قلنا ان الاتفاق النووي الايراني الذي انهى الحلم الايراني الى الابد في إمتلاك القنبلة النووية ،هو انطلاق عصر جديد في المنطقة ،عصر التحولات الكبرى ،في التحالفات ،العسكرية والسياسية،الاستراتيجية منها والتكتيكية ،تحولات لايمكن التكهن بنهاياتها، لذلك تظل المنطقة تعيش هواجس الحرب الاهلية الطائفية منها والقومية والاثنية، وهاجس التقسيم والتفتيت حسب المشروع الامريكي،في اقامة الشرق الاوسط الكبير،فإلى أي مدى كانت التحولات الاخيرة والتحالفات بين روسيا وتركيا وإيران،وعودة التحالف الامريكي مع تركيا بعد الانقلاب العسكري في تركيا واتهاماتها لامريكا وزيارة جو بايدن نائب الرئيس الامريكي لتركيا واعلانه ان امريكا تعد تركيا الحليف الاستراتيجي الوحيد في المنطقة ممن تتعتمد عليهم ولايمكن الاستغناء عنها، مما يؤكد متانة واصرار امريكا ،على تمتين تحالفها مع اردوغان الذي اذلها، وازالة ومحو الشكوك في العلاقة ،ولكن ماهو الثمن وراء كل هذا التنازل الامريكي، وهل كانت هناك شروطا أو صفقة بين اردوغان واوباما ،خاصة بعد دخول الجيش التركي لاول مرة الى العمق السوري وادخاله في الحرب عنوة داخل سوريا املتها ظروف داخلية وخارجية على اردوغان،بموافقة الجميع وفي مقدمتهم سوريا،رغم اعتراضها الخجول على التدخل،ولكنه ملحا ،بعد ان اصبحت الامور خارج السيطرة في سوريا، وتوسع الخطر (الكردي) ،في توسعه نحو اقامة الحكم الذاتي، على الشريط الحدود المتاخم لتركيا ،مما يهدد الامن القومي التركي، ويشاركه الايراني ايضا ، وخاصة بعد سيطرة الوحدات الخاصة السورية الكردية، على مدن منبج والحسكة وانتشارها السريع ،على حساب تنظيم داعش والجيش الحر وجيش احرار الشام وفتح الشام وبقية الفصائل المسلحة ،مما دق ناقوس الخطر لدى كل من تركيا وايران وسوريا ،فعقدت تحالفات فورية ،لمواجهة خطرين ملحين هما الخطر الكردي ،وخطر تنظيم الدولة الاسلامية داعش، وهكذا شهدت المنطقة،وستشهد تحولات استراتيجية كبرى،وتحالفات استراتيجية كبرى، لايتخيلها احد ، سنوضح هنا بعض اهداف وأغراض هذه التحولات والتحالفات ،حسب الرؤية الامريكية ، التي فرضها الواقع ،ولم تصنعها السياسية الامريكية الفاشلة في المنطقة،بعد دعمها تنظيم داعش والفصائل المسلحة المتطرفة السورية والميليشيات الايرانية في العراق، وخروجها عن قبضة السيطرة الامريكية ،التي كانت تخطط لها امريكا منذ سنوات ، ولهذا خرجت التحالفات مشوشة ومفاجئة،وكنا قد اكدنا في مقال سابق صحة رؤية وحكمة الرئيس التركي اردوغان ،في انفتاحه على تحالفات جديدة في المنطقة ،رغم وعورة الطريق اليها، والبعض لام وانتقد اردوغان ،على مبادرته في اعادة العلاقات الدبلوماسية ،مع ايران وروسيا واسرائيل وسوريا الى طبيعتها ووجه دعوة رسمية لرئيس الاقليم مسعود البرازاني، لزيارة تركيا وضمه الى تحالفه لضمان نجاح مشروعه ومبادرته وعزل القرار الكردي ،عن مشروع حزب العمال الكردستناي والوحدات الوطنية الخاصة لحزب الديمقراطي السوري بزعامة صالح مسلم وغيرهم ، فقام اردوغان بشجاعة فائقة ،بزيارة روسيا واللقاء بالرئيس بوتين ،معتذرا من اسقاط الطائرة الروسية على الارض التركية ،وفتح صفحة جديد من العلاقات مع روسيا ،وطاويا صفحة الخلافات والتهديدات ، والتوقيع على تحالف عسكري سريع فيما يخص الاوضاع الخطيرة في وسوريا، والتفاهم على مستقبل النظام السوري،كشرط روسي
