23 ديسمبر، 2024 9:30 ص

تحالف الشياطين ومصير المنطقة/2

تحالف الشياطين ومصير المنطقة/2

عداء في الخطاب, وتقاسم الكعكعة تحت الطاولة
مع وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001, أظهرت بعض الأصوات الإيرانية قلقاً بالغاً من التصريحات الأمريكية التي وردت على لسان الرئيس الامريكي السابق جورج دبليو بوش وأركان إدارته والتي قسمت العالم الى معسكرين: مع التحالف ضد مايسمى الإرهاب، أو مع الإرهاب, ومن ليس مع أمريكا والتحالف فإنه مع الإرهاب.

ومن هنا عمدت إيران إلى التعبير الواضح على أكثر من مستوى عن إدانتها للهجمات على الولايات المتحدة، ورفضها “للإرهاب” بكل صورة وأشكاله, في تناغم واضح مع الحرب على الارهاب التي تبنتها ادارة بوش.

وفي حرب الولايات المتحدة على أفغانستان، كانت واشنطن بحاجة إلى مساعدة إيران وهو ما حصلت عليه بالفعل بعد وساطة بريطانية, الدعم الايراني “للشيطان الاكبر” ترافق مع ادانة إيرانية للغزو الأمريكي وعلى لسان خامنئي.

قامت إيران بتقديم الدعم الميداني للولايات المتحدة في حربها ضد طالبان ومنظمة القاعدة، حيث وافقت في أكتوبر 2001 المساهمة في إنقاذ أي قوات أمريكية تتعرض لمشاكل في المنطقة، كما سمحت للولايات المتحدة باستخدام أحد موانيها لشحن القمح إلى مناطق الحرب، وشاركت في الدعم العسكري لقوات تحالف الشمال التي سيطرت على كابول.

المشهد تكرر مرة اخرى في غزو العراق , حيث وقفت طهران بكل قوتها الى جانب “العدو الامريكي”, والقت طهران بكل ثقلها ليس فقط لاسقاط عدو هزمها بعد حرب دامت ثمان سنوات مثل فيها العراق دور” حامي البوابة الشرقية” بل لمعرفتها بحجم المكاسب التي ستجنيها من هذا الاحتلال, ولم تخف ايران هذه المساعدة على لسان علي ابطحي نائب الرئيس الايراني السابق للشؤون القانونية, وهي لا تخفي اليوم هيمنتها على جميع مفاصل الدولة العراقية.

والاخطر ما كشفه المفكر الكويتي المتخصص في الشؤون الايرانية عبد الله النفيسي عن عزم ايران على تنظيم  استفتاء لضم العراق على غرار قيام روسيا بضم منطقة القرم اليها, مضيفا ان “الفكرة قيد التداول والمناقشة الجدية في مجلس تشخيص مصلحة النظام وفي مجلس الخبراء الذي وضع وثيقة تحت عنوان، “ايران: رؤية 2025”.

اما الحكومة العراقية التي ابرزت عضلاتها على المتظاهرين السلميين حفاظا على هيبة الدولة وسيادة القانون كما تدعي, ضربت مفهوم السيادة عرض الحائط وفتحت الابواب على مصارعها للتدخل الايراني, ووصل الامر الى دعوة هادي العامري زعيم ميليشيا بدر ووزير النقل السابق الى اقامة تمثال وسط بغداد لقائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني, في تجاوز لكل لمشاعر الشعب العراقي الذي لمس روح الاستعلاء والاحتقار لدى الايرانيين تجاه جميع أطياف الشعب حتى عندما ياتون زوارا او ضيوفا على اصحاب الدار الذين ادرك الكثير منهم ان رفع ايران للواء التشيع انما يمثل صورة من صور البراجماتية التي عرف بها الايرانيون .

لا احد ينكر ان ايران تتمتع بدهاء سياسي مميز, ونفس طويل في صياغة علاقاتها مع الاخرين سواء كانوا اعداء او اصدقاء او منافسين، فاذا كان هناك اي تنازل في مفاوضات الملف النووي, فان هناك مكسب يتمثل بفك الحصار الخانق الذي تعاني منه, حصار دفع ناطق نوري المفتش العالم في مكتب خامنئي الى الاعتراف بان الخزينة الايرانية باتت فارغة.

لكن المكسب الاهم هو حجم ما ستحصل عليه طهران من كعكعة المنطقة, خاصة وانها باتت تملك اوراقا مهمة وخطيرة للعب مع الكبار, هذه الاوراق اشار اليها, المندوب في البرلمان الإيراني والمقرب من المرشد علي رضا زاكاني بالقول: ان اربع عواصم عربية هي “بغداد, دمشق, بيروت, وصنعاء” باتت تحت العباءة الايرانية.