9 أبريل، 2024 1:06 ص
Search
Close this search box.

تحت أنظار السيد عادل عبد المهدي ، أنقذ شبابنا من كارثة تشابه الأسماء في السيطرات

Facebook
Twitter
LinkedIn

كنا نسمع الكثير عن الإشاعات المهولة ، تلك التي تحيط بالمبتلين بخطأ (الدولة) الفادح هذا ، حتى تيقنت إنه ليس خطأ ، إنما باب جديد أبتكرته عقلية الفساد القذرة ، وإستفحل هذا البلاء ، ليشمل ربع الشباب تقريبا ، وأن هنالك مافيا على درجة من التنظيم ، ففي البدء ، وبعد أن يكون جندي سيطرة الطريق الخارجي قد حقق إكتشافه (العظيم) ، وإن تمكن (المظنون) المسكين والضحية من النفاذ بجلده ، تقوم (الذيول) وهم من صغار موظفي هذه الدوائر المشمولة بتهويل الموضوع أمام الشخص المبتلي وبث الإشاعات عن حالات (غياب) الكثير في المعتقلات و(تنام عليه الطابوگة) ، وهم ناصحون له ليس إلا ! ، وتخويفه بتقييد حركته ، وعند وقوع هذا الإبتلاء على شاب ما ، لا توجد سياقات واضحة لأجل محو هذه الوصمة التي إبتكرتها الدولة ، ويبقى الشاب المبتلي بظاهرة تشابه الأسماء ، يدور في دوائر مغلقة ، حتى يرضخ للإبتزاز ، ويضطر لدفع أتاوة قد تصل لآلاف الدولارات ! ، ظاهرة لم تكن موجودة حتى في الدولة العثمانية ، كل ذلك لإستصدار صك (لا داعي ولا مندعي) ، على حد تعبير مسرحية (الخيط والعصفور) ، إلا أن الفرق أن مكان القاضي العثماني في المسرحية واضحا ، ويرضى ببضع (روبيات) !.

إن تدقيق اسماء المسافرين على الطرق الخارجية ، أمر محمود ولا بد منه ، وهو جهد مشكور من قبل الجهات المعنية للحد من الإرهاب والجريمة ، لكن المصيبة تكمن في نقص المعلومات الملقمة في الحاسبات ، فكثير من الأحيان ، يوجد اسم ثنائي أو ثلاثي للمشتبه بهم فقط ، وفي هذه الحالة ، كل من تتطابق اسمائهم الثنائية أو الثلاثية ، تضعهم في دائرة الإتهام ، ولا يشفع لهم اسمهم الرباعي أو اللقب أو أسم الأم ! ، كذلك نوعية برنامج الحاسبة ، فليس من المعقول تنصيب برامج (وورد) في السيطرات بدلا من قاعدة بيانات قابلة للتحديث لحظيا ، ومرتبطة معلوماتيا بالحاسبات المركزية ، أحد معارفي تمكن من الإفلات بشق الأنفس ، بالرغم من تثبيت وفاة المشتبه به المتشابه مع اسمه في الحاسبة !.

وقع هذا الإبتلاء على ولدي بينما كنا عائدين من أربيل في إجازة سياحية حتى دخلنا سيطرة كركوك بإتجاه بغداد ، وبصعوبة بالغة أفرج جندي السيطرة عن ولدي بعد إبرازه هوية نقابة المهندسين ، وأنه موظف في وزارة الصناعة بأجر يومي ، لكنه نصحنا بأن السيطرات القادمة لن تكون متسامحة حتى ما بعد سيطرة الشعب ! ، وسألناه عن السياق المُعتمد لرفع هذا الإشتباه ، فذكر لنا أن الأمر بسيط وهو مراجعة أقرب محكمة ، وسيحيله القاضي إلى مركز الشرطة القريب من منطقة السكن ، وسيقوم بإجراء اللازم ، جندي السيطرة لم يعطنا أية معلومات إضافية كإسم الجهة التي تطلب ولدي ، مدعيا إنها معلومات سرّية لا يمكنه الإفصاح عنها ، هكذا كنا نحبس أنفاسنا كلما مررنا بسيطرة وكأننا إرتكبنا جرم كبير ، وكأننا ضحايا لإرهاب من نوع جديد ! ، وبعد وصولنا لبغداد بسلام ، بدأنا مرحلة ملحمية مليئة بالمهازل والتعرض إلى شتى ألوان التخبط والإبتزاز !.

