بوادر لتحالف طائفي جديد بين المجلس السياسي الإسلامي الأعلى والتيّار الصدري لدخول الانتخابات البرلمانية القادمة , والهدف السياسي المعلن لهذا التحالف هو إزاحة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي وحزبه عن رئاسة الحكومة , فالبرغم من العداء الذي يكنّه كل طرف للطرف الأخر , إلا إنّ مصلحة إزاحة المالكي عن رئاسة مجلس الوزراء باتت أكبر من كل خلاف , خصوصا بعد أن تمكنّ تحالف الاثنين من إزاحة تحالف رئيس الوزراء من أهم حكومتين محليتين في بغداد والبصرة .
والمتابع للعلاقات بين الفصائل الشيعية الرئيسية الثلاث سيجد أنّ هذه العلاقات لم تتمكن يوما من تجاوز آثار الخلافات والعداء المستحكم بين العائلات التي تحكم قيادة هذه الفصائل وصراعها من أجل السيطرة على قيادة الشارع الشيعي , فالبرغم من تدّخل المرجعيات الدينية وتوجيهها بضرورة إيجاد تحالف واسع يجمع هذه الفصائل الثلاث ودعمها لهذا التحالف من أجل إحكام السيطرة على إدارة البلد , إلا إنّ هذه الخلافات وهذا العداء المستحكم استمر حتى هذه اللحظة , فالصدريون يعتقدون إنّهم من جاء بالمالكي في ولايتيه الأولى والثانية , لكنّه تنّكرّ للوعود التي قطعها إليهم خصوصا فيما يتعلق باطلاق سراح معتقليهم من السجون والعفو عن المحكومين منهم بالإعدام , والمجلسيون هم أيضا عانوا من تهميش المالكي لهم وعزلهم عن مواقع المسؤولية وعدم إعطائهم أي وزارة في حكومته بما يتناسب مع ثقلهم السياسي والبرلماني .
فالمصلحة السياسية قد توافقت بين الأخوة الأعداء من أجل إزاحة المالكي وحزب الدعوة عن موقع المسؤولية الأول , والأثنين سبق لهما أن خاضا الانتخابات الماضية بسم الائتلاق الوطني العراقي وفشلا في تحقيق الهدف الذي انشأ من أجله هذا التحالف , مما اضطرهما للتحالف مع كتلة رئيس الوزراء وتكوين التحالف الوطني الموّحد الذي قطع الطريق على تحالف القائمة العراقية في تشكيل الحكومة بموجب تفسير المحكمة الاتحادية للمادة ( 76 ) من الدستور العراقي .
واليوم يعود الأخوة الأعداء لإعادة المحاولة من جديد بعد الانهيار الأمني الكبير في البلد وترّدي الخدمات واستفحال الفساد المالي والإداري وفشل الحكومة بتحقيق أي من وعودها التي قطعتها للشعب العراقي , لكنّ الشعب العراقي الذي ضاق الأمرّين من سطوة أحزاب الفساد الإسلامي لن ينخدع مرة أخرى بالشعارات الكاذبة التي ترفعها هذه الأحزاب الفاسدة والشيطانية .
وقد آن الأوان للشعب العراقي أن يرفس أحزاب الفساد الإسلامي بأقدامه ورفس كل من يدعو إليها , فهذه الأحزاب التي تدّعي الإسلام زورا قد أثبتت إنها الأفسد والأبعد عن تحقيق أماني وتطلعات هذا الشعب , كما أنّها ساهمت بتمزيق النسيج الاجتماعي وتصعيد الصراع الطائفي بين مكونات الشعب العراقي , ولا بدّ للشعب المخدوع بهذه الأحزاب الفاسدة أن يعي إنّ مصلحته ليست مع هذه الاحزاب الطائفية المتخلفة والفاسدة , وأنّ أماني وتطلغات الناس في الحرية والرخاء والبناء لن تتحقق من خلال هذه التحالفات الطائفية وهذه القيادات المزاجية , فدولة المؤسسات والمواطنة لا تبنيها قوى دينية طائفية متخلفة آثرت مصالحها الشخصية على مصالح الشعب .