العراق جزء لا يتجزء من الشرق الأوسط، بما له وما عليه، فضلاً عن الخليج وصراعاته وتوازناته، لنكون جزءاً من منطقة القلب سواء باستقرارها او خفقانها الذي يؤذي اكثر الأجسام صلابة، العربي الشيعي يتأثر بايران والعرب شاء أم ابى، في ظل الصراعات العميقة التي تغرق بها المنطقة، ليتم تصدير المشاكل الإقليمية الى مستودع العراق ليجري استيعابها والتعامل معها في ساحة الصراعات العالمية بغداد !
الصراع المترتب حول الملف النووي الإيراني بين طهران وواشنطن، ينتقل شيئاً فشيئاً الى بغداد، وخصوصا ً في تحالفات تشكيل الحكومة، كلاهما يحاولان أضعاف الاخر، كلاهما يستخدم نظرية الردع، والعراق سلاح الردع الموجه صوب الاخر، ليكون مخوفاً بفقد جزء كبير من نفوذه داخل العراق، الذي يعتبر منطقة التقاء التشيع بالعروبة، ومنطقة التقاء النفوذين الابرز في المنطقة، مما يفرض ان يكون اما منطقة تعاون او ساحة صراع، وحسب فلسفة العلاقة البينية التي تفرضها زمكانية العلاقة .
ايران تحاول ابتزاز واشنطن في العراق، من خلال تحريك أدواتها في العراق، لتشكيل تحالفات تميل بتوجهها وسلوكها صوب طهران، ليكون تهديداً بامكانية خلط أوراق اللعبة في العراق وأضعاف النفوذ الأمريكي في بغداد، لتخفف من حدة واشنطن ومواقفها تجاه الملف النووي كمساومة او تخويف بامكانية الذهاب الى نقاط ابعد في المجهول !
واشنطن تلوح بامكانية سحب البساط من تحت طهران وتهددها في خاصرتها الرخوة ( بغداد )، ليكون العراق اداة ردع أمريكية موجهة صوب ايران لتقليل اندفاع طهران في الملف النووي والرضوخ للقرارات الامريكية كقبول بسيء لتلافي الاسوء، لان ايران ان قللت من نسب التخصيب ورضخت لبعض التوجيهات الغربية فيما يرتبط بملفها النووي امر سيّء، ولكنه اقل سوءاً من خسارة جزء من نفوذها في العراق لان العراق جزء لا يتجزء من الأمن القومي الإيراني، ولهذا تركز عليه طهران، بل ان اغلب الدول التي تحاول ايذاء طهران تؤذيها في العراق ! .
تحالفات بطعم الملف النووي، نشاط وحركة كبيرة لجميع المحاور، لتشكيل تكتلات تستحوذ على نفوذ اتخاذ القرار السياسي في العراق، لدرجة ان لأول مرة نشاهد هذا النشاط السياسي للعديد من القيادات السياسية، لنكون امام تحدي كبير يواجه القوى التي تحاول ان تكون خارج تأثير هذين المحورين، نحتاج لعقلية استراتيجية تستخدم المتناقضات لخدمة مصلحة البلد، فبدل ان نكون سلاح الردع، الذي يجعلنا نقترب من محور ونعادي محور وبالنتيجة نحن خاسرون بقدر خسارة المحور الخاسر، نحتاج ان نكون اداة احداث التوازن المفقود في المنطقة، وتعويض الفاقد التوازني يكون من خلال تحالفات سياسية تضرب المحورين عرض الحائط لتخلق خارطة جديدة تجبر المحورين على التعامل معها بما هو كائن وليس بما تريد المحاور تكوينه ! .