23 ديسمبر، 2024 9:21 م

تحايل أم إعجازٌ قرآني؟

تحايل أم إعجازٌ قرآني؟

أرسطو، كان يعتقد بأن أسنان المرأة أقل عددا من أسنان الرجل، ولم يكلف عناء نفسه النظر في فم زوجتاه، للتأكد من صحة إدعائه!! لكن الناس تناقلت قوله بثقة عمياء، مصدقةً قوله لهالته الفلسفية الشائعة، ولكون المجتمع ذكوري يطرب لما يقلل من شأن المرأة، فسرت بضاعته على البسطاء من الناس.

ربّاط السالفة:
كل يوم نسمع من يدعي بأن في القرآن ذكر كلمة يوم بعدد أيام السنة والأشهر بعدد أشهر السنة، كما ذكر القمر سبعة وعشرون مرة عدد أيام الشهر القمري، وكل هذا لصيد الكفار للإيمان ولإزالة الشك في قلوب المؤمنين وتقوية إيمانهم، عسى ولعل يتركوا النفاق ويهتدوا حقاً، ومنها بات الأعجاز العددي من المستحدثات لصناعة مصيدة الكفار، كمصيدة الفئران.

القمر والأيام:

للأسف كذب المدعون وإن إدعوا الصدق والنوايا الحسنة، فإن صح عدد القمر 27 مرة في القرآن، فلا علاقة له بالأيام، والعدد سبعة وعشرون ليس هو الصحيح، فإن صدق أرسطو في حساب أسنان المرأة فقد صدق المدعون بالأعجاز العددي هذا! ولايمنع الله أحداً من النظر في كتابه للتثبت من صحة العدد وعلاقاته ومفهومه.

أولا:

للقمر منازل وهي أجزاؤه الثمانية وعشرون لثمانية وعشرون ليلة، أي ليالي لا أيام، فاليوم لاعلاقة له بالقمر، وغالبا مايُعنى به بالنهار. فَلِم كان العد سبعة وعشرون مرة لأسم القمر أو قمر وليس ثماني وعشرون يوماً؟ هذا اذا وافقنا على علاقة القمر بالأيام.

ثانيا:
عن إعجاز العدد والوزن الذري للحديد:

أو لم يدّعوا أن العدد الذري للحديد 26 كإعجاز واعجازه ، أن ذِكره أتى في الآية 26 بالتحديد، والحق هو أتى في الآية 25، الا اذا تحايلت بالعد جعلت ( بسم الله الرحمن الرحيم) أيها رقم واحد، لكن كيف ولم ترقم بأي رقم؟ لو اضفتها تحايلاً يتم العدد وهذا هو التحايل بعينه وليس الأعجاز.

الوزن الذري للحديد:

ولبيان الإعجاز في الوزن الذري للحديد، ذهبوا الى رقم تسلسل السورة في الكتاب، فوجدوها 57 فقالوا هو الوزن الذري للحديد وليس غيره، بينما هو لأحد نظائر الحديد، فنظائر الحديد ثمانية وعشرون أربعة منها مستقرة ، 54-56-57-58. فلم لم ينتخبوا غيره؟

سورة بأسم الحديد، ومع ذلك الوزن الذري للحديد غير معروف للرسول، أخفاه الله عنه وعن كل الأمة بأئمتها وأهل بيته! ألا يدعو الأمر للاستغراب؟

أم لأن العرب وعلماءهم الفطاحلة في الأمية لم تسأله عن الوزن الذري للحديد؟!
لكن السورة نزلت على الرسول، فكيف لم يعلمه به الله ويذكره بحديث؟

ما أهميته إن علم به او لم يعلم؟
القرآن هو الهدى والرحمة والنور للنفس كما هو جوهر كافة رسالات الأنبياء والرسل وليس كتاب علوم وإعجازات رقيمة وفلكية وخرافات عددية رقمية؟

ثالثاً:
هل من يبين لي حقاً، ماهو إعجاز تكرار الآية (إنّي لكُم رسولٌ أمين) خمس مرات في سورة الشعراء للآيات التالية على التوالي:107، 125 ،143 ، 162 ، 178؟!

ما هو دلالة التكرار لخمسة مرات وليس أربعة مثلاً؟

رابعاُ:

التين والزيتون

التين ذكرت مرة واحدة، والزيتون 5 مرات وليس سبعة كما يدعون، بل العدد الكلي ستة إلا إذا اضفنا تحايلا لفظ زيتونة معها – بالرغم من أنها أتت في القرآن (شجرة مباركة زيتونة) النور ٣٥- وهذا فرق بين الزيتون وشجرة الزيتون، ومع ذلك فالمجموع ستة وليس سبعة كما يطبل البعض.

