قديما قالوا ” اسمع كلامك يعجبني اشوف افعالك اتعجب ” ينطبق هذا على بعض التحالفات السياسية ، كلنا اعجبنا بالتصريحات التي اكدت على الخروج من الطائفية – العرقية وبناء حكومة وطنية عابرة للمحاصصة .. رغم ان الشكوك ساورت فئات واسعة من المجتمع بشان الحكومة الابوية ومن ثم حكومة لا تستثني احدا وبعدها حكومة الفضاء الوطني والحبل على الجرار ،والانتقالات المتعجلة في المفاهيم دون ان يلحق مطلقيها اكسائها محتوى واضحا ويستوعبها الجمهور ويدرك كنهها ، وكلها عن المعنى الصحيح محرفة وليس من جامع يجمعها مع الاعلان الاول واختلف الخطاب وتغيير في الاتجاه المعاكس من غير استشارة الشركاء بل اهل الدار لا يعرفون سمعوا من الاعلام كبقية خلق الله ، وهو ما يثير الشكوك ويغبش المسرح السياسي ويقلص الامل بالاصلاح او بالاحرى ينهيه .
واقع الحال ان هذه الكتل بكل مذاهبها واعراقها لا تملك زمام قراراها الوطني المستقل وليس بيدها ان تقرر او تنهج سياسة ثابته ومعللة علميا ولا تخضع للضغوط ، ليس هناك احدا افضل من الاخر الكل سواسية ، بما في ذلك الذين يدعون انهم يملكون استقلاليتهم فانها ذابت لاجل المشاريع الصغيرة والتلويح لهم برفع غطاء جرة العسل والسماح بتذوقه باشراكهم في الحكومة التي يصبح الامل محال في التوسع بتشكيل الكتلة الاكبر ..
الاخطر ان البعض يرى العودة الى المربع السابق وهولايزال متفرجا وينتظر ان تتوضح الصورة للقيادات وليس لجماهيرها ولا يتحرك ولا يتخذ موقفا يستشف منه تنفيذه .!
ويتوهم من يعتقد ان ايا من الاطراف الشيعية والعرقية انها تتحرك بمعزل عن الجار الايراني وعمقه او انه بينها وبينه مسافة كافية تسمح في رسم تحالفاتها وتستطيع ان تخالف ما جهر به مسؤولوه الذين قالوا انهم لا يسمحون بتحالفات شيعية مع العلمانيين اوالمدنيين ، وتعرض نفسها لغضبه وهو من السعة والقدرة والنفوذ والتغلغل في كل المجالات ،والاهم هشاشة اسس بناء البيت العراقي بكل اطيافه على مبادىء الولاء للوطن .
ليس سرا ولا عدم معرفة انه مع سائرون ومن دونها ساعة الجد ستشكل القوى الاخرى الكتلة الاكبر عددا وستجد من المدنيين والسنة والكورد والليبراليين من يلتحق راضيا ومقتنعا بما ” فت في ماعونه من الطبخة ” او ينزوي بعد ان يفوته اوان الفعل .
الامر اصبح واضحا هناك واقع شعاراتي انتهى دوره وبدء الواقع العملياتي مع اقتراب المواقيت الدستورية وشدة ضغوط الجوار والصديق الاميركي الذي هو الاخر يريد ابقاء العملية السياسية على ما هي عليه من ضعف وتقسيمات طائفية عرقية الى ان تحل مشاكل اخرى في البلاد وخارجها ،فهو يضغط على الكورد لاعادة تشكيل التحالف الكوردستاني لكي يحصلوا على بعض اهدافهم من خلال حكومة الشراكة ويخففوا من الاعتراضات على الاجراءات ضد التزوير ، الى جانب الجولات والزيارا ت مع الاطراف الاخرى مقرونة بالتلويح بكل الوسائل المؤثرة والفاعلة ولتغيير المواقف وتبدل اللوحة السياسية الاقليمية و بالتفاهمات مع روسيا.
طبعا تبقى المناداة بالاهداف العظيمة من نبذ المحاصصة واحتكار السلاح بيد الدولة وحل الميليشيات ..الخ لا يمكن منع التغني بها والهاء وخداع الجمهور بامكانية تنفيذها من قوى السلطة التي اذا ما تخلت عنها ستتخلى عن وجودها .. يبقى الالتفاف عليها وارد وبقوة ويعتمد على موازين القوى جماهيريا وليس نيابيا والارجح تقدم انصاف الحلول لبعضها وتاجيل جلها واهمها الى وقت اخر..
هذا الامر ليس بالصعب فهذه القوى الطائفية والفاسدة تستطيع افتعال قضايا تحرف الانتباه عن الحاجات والرغبات والطموحات المؤدية لحلحلة العقد التي تعيق بناء الدولة المدنية .
لابد من معرفة ان الانتخابات لم تغيير الحالة المتردية ولم تبدل موازين القوى وبقى من هو متهما في عرقلة الاصلاح مكانه ،وحصل الاسلام السياسي على اغلبية المقاعد وفشل التيار المدني والليبرالي ان يحقق نجاحا ملموسا يؤثر في تغيير مجرى الاحداث ، اكثرمن ذلك تشتت وليس له الاستعداد ان يتحالف ويضم قواه لبعضها البعض ، بل سمعنا اصواتا تتهم اطرافا منه بشتى التهم وتضع خطوطا حمرا للتحالف معها ولكنها تمد يدها وتذيب المحذورات مع القوى المسلحة ..
ليس للقوى الحية والاصلاحية في هذا الظرف سوى ان تستمر في دورها السابق للانتخابات وتعيد تنظيم صفوف الشارع مجددا من الان وتبني وحدتها مستفيد من تجربتها وتتخلى عن المكابرة الزائفة ومساع للحصول على بعض المكاسب التي تضيع الاهداف النبيلة وبالتالي شراء صمتها ، ضرورة العمل على استغلال التناقضات والذهاب الى اهداف منفردة او جزئية وتغيير مما هو ممكن وحشد الناس خلفه وتوجيههم للضغط على قياداتهم ان استطعنا لانه ضاعت فرصة تحقيق بعض الاهداف الرئيسة دفعة واحدة حتى ان ادرجت في البرنامج الحكومي الذي لن يلزم احدا ..