادة ام انها خطوة مرحلية قد تنجح وقد لا تنجح ؟
أسئلة كثيرة تتمحور حول سلوك رئيس مجلس الوزراء الذي يرعى اكثر من ملف في عراق ما بعد داعش ، تتركز اغلبها في مواجهة تحديات التعايش المجتمعي وتطبيق القانون على كل اراضي البلاد دون استثناء من خلال ترسيخ المواطنة ومحاربة الفساد.
ولتقييم التحديات الرئيسية في عراق ما بعد داعش وبالخصوص في ثلاثية التعايش والمواطنة ومكافحة الفساد ، فإننا يجب ان نثبت التالي:
1. لا يمكن النهوض بالتعايش واعادة النازحين دون ازالة اثار داعش وإعادة إعمار مدن البلاد عامة والمدمرة خاصة ، وهذه العملية تحتاج الى وقت طويل قد لا يتمكن السيد العبادي من الاستمرار بها نظرا لقصر المدة الزمنية المتبقية من الدورة التشريعية الحالية.
2. ان ترسيخ المواطنة التي يدعو اليها الجميع ليست قانونا يشرعه البرلمان وتطبقه الحكومة ، بل هو مجموعة اجراءات ومفاهيم يستوعبها المواطن ويعمل على تطبيقها دون رقابة ، ومن جانب آخر هو مجموعة اوامر تصدرها السلطة التنفيذية لادواتها الرسمية في سبيل تحقيق اهدافها بفرض الامن والنظام وتطبيق الدستور والقانون على جميع افراد الشعب دون تمييز بين أيا منهم وحصر السلاح في يد الدولة.. وهذه عملية معقدة الى درجة ان المجتمع العراقي بعيد عنها تماما وعن روحيتها في الوقت الحاضر على الاقل ، ويحتاج الى مشاركة كافة تشكيلاته المجتمعية مع مؤسسات الدولة للوصول الى مستوى مقبول يرسخ المواطنة ويحولها الى سلوك اجتماعي متميز يسعى الجميع الى تطبيقه والتباهي به.
3. اما مكافحة الفساد ، فمع إقرار رئيس مجلس الوزراء بصعوبة المعركة معه وتعقيدها الذي يفوق ما خاضه العراق من حرب مع الارهاب… بسبب وجود الفاسدين داخل البيت السياسي وتحول الفساد الى ثقافة بين افراد المجتمع ، فان هذه المهمة ليست سهلة ولا يستطيع احد النهوض بها منفردا دون توفر العوامل التالية:
اولا – الإرادة السياسية الصلبة التي لا تتهاون او تتفاوض او تتوقف او تؤجل الإجراءات القانونية بحق الفساد والفاسدين.
ثانيا – التركيبة المتجانسة داخل قبة البرلمان التي تنحي الخلافات السياسية والطائفية جانبا ، وتعمل منسجمة على تشريع القوانين الرادعة وتفعيل الرقابة اللازمة للنهوض بمهمة انجاح مستلزمات الحرب على الفساد.
ثالثا – الجهاز القضائي الفعال الذي لا يحابي ولا يسامح ويقف جنبا الى جنب مع قضية الوطن والفاعلين في سبيل حمايته وحماية ثرواته من النهب والسرقات.. بالعمل المهني اولا؛ والسرعة في إنجاز القضايا ثانيا؛ واصدار الأحكام الرادعة بحقهم دون النظر الى شخوصهم او مناصبهم.
إذن نجاح العراق في مواجهة وتجاوز تحديات ما بعد داعش لا تقف عند سلطة معينة او سلوك مسؤول معين بل تستوجب التعاون المرن بين السلطات الثلاث – التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وتتعداه الى تعاون المواطن وكافة مؤسسات المجتمع من خلال ثورة مجتمعية تسقط ثقافة الفساد وتعيد المتشبثين فيه الى موقعهم الصحيح المنبوذ من الجميع.