مدينة تلعفر واحدة من المدن العراقية التي نالت نصيبها من التفرقة المذهبية بين أبناء الخليط المتجانس كون مجتمعها ، نسيج مخلوط من الشيعة والسنة الذين كانوا يتعايشون فيما بينهم بالود والمحبة والاحترام المتبادل ، متصاهرين فيما بينهم فلا تلقى بيتاً شيعياً الا وفيه زوجة سنية وبالعكس ، الا انها اكتوت بنار الفتنة بفعل فاعل وتدخل خبيث من طرف ثالث له مصلحة في فناء هذه المدينة العريقة المترامية الاطراف .
وعانت تلعفر من ويلات العنف الطائفي بعد الاحتلال الامريكي للعراق بطريقة مرسومة بدقة متناهية من قبل اعداء العراق ، نتجت عن الاف الشهداء والجرحى والمعاقين وخلفت الاف من الثكالى والارامل واليتامى واحياء سكنية مهدمة وشوارع محطمة وخدمات معطلة كان الخاسر فيها سكانها من المواطنين التركمان .
تلعفر أو كما يحلو للبعض تسميته ” تل عفر” التي تقع في شمال شرق العراق و تبعد عن محافظة نينوى حوالي 60 كيلو مترا ، المدينة التاريخية العريقة التي يتسم أهلها بالبساطة والتواضع لم تلق اهتمام يذكر من عهود الانظمة المتعاقبة على حكم العراق حيث ساد الاهمال للمدينة سواء كان بقصد أم بغير قصد فالنتيجة واحدة ولكن بعد سقوط الصنم تنفس ناسها الصعداء .
لا يخفى على الجميع ما جرى بالسنوات الأخيرة على مدينة تلعفر من المصائب والويلات وأبشع الجرائم الإرهابية حتى وصفت “بالإبادة الجماعية” ضمن المواثيق والاعترافات الدولية والمحلية لحقوق الإنسان وذلك بسبب بشاعة تلك العمليات الجبانة التي نفذت بحق هذه المدينة وأبنائها التركمان من القتل والذبح والخطف والتفجير والتهجير وهدم البيوت وغيرها .
الا ان ارادة شعب تلعفر بكافة مكوناته حققت العجب بتمسكها بعراقتها وتاريخها الطويل الممتد لألاف السنين وبفضل سواعد ابناء عشائرها الذين وقفوا صفاً واحداً ضد عصابات القاعدة الارهابية واعمالها المشينة .
فكانت احدى مبادرات ابنها البار الشيخ محمد تقي المولى للتقريب ولم الشمل وإعادة اللحمة الوطنية بين أبناء المجتمع الواحد ، العمل على الاصلاح الاجتماعي من خلال توظيف الفطرة الانسانية التي خلقها الله سبحانه وتعالى حينما اقدم على مبادرة انسانية ووطنية واسلامية رائعة تصب في مشروع تنم عن حكمة ودراية وتفكير عميق بالمنفعة العامة لخير المجتمع وإصلاحه في مدينة كادت ان تزال من الوجود طيلة السنوات الثمان الماضية ، بالتعاون والتنسيق مع مجموعة من الخيرين والمصلحين من الشيعة والسنة الذين يحرصون على مدينتهم ويتطلعون الى ازدهارها لتحقيق الامان الى أهلهم والسلام من خلال مشاريع الزفاف الجماعي للعشرات من الشباب من الشيعة والسنة في عام 2013 والسنوات التي سبقتها وبمناسبة ولادة الاقمار المحمدية والمهدي المنتظر (عج)في الخامس عشر من شعبان المعظم الذين فاق عددهم ال (300) شاب أي بمعنى زرع السعادة في (300) عائلة وبث الفرحة في نفوسهم عند رؤيتهم لأحفادهم بأحضانهم
لنسيان لآلام فقدان الأحباء من جراء الأعمال الارهابية ولو لبرهة من الوقت ..ضمن شروط وضوابط محددة مثل :
1- شمول الشباب المتعفف
2- ابناء الشهداء
3- الافضلية لمن يتجوز ارملة ضحايا الارهاب
4- جمعهم في حفل كبير بحضور كبار الشخصيات وشيوخ العشائر والوجهاء
5- جمع عوائلهم بحفل جماعي واسع بحضور الاف المدعوين لإشاعة الشعور بالوحدة .
6- توزيع هدايا محفزة للاستقرار (غرفة نوم ، افرشة ، تلفزيون ، ثلاجة ، مبردة )
ابعاد مبادرة الشيخ المولى كبيرة ونتائجها مثمرة على خلفية تلك المبادرة :
– مضمون حيثياتها ترسيخ وتعميق الاواصر والروابط والوشائج العائلية بين أبناء المجتمع الواحد.
– ازالة الفوارق الطبقية والاجتماعية فيما بين ابناء المدينة .
– الدعم النفسي للمواطن التلعفري من خلال الاستقرار العائلي في الزواج المحلل .
– تخفيف الاحقاد والضغائن بين ابناء تلعفر
– التمهيد لأفاق العيش الكريم .
– اشعار المواطن بالحصول على أبسط حقوق المواطنة
– اعادة التوازن الى المواطن وتذكيره بالمعايير الاخلاقية
– شعور المواطن بانحسار الظروف القاسية .
– نشر مظاهر الفرح والسرور بين المواطنين بعد ان ملئت بالأحزان والسواد واليأس .
– زرع روح التفاؤل وحب الحياة والتطلع نحو المستقبل
– تعويض الخسائر البشرية بالجديد من المواليد لمواصلة سنن الحياة نجاح الشيخ محمد تقي المولى في هذه المبادرة تبلورت في سعة الترحيب والاستحسان من جميع فئات ابناء تلعفر .
وكانت رمزية ترسيخ الاخوة وتطبيع العلاقات الاجتماعية بمثابة عقد اجتماعي رائع عندما اختار بذكاء وعناية اهدائه نسخة من المصحف الشريف الى كل عريس مع عروسه بقصدية واضحة وظاهرة لوضع كتاب الله العزيز كوثيقة مقدسة بين الجميع والرجوع اليه في كل ملمة او مصيبة او اختلاف لا سامح الله .
حلقة -1- من سلسلة مقالات حول مبادرات الشيخ المولى الوطنية.