مع إن العملية السياسية في البلاد دخلت عامها السادس عشر إلا أن عمرها عبر المراحل ووصلت إلى مرحلة الشيخوخة، بحيث إنها انتقلت بسرعة من الطفولة والبكر إلى الشيخوخة والهرم،لهذا سعى السياسيون إلى محاولة إجراء بعض العمليات التجميلية عليها في مراكز التجميل سواءً الأوربية أو الأمريكية أو الخليجية، وذلك من أجل تحسين صورتها وإبرازها بالمظهر اللائق لها ، لذلك استعانت العملية السياسية بالمراكز الخليجية ، ولكن دون فائدة تذكر ، وذلك كونها ذات جودة ضعيفة ولا تلبي طموحات وتحسين الصورة الكلية للعملية السياسية ، إلى جانب باقي مراكز التجميل الإيرانية والتي بقيت دون تأثير سوى هنا أو هناك .
العملية السياسية برمتها جاءت على أنقاض انعدام الرؤية السياسية في إدارة البلاد ، وعلى أنقاض مؤسسات منهارة ، إلى جانب انعدام أي رؤية أو خطة لمستقبل قادم الأمر الذي جعل الأمور تبدو سائبة في إدارة الدولة،ويبدو الوضع هشاً ما ترك انطباعاً لدى الوضع الدولي أو الإقليمي أو الدولي،لان الحكومات المتعاقبة لم تكن على قدر عالي من المسؤولية في التعاطي مع المشاكل التي تمر بها البلاد،بل كانت حجر عثرة في أي تحول في الوضع السياسي نحو الأفضل، ما نتج أن أي انتخابات لم تكن سوى تجذير للمحاصصة الطائفية والقومية،وإساءة استخدام السلطة ونهب المال العام ، وسرقة خيراته ، وتفضيل الحزبية على مصالح الوطن والمواطن ، كل هذه الأسباب جعلت الواقع السياسي يتراجع شيئاً فشيئاً حتى وصل في بعض الأحيان إلى الهاوية .
الوضع السياسي في البلاد لا يتحمل الاهتزازات ، كون الجميع ينظر إليه على انه مفخخ في أي لحظة يمكن أن يتعرض إلى الانفجار ، إلى جانب أن مثل هذا الوضع لايمكن التكهن بمستقبله على المدى البعيد ، لعدة أسباب أهمها :
1) عدم القدرة على التعاطي الايجابي مع المشاكل العالقة في البلاد .
2) ازدواجية القرارات السياسية التي تنظر للواقع على انه واقع مفروض،وينبغي أن يكتمل وفق هذه النظرية ، والاهم من ذلك كله هو عدم القدرة على فهم مثل هذه المواقف والسلبيات في الوضع السياسي الراهن .
بغض النظر عن المآخذ الكثيرة على البرنامج الحكومي، وتأكيداً لفرضية المسؤولية المشتركة، هناك من يرى بأن مسؤولية الفشل، مسؤولية مشتركة تتحملها كل الأطراف أعلاه، لكن هناك من يعتقد بأن المسؤولية فردية ولا يمكن أن يكون الفشل مشترك؛ لأن القوى السياسية والجهات الأخرى التي منحت الثقة للسيد رئيس الوزراء الحالي أعطته ثقتها ولم تكن مقيده له دستوريا أو قانونياً بعد ذلك، وعليه، فمن المؤكد بأنها لا تتحمل المسؤولية كتلك التي يتحملها السيد رئيس الوزراء، فالمسؤولية هنا، ليست مسؤولية تشاركية بقدر ما هي مسؤولية فردية يتحملها رئيس الحكومة، لكن على الرغم من ذلك، فإن بوادر الفشل وعجز الحكومة بدأت تظهر للعيان مع مرور الوقت، لاسيما بعد مرور سنة كاملة على الانتخابات التشريعية العراقية التي أفرزت الحكومة الحالية، ومرور ما يقارب سبعة أشهر على تشكيلها، إلا أن التشكيلة الحكومية لم تكتمل لحد الآن، بالرغم من الوعود التي قطعها السيد رئيس الوزراء على نفسه وعلى الشعب بتشكيل حكومته قبل انقضاء المهلة الدستورية، مستفيداً من الدعم السياسي له من قبل الفرقاء السياسيين.