توجهنا إلى أقرب محكمة ، وبعد كتابة الشكوى عند (العرضحالچي) ، وجدنا زحاما شديدا عند القاضي ، فتقدمت إحدى المحاميات لمساعدتنا طالبة مبلغ 25 ألف دينار ، فقط لإيصال العريضة للقاضي ! ، عامل القاضي ولدي بمنتهى الإستفزاز والإستعلاء قائلا له : (ومن يضمن لي أنك لست مجرما ؟ ، علي وضعك في التوقيف لغاية وضوح الموقف)! ، وطلب القاضي منا العودة إلى سيطرة كركوك لمعرفة الجهة التي تطلب ولدي ، وكأن كركوك تقع على بُعد خطوات من مكتب القاضي ! ، وبعد أخذ ورد قام بتهميش العريضة موجها أمره لمركز الشرطة بإجراء اللازم ، وتوجهنا لمركز الشرطة ، فإدعى ضابط المركز إنه ليس من صلاحيته لكونها تهمة 4 إرهاب (!!!) .

الشرطة في المركز نصحونا بمراجعة دائرة الأدلة الجنائية في منطقة البلديات ، وذكر أحد الحرس من الشرطة أنه نفسه ضحية تشابه الأسم ! ، وإنه نفسه (محبوس) ضمن حدود بغداد بسبب ذلك ! ، عرفنا بعدها أن المزيد من الفوضى وعدم وضوح الرؤى والتخبط في إنتظارنا ، لكني علمت أن كل ذلك كان مقصودا ! ، على كل ، توجهنا في اليوم التالي وبمعنويات تحت الصفر إلى دائرة الأدلة الجنائية ، وبعد أن شرحنا مشكلتنا لإستعلامات الدائرة ، زادت حيرتنا إلى حد كبير ، عندما علمنا إن إختصاصهم إصدار عدم محكومية ، وأن (عدم المطلوبية) شيء آخر ليس من إختصاصهم ! ، وبعد إلحاحنا عليهم سمحوا لنا بدخول سجلات الأدلة الجنائية لكن دون جدوى ، نصحنا أحدهم بالذهاب إلى التسجيل الجنائي الكائن في ملعب الشعب ، ولم نحصل حتى من هناك على شيء! .

ومرّت الأيام ونحن نسمع من هذا وذاك ، متنقلين ما بين قيادة عمليات بغداد في الحارثية ، التي نصحتنا إستعلاماتها أنه ليس من إختصاصها هي الأخرى ، وأنه من إختصاص الإستخبارات العسكرية في مطار بغداد – بوابة 14 ، وبعد (تواسيل) تمكنت من الدخول إلى المطار ، فأستقللت سيارة لأحد المنتسبين دخلت مسافة أكثر من 15 كيلومتر في الداخل ، ليقابلني أحد أفراد أستعلاماتها ، قائلا إنه ليس من إختصاصها هي الأخرى ! ، وإنه من إختصاص إما قصر العدالة في مدينة الحرية ، أو المحكمة الإتحادية في الرصافة ، وفي الواقع ، ورغم توتري ويأسي ، لم أستطع كتم ضحكتي عندما ذكر لي هذا الموظف كلمة (العدالة) ! ، لكنه نصحني بعدم إصطحاب ولدي لأنه سيُعتقل ويُرسل للتسفيرات كإجراء أولي حتى يتم التحقيق ! ، وتعجبت من هول الكارثة إذا إجتمع الغباء مع الظلم ! ، لكني لاحظت أن الشوارع الداخلية في المطار ، لا تقل خرابا عن شوارع العاصمة ، مضرب المثل العالمي في السوء ، وتحيط بها الأزبال والأنقاض ، وأن جميع جنود السيطرة وهم من الجيش ، لا يؤدون التحية العسكرية إلى المنتسبين مهما علت رتبهم ! .

