22 نوفمبر، 2024 6:11 م
Search
Close this search box.

تحالف ثقافي ضد داعش

تحالف ثقافي ضد داعش

في كتابه “السيارة ليكزيس وشجرة الزيتون” يتوصل الكاتب الاميركي توماس فريدمان الى إستنتاج مفاده أن الدول التي تنتشر فيها مطاعم “ماكدونالد” لم يعد ممكنا نشوب حروب بينها. فريدمان يستند الى مفهومه حول العولمة وهو ما بينه لاحقا في كتابه “العالم مسطح”, لكن ما قاله السفير التركي خلال مداخلته بالندوة التي اقامها “مجلس صفية السهيل الثقافي” السبت الماضي تحت عنوان “انا اقرا انا عراقي” وملخصها “كلما قرانا اكثر كانت الحروب اقل” يمثل مقاربة اخرى. فالصلة بين مطاعم مكدونالد من جهة والثقافة المعولمة من جهة اخرى تستوجب البحث في الفوارق واوجه التطابق بين الاثنين طالما ان داعش , وهذه ليست مفاجأة. دخلت على الخط من خلال “عولمة الموت”. من هنا يتطلب الامر النظر الى مبادرة “أنا أقرأ أنا عراقي” من زاوية أكثر عمقأ وإتساعا. ويبدو لي أن السيدة السهيل وزوجها الأستاذ بختيار أمين تنبها الى هذه المسألة عندما أشركا بعثة الأمم المتحدة في العراق والعديد من السفارات الأجنبية العاملة في العراق ليس لمجرد الحضور في الندوة إنما المشاركة فيها والتفاعل معها. ولعل السبب المباشر في ذلك بات يتعلق بالمخاطر التي تمثلها داعش عالميا والتي تحتاج الى اوجه وسبل جديدة لمواجهتها والتصدي لها ومن بين اخطر هذه السبل وانجعها هي الثقافة بوصفها خط الدفاع الأول بين انحراف العقل واستوائه.
مادار في الندوة من نقاشات ذهب معظمه باتجاه كيفية اعادة الهيبة المفقودة للكتاب بعد تراجعه في العراق الى ادنى درجات السلم بينما كان يصنف في المقدمة من خلال المقولة المشهورة “القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ” , وهو ما سمح الى حد كبير في اعادة نشر الثقافة الشفاهية من خلال تجمعات رجال الدين من كل المذاهب وحشوهم الشباب بفكر وثقافة ظلاميتين تعد النبتة الحقيقية للتطرف الذي بتنا ندفع ثمنه اليوم. من هنا بدت ملاحظة السيدة صفية السهيل في غاية الاهمية حين دعت الى إجتثاث أدبيات التطرف وهو ما يبدو لي بيت القصيد في الكيفية التي يمكننا معها بناء تحالف ثقافي ضد داعش مماثل في بعض جوانبه للتحالف السياسي.  وأذا عدنا الى تفاؤل فريدمان ومقاربته حول  مطاعم مكدونالد عبر عالم سقطت الحدود والحواجز بين دوله, فان داعش تسعى في مقابل ذلك الى عولمة الموت. ومع الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم الذي كتب مقالا مهما مؤخرا “داعش وحدت العالم” نتساءل عن “قدرة هذا التنظيم الذي لم يتعدَّ عمره العشر سنوات، على استقطاب مقاتلين من 80 دولة حول العالم، وحشد أكثر من 30 ألف مقاتل مستعدين للموت ولارتكاب أبشع أنواع الفظائع والقتل الذي شهده العالم في العقود الأخيرة؟”. توقعات الخبراء الاستراتيجيين تشير الى ان  الصراع مع داعش قد يستمر لسنوات في اطاره العسكري تحديدا. لكن تجفيف منابع الارهاب الفكرية لا المالية ومن بينها تنمية عادات القراءة في المجتمع ونشر الكتب والدوريات على اوسع نطاق مع المباشرة بتنمية الاقتصاد وايجاد فرص عمل لجيوش العاطلين هو ما يمكن ان يساعد في الانتماء الى فضاء ثقافي وتنموي جديد يقوم على ركنين اساسيين الثقافة والتنمية.

أحدث المقالات