خامسا:

يدعي البعض أن الله ذكر أسم اليوم 365 مرة، فهل هذا صحيح في الإعتماد على أيام السنة الشمسية دون القمرية؟
هذا تحايل واضح، فعدد أيام السنة القمرية تتخلف بفارق 11,2 يوم عن عدد أيام السنة الشمسية.

لكن عدد اليوم في القرآن، فيما لو جمعنا فقط (اليوم، يوم، يوما)..فعددها 227.
أما لو أضفنا لها، (وليوم، و فاليوم، وبيوم، باليوم)…وهملنا (يومئذ ويومهم ويومكم)…فيكون الناتج هو 347، وقد نخطأ في العد بفارق بواحد أقل أو اكثر، فهذا ممكن لكن لانصل الى أيام السنة الهجرية ولا الشمسية!
أما لو جمعنا أيضا يومهم ويومكم ويومئذ، فالعدد الكلي 417 مرة، فمن أين اتوا ب 365 مرة لليوم في القرآن؟
ثم الا يعلم المدعي او المدعون؛ أن الحساب العربي قمري ولايتبع الشمسي، فالشمسي الميلادي دخل بدخول الإحتلال الى بلداننا الإسلامية على ما أعتقد، ولازالت السعودية والمملكة المغربية توثق بالهجري، فلماذا كل هذا التحايل على البسطاء؟

سادساً:

كم مرة أتت شهر في القرآن.

في تركيب جمع العدد، فوق العدد عشرة، نقول أحد عشر شهرا، كما نعد دون العشرة بشكل لغوي يختلف عما هو فوق العشرة.
فمثلاً نقول ثلاثة كواكب…ولانقول كوكباً، إلا فيما هو بعد الرقم عشرة، كقولنا أحد عشر كوكباً.
فالمضمون في القراءة لكوكبا للجمع وليس للمفرد، وهذه لغة العدد والحساب، لايصح للتحايل لعزل الاسم المعدود عن عدده المركب، فأن كان شهرا للجمع في الجملة العددية المركبة، فلابد من تقبلها كتقبل جمع أشهر للعدد ما دون العشرة ولانميزها لنتخذها عدد مفرد للتحايل في العد، وننسى مناطها الجمع كقولنا الف عجلة، فعجلة لوحدها مفرد لكن هي في الجملة وحدة واحدة مركبة لاتنفصل ولايصح فصلها.
في القرآن (ثلاثة أشهر) وعلة القول أشهر لأنه جمع ما دون العشرة، كما قالت العرب، وهذا لسانها، ومقامه جمع كجمع ما هو فوق العشرة مع فارق اللفظ، فدون العشرة جمع أشهر وفوقها مفرد شهرا، وكلاهما؛ أي، أشهر وشهرا في العد دون وفوق العشرة في محل جمع لامفرد. فلورودها مفرد لها قرينة وسياق لغوي يدل عليه، وهذا غير موجود في لغة العد خاصةً، وإنما في لغة الكلام كقولنا ..مشى زيد شهرا ويوما. ومن لايفرق بينهما يقع في مطب الإعجاز العبقري.
عند الفهرسة نكتب شهر لأن المصدر الأول شهر، وعند السؤال نسأل كم شهر لا كم شهراً. فالسؤال عن المصدر وهو الشهر.

فكم مرة جاء إسم الشهر في القرآن؟
الجواب هو 10. وكم مرة أتت شهرا؟ الجواب مرتان، وبالتحايل جمعاً يصبح العدد 12شهرا لبيان الإعحاز.

في أي بحث الكتروني سيطلب منك الأسم كما هو ليخبرك بالعدد كما رسمت الأسم.

ختماً:
لماذا لايوجد حديث حول الأرقام وإعجازاتها في القرآن؟

الجواب وببساطة:

لأنه كتاب لاتعني له الأرقام والأسماء شيئا، فهو كتاب هدى ونور، وليس علوم فلك وكيمياء وفيزياء، وأسماء أدوية، ومن جعله كذلك فقد جعل رزقه الكذب وإتبع هواه، بل هو من جعل العلم الاعجازي وسيلة لتثبيت القرآن من عند الله، وكأنما كان العلم يوماً دليل الناس في إعتقادها وأيمانها! فهبوا لما غفل الله ورسوله عنه، وكأن الله متعطش لصيد الكفار الذين يؤرقونه، بأي وسيلة كان، حاشا الله من تفكير خلقه وما يأفكون.