والأيام تمر ، وتوجهت أخيرا إلى المحكمة الإتحادية في الرصافة ، لإستصدار أمر من القاضي ونحن يائسون ، لكن موظف الإستعلامات قال بالحرف الواحد ، أن أول ما يفعله القاضي ، هو إصدار أمر بحبس ولدك على ذمة التحقيق وتسفيره ! ، يبدو أن القضاء العراقي قد إخترع مبدأ (البريء مجرم حتى تثبت برائته) ! ، هكذا إنقطعت السلسلة ، متسائلا بمرارة ، من هم هؤلاء الذين ولّيناهم أمورنا ؟! ، من أين أتوا ؟ ، طيلة هذه الرحلة الملحمية ، إضطررت أن أتقرب من عدة ضحايا لهذه الكارثة ، أحدهم تحدثت معه شخصيا ، حُبس لعامين ، ذاق خلالها أنواع الضرب والإهانات ، ثم أفرج عنه ، كنت أسمع من هنا وهناك ، ومن منتسبين ، أن المسألة كلها تُحل بمبلغ من 1500 إلى 2000 دولار !، بكتاب عدم تعرض يصل للمنزل ! ، أما عند الحبس ، فلا تفيد عندها إلا (الدفاتر) ! ،

الأجدر بقضائنا ، لو إمتلك الحدود الدنيا من العدل أو النزاهة ، محاسبة حيتان الفساد ومافيات الإرهاب ، المتورطون بأدلة دامغة ملأت الآفاق ، بدلا من إعادة تدويرهم كالنفايات ، فصاروا وزراء وأعضاء بالبرلمان، فضلا عن رمي آلاف الأبرياء بتهم من هذا النوع لغرض إبتزازهم ليس إلا ! أحد الموظفين في محكمة الرصافة ، ذكر لي بأن هنالك تعميما بحذف الأسماء الناقصة (ثنائية وثلاثية ) ، ورفد حاسبات السيطرات بمعلومات مكتملة عن المطلوبين ، وهو الأسم الرباعي واللقب وأسم الأم ، لكنه أسرّ لي أن هنالك طبقة مستفيدة (لوبي) ، ترفض هذا التحديث وتقاومه بكل قوة ، لأنه يعود عليها بأموال تصل لملايين الدولارات ! ، في الوقت الذي أنفقت فيه ما لا يقل عن 250 الف دينار فقط لأجل (التاكسيات) ، فلا يمكن الذهاب إلى هذه الأماكن بالسيارة الخاصة ، كل ذلك قابل للتعويض ، لكن الدولة لا يمكنها أن تعوضني عن لحظة واحدة من أيام من الكآبة والتبرم والقلق واليأس ، وأسوأ أنواع اليأس هو اليأس من العدالة ! ، وأقولها أنا لا أتشرف بجنسية تحمل توقيعا أو دمغة من شاكلة هؤلاء فقد صار أحدهم (سبعا ضاريا يغتنم أكلنا ، فهم ليسوا أخوان لنا في الدين لأنهم لا يعرفون الله ، وليسوا نظراء لنا في الخلق ، لأنهم وحوش إبتعدوا عن الإنسانية) ! .

أضع هذه المعاناة أمام أنظار الدكتور عادل عبد المهدي ، فطبقات الفساد هذه ، لا تزول إلا من قبل أعلى المراجع المتمثلة بشخصه ، يجب القضاء على حالة الفوضى والفساد والظلم ، وسحق الطبقة المتربحة من آلام الأبرياء ، فأسماء المطلوبين غير موحدة ، فربما تكون مطلوبا في سيطرة النجف ، لكن ليس كذلك بالنسبة لسيطرة البصرة ، وأن حاسبة الجرائم الجنائية ، غير حاسبة المطلوبين للإرهاب ! ، كل ذلك ونحن نصيح (هيهات منا الذلّة) ، وهل هنالك ظلم وذل ، أكثر من ذلك ؟! .

ولدي الذي طالما أراد الهجرة إلى الخارج من هذا الجحيم ، وكنت أرفض طلبه متعللا بشتى الذرائع ، وبدأت هذه الذرائع في النقصان حتى تلاشت تماما ، وفوق ذلك ، يلوح برلماننا العتيد المتعدد الجنسيات كل مدة بالتجنيد الإلزامي وكأنه تهديد جديد لشبابنا ، إنا لله وإنا إليه راجعون .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب