أصبح العراق حقلاً خصباً للتجارب السياسية، وبحث عن مكاسب ذاتية؛ بتمرير مصطلحات آنية لا واقعية، وتنتهي بآخرى أكثر حداثة وتفاعلية.فشلت الحكومات المتعاقبة من 2003م الى اليوم، وسبب صراع الكتل أدى الى تردي الخدمات وتفشي الفساد، وتغلغل إرهاب مدعوم من الخارج بتواطيء أو سوء إدارة الداخل.إعتقد رئيس الوزراء إزاء الأزمات وضغط الشارع؛ أن الحل يكمن بحكومة تكنوقراط، وإعتماد الإستقلال والإختصاص، وبعد جدل ونقاشات وقياس نبض القوى السياسية، لم يفلح بترويج دعواه ولم يُقنع القوى السياسية؛ بأن التكنوقراط لها عصا سحرية تحل مشاكل العراق.عادت ذاكرة العراقيون الى وزراء تكنوقراط مستقلين؛ تسنموا وفشلوا وإتهمم بعضهم بالفساد، ووزارة الكهرباء والدفاع خير شاهدين، وبما أن نتائج الإنتخابات لاقت قبولاً دولياً ومحلياً، وبذلك لا تشكيل حكومة دون العودة للبرلمان، وأن القوى تُريد تمثيل حسب مقاعدها وتمثيلها؛ بل حتى المواطن المحروم من كل شيء، إقنعه ساسة تأجيج المكونات وإستعطافهم؛ بتقسيم المناصب حسب الطوائف والأعراق، وعند خلل أي وزارة تجد الشارع يتحدث عن هرمها وإنتماءه؟!من الواضح ما يتعرض له رئيس الوزراء؛ من ضغوطات كبيرة شوشت بوصلة الإصلاحات، وبدل الذهاب الى البناء من قاعدة الدولة ومفاصل إداراتها والقوانين المتعلقة بالنظم الإدارية، وإستراداد الأموال ومحاسبة كبار رؤوس الفساد، لكنه عاد على وزراءه بالتغيير الجوهري، وذهبت كتل آخرى بطرح التغيير الشامل، فناغم الشارع وطرح تقليل أعضاء البرلمان ومجالس المحافظات دون غطاء قانوني، وتغيير لقوانين مفوضية الإنتخابات، ولا التعمق في داخل الكتل السياسية والمجتمع اللذان يرفضان زحف طرف على حسابهما.إن مشكلة العراق؛ لا تكمن بنقص الشهادات، ولا حصولها يعني نجاح في إدارة الدولة، وفي العادة تعتمد الدول على شخصيات يقدمون برامج ويخضعون للمفاضلة والخبرة، ودراسة الرؤية الكاملة، وحتى في مناصب ما دون الوزير والمدراء العامين، فيطرح المنصب وتتقدم الطلبات للجان مختصة، لا تحابي أحد ولا تسمح بتقريب الحواشي، وتبدل كل ما قلبه حتى أثاث المكتب؟! جميلة فكرة تشكيل حكومة بعيدة عن الأحزاب، ولكن كيف يستطيع وزير مستقل مواجهة التسقيط والتشويه؛ من طامعين بالمناصب، وفئة تريد إسقاط العملية السياسية برمتها؟!تحدث رئيس الوزراء اليوم عن تحالف عابر للطوائف، وبما أن مشكلة الطوائف والقوميات عمقها ساسة لحصاد نتائجها؛ إذن لابد من تحالف بين أقوياء يملكون تأثير على اغلبية الشارع من مختلف المكونات، ومعارضة بنفس التقسيم، وأمامهم ثلاثة خيارات: أما أن تمسك الأغلبية السلطة التنفيذية والمعارضة في وزارات وسلطات الرقابة، أو تتحمل الأغلبية مسؤولية التنفيذية، وتراقبها المعارضة من البرلمان، وثالثهما للأغلبية تشكيل الحكومة والإشراف عليها وبإختيار شخصيات من خارج أحزابها، وللمعارضة الرقابة، وبأحد الإحتمالات الثلاث يستطيع رئيس الوزراء الحصول على ثقة البرلمان، ولا نجد من يتحدث عن التهميش أو صوته الإنتخابي، وهو بين خياري الحكم والمعارضة وعبور المحاصصة.