أعلنت كتلة الاحرار (الجناح البرلماني للتيار الصدري) في بيان لها عن اتفاق مع اياد علاوي زعيم كتلة (الوطنية) لتشكيل ” تكتل وطني تحت قبة البرلمان يعمل بروح الفريق الواحد من اجل نبذ الطائفية وتوحيد الشارع العراقي, وأشار البيان ايضا الى إن السيد علاوي ” يتفق مع توجهات التيار الصدري الوطنية المعتدلة, ومحاربته للجهات المتطرفة “.
سنحاول تسليط الضوء على هذه الخطوة التي اعلن عنها التيار الصدري, وهنا نسجل الملاحظات التالية:
اولاً – جاء الاعلان على لسان الهيئة السياسية لكتلة الاحرار النيابية, مما يعني ان تغييراً سيحصل في التكتلات داخل مجلس النواب, اذا ما عرفنا ان كتلة الاحرار هي جزء من التحالف الوطني الكتلة البرلمانية الاكبر, في حين ان كتلة (الوطنية) هي كتلة مستقلة بذاتها تصنف على انها جزء من قوى التيار السني. وبكلمة اخرى اعلان كتلة الاحرار عن التحالف مع الكتلة (الوطنية) قد يفسر على انه خطوة لمغادرة التحالف الوطني اذ لايمكن ان تكون شريكاً في كتلتين داخل مجلس النواب في نفس الوقت., وسيترتب على هذا الامر اعادة توزيع الوزارات والمناصب التي حصل عليها التيار الصدري في الحكومة كونه جزءاً من التحالف الوطني كما نفهم.
ثانياً – تزامن هذا الاعلان مع خطوة مهمة سبقته والمتمثلة بتجميد نشاطات الجناح العسكري للتيار الصدري المعروف بـ(لواء اليوم الموعود) و(سرايا السلام), اذ تشكل الاول لمقاومة الاحتلال الامريكي, بينما وجد الثاني بعد صدور فتوى الجهاد الكفائي لمحاربة داعش, وربما هذا مايفسر لنا قرار التجميد الذي اتخذه زعيم التيار السيد مقتدى الصدر, اي ان التجميد جاء كمقدمة لإعلان التحالف مع كتلتة علاوي, ومن المحتمل انه يأتي في سياق (إستراتيجية ) جديدة يتبعها التيار ستكشف الايام القادمة عن معالمها.
ثالثاً- إن سعي السيد مقتدى الصدر للتحالف مع السيد اياد علاوي هي محاكاة لعملية التحالف بين السيد حسن نصرالله زعيم حزب الله الشيعي مع العماد ميشيل عون زعيم التيار الحر الماروني مع فارق كبير في القياس, لأن قيادة حزب الله مخولة بتمثيل شيعة لبنان, وقرارها
يمثل قرار شيعة لبنان, اما قيادة التيار الصدري فإنها تمثل شريحة معينة من شيعة العراق وغير مخولة بالتحدث بإسم الشيعة, ناهيك عن كون العماد عون يمثل ضداً نوعياً قوياً للمراونة المتحالفين مع السعودية مثل أمين الجميل ووليد جنبلاط, اما علاوي فهو ليس بالضد النوعي ولايملك التأثير الكبير على المكون الاخر رغم وجود اعضاء في كتلته من السنة.
ثم ان تحالف حزب الله مع التيار الحر جاء في سياق تفاهمات رعتها كل من إيران وسوريا في حينها لخلق توازن سياسي يهدف الى الحد من النفوذ السعودي في لبنان عبر حليفها التقليدي رفيق الحريري وفيما بعد (تيار المستقبل) بقيادة سعد الحريري, حيث هنالك تشابه كبير في الرؤى والمواقف بين العماد عون والسيد نصرالله فيما يتعلق بالموقف من الاحتلال الاسرائيلي, والتطبيع وغيرها من الثوابت اللبنانية, اما في حالة الصدر- علاوي فالتناقض هو سيد الموقف, اذ ان علاوي محسوب على التحالف الامريكي – السعودي فيما الصدر من اشد اعداء امريكا, فضلاً عن خلفية علاوي الاديولوجية ذات المنطلقات القومية وقاعدته التي تنتمي الى البعث في حين كان الصدر من اشد المتحمسين الى سياسة اجتثاث البعث, وبكلمة اخرى لاتوجد مشتركات بين الصدر- علاوي كتلك الموجودة بين نصرالله – عون.
وما دام الامر كذلك فما الذي يدفع الصدر بإتجاه اعلان تحالف برلماني مثير للريبة؟
هنالك احتمالان يمكن من خلالهما الاجابة على هذا السؤال وهما:
رغبة الصدر بتسويق نفسه اقليماً ودولياً عبر بوابة اياد علاوي الذي تربطه علاقات قوية وراسخة مع السعودية ودول الخليج ناهيك عن علاقته الوطيدة بالولايات المتحدة الامريكية, اي ان الصدر يحاول استخدام علاوي لتحقيق هذا الغرض.
والاحتمال الثاني ان الاعلان عن هذا التكتل يأتي لمناكفة ايران كوسيلة للرد على سياساتها الداعمة لجهات سياسية لها خصومة مع التيار الصدري وفي طليعتها حركة اهل الحق بقيادة الشيخ قيس الخزعلي الذي بدأ يحقق توسعاً ملحوظاً بفعل مواقفه السياسية الوطنية خصوصاً وان بيان اعلان التكتل أكد على ” محاربته للجهات المتطرفة” في اشارة الى فصائل المقاومة ومنها العصائب وهو اصطلاح درج الامريكان على استخدامه لوصف المقاومة الاسلامية في لبنان والعراق واليمن.
وعلى اية حال فإن انفراد الصدر بقراره هذا بالتحالف مع علاوي ومن دون الرجوع الى قيادة التحالف الوطني رسالة لابد لذوي العلاقة من التمعن بها, واعداد العدة لعواقبها.