لازالة التوتر بين الطرفين ، وهكذا تمت مبادرة بنجاح ،بعد ان انفرجت العلاقة مع بقية الدول التي زارها وسيزورها كإيران واسرائيل وربما سوريا ، وهكذا عادت العلاقات بين هذه الدول ،وانتهت الى تحالف استراتيجي عسكري بينها وبين تركيا،وظهر لدينا الحلف الروسي والايراني والتركي والسوري،وتمت كلها ضمن صفقات عسكرية بعيدة الاهداف، وكان القاسم المشترك هو ،خطر التوسع الكردي في سوريا،اضافة الى خطرتنظيم داعش والنصرة ،وهنا كان لابد لادارة امريكا من الانتباه المبكر،على خطر هذه التحالفات ،على مشروعها وتهديده لها ، فسارعت بزيارة لترميم العلاقة مع اردوغان الذي يطالبها بتسليم المعارض التركي فتح الله يوكن ،وهكذا سارعت لارسال نائب الرئيس الامريكي بايدن ،لوضع العلاقة الامريكية –التركية في الطريق الامريكي واعادتها، الى سكة قطارها في الشرق الاوسط، ولكن ماهي شروط اردوغان لاعادتها ،اضافة لتسليم المعارض التركي فتح الله يوكن،دخول الجيش التركي الى عمق الاراضي السورية،وافشال اقامة دولة كردية متاخمة على حدودها ،بعد توسع رقعتها بهزيمة تنظيم داعش الى الحسكة ومنبج نحو الرقة وغيرها، وهكذا تمت الصفقة، ودخل الجيش التركي مع الجيش الحر الى مدينة جرابلس وطرد داعش منها، ثم ظهور شرط تركي اخر هو الاتفاق على مصير الاسد يؤجل الى ما بعد القضاء على داعش،وانهاء خطر المشروع الكردي في اقامة حكم ذاتي ،واشتركت في فرضه ايران وسوريا وروسيا كتفاهمات دولية تحددها الانتخابات السورية المقبلة وعدها شأنا سوريا ، وهكذا اتضحت اهداف هذه التحالفات ،مما يجعل من المنطقة امام تحولات استراتيجية ،اخطر من معاهدة سايكس بيكو المنتهية الصلاحية الان ، ولكن ما شكل هذه التحولات ،وهل هي في صالح المنطقة ، هنا السؤال الملح والمنطقي، والذي يخدم شعوب المنطقة ويبعدها عن الحروب والصراعات الاقليمية والدولية ،اعتقد ان هذه التحولات ستوقف اشعال حروب المنطقة، ولكنها ستبقى قائمة ،كالنار تحت الرماد،اذا لم تعالج اسباب وجذور هذه الصراعات ،وتقلع جذور الارهاب وراعيته ايران، واذرعها في المنطقة،ومن ضمنها تنظيم داعش والميليشيات الايرانية، في كل من العراق ولينان واليمن وسوريا، لان خطرها اصبح الجميع يعاني منه
وهناك بوادر لاخضاع ايران لقرارات دولية ،منها ما فرضه الاتفاق النووي ،ولكن هذا لايتم الا بعد هزيمة داعش والقضاء عليه نهاية هذا العام حتما ، لتتفرغ امريكا وحلفاؤها في المنطقة لايران واذرعها،خاصة بعد اعلان ايران،تأسيس الجيش الشيعي في المنطقة ،والمقصود بهذا الجيش الطائفي هو حزب الله والميليشيات في العراق،التي تعمل تحت مسمى الحشد الشعبي (54)ميليشيا ونحن هنا لانقصد الحشد الشعبي من المتطوعين لحرب داعش حصريا الذي نؤيده كما نؤيد الحشد العشائري والحشد الوطني هؤلاء ابناء العراق، اضافة الى الفصائل الحوثية المتمردة التي تقاتل الشرعية مع صالح في اليمن ،وهكذا تظهر التحولات كضرورة اجرائية لمواجهة خطر يداهم الجميع، ولكن لانعرف بالضبط نتائج وخطر هذه التحولات على مستقبل المنطقة ، لان من يقوم بها هو مشارك اساسي في صنع الارهاب العالمي وخطره ،ولذا لايمكن الاطمئنان على نتائج هذه التحولات ،في ظل حرب طاحنة متعددة الرؤوس،طائفية وقومية وأثنية معقدة وصعبة ،امام مشاريع دولية وإقليمية لها اهدافها الاستراتيجية في المنطقة، تعميل على تحقيقها على حساب دماء شعوب المنطقة،وتهجير وقتل اهلها بكل وحشية ،لهذا لانرى فائدة بعيدة المدى لشعوب المنطقة وللمنطقة عموما ، لان الاهم فيها هو ايقاف نزيف الدم المراق، وهذا ما لم يتحقق الان ، فلا قيمة لكل المشاريع والتحولات والتحالفات التي نراها الان تتجسد في المنطقة ،لانها تزيد من اراقة الدماء ولاتوقفها ، ربما تحقن الدماء لزمن قادم ولكن الان لايمكن التكهن بنتائج هذه التحولات،الان وقد اتضحت اهداف هذا التحالفات الدولية والاقليمية ، اليس من حقنا كشعوب ، الاعتراض على اهدافها المدمرة على مستقبل منطقتنا العربية التي هي مسرح لحروب عالمية عبثية ،يدفع ثمنها شعوب المنطقة، وتجني ثمارها الدول العظمى، وعندما نقول ان مستقبل المنطقة، ذاهب الى المجهول فإننا نعنيه، لان التحالفات الان مريبة ،وخطيرة ،ومصلحية ، لاتخدم الا مصالح ومشاريع مروجيها ومنفذيها ،وهنا مصدر المخاوف والاعتراض على مثل هكذا مشاريع وتحولات تجلب الويل والثبور للمنطقة ولاتوقف نزيف الدم فيها ،ولهذا نسميها عصر التحولات الكبرى في جر المنطقة الى مزيد من الحروب الكبرى ………….