تعد مقاييس التطور العقلي لدى الانسان من ابرز معايير اختبار قدرته على
تجديد افكاره الذهنية ومتبنياته السلوكية والثقافية بشكل عام وتعتمد هذه المقاييس
على معطيات عدة من بينها ( التقبل الذاتي ) في استقبال الافكار والمرونة مع الجديد منها
اي ان الانسان عليه ان يستعد دائما للمتغيرات الطارئة على حياته ويتعامل معها وفق المعطيات
المنطقية لواقعه الحياتي او الخط البياني لاحداث حياته ويبني المتبنيات الفكرية له على اساس
تلك المعطيات ما يسمح لها بالتحقق اذا ما هيأت لها مستلزمات التنفيذ الرشيد والادوات اللازمة للنجاح .
ومن بين المعطيات الاخرى لتلك المقاييس ( الرقي الخلقي ) اي ان الانسان لا بد له ان يكون راقيا من
الناحية الاخلاقية ليتسنى له معرفة المدى العدلي في تصرفاته السلوكية تجاه قضية ما اي بمعنى ان ادراكها الوصول الى درجة قطعية من الفشل في القضية المراد تغيير مسارها لا بد ان تدفع به الى ترك مسارها القديم لافكار متجددة لاناس اخرين لادارتها بدلا عنه والبحث عن مسار اخر لسلكه ومن ثم النجاح به وفق خطة جديدة ناجمة عن فكرة جديدة قد تنقله من الفشل الى النجاح وبالتالي نجاح فردين بشكل متزامن بدلا من التمسك بفكرة ما نتيجة غرور او تعجرف او تمادي او عناد الى اخره من مواصفات الشر لدى الانسان والتي اذا ما تخلص منها فانه سيصل الى ذروة النبل الاخلاقي التي ستمكنه من الحصول على المرونة الكافية للتفكير القويم .
ولا يفوتنا ان نذكر ( الايمان بالذات ) هذا العنصر الهام ضمن المعطيات الرئيسة لمقاييس التطور العقلي ، حيث ان ايمان الانسان بذاته وقدراته الخاصة سواء كانت الظاهرة منها او الباطنة يعد من اهم العوامل المساعدة على مساعدة العقل الانساني في تطوير ذاته بما يخلق منه حالة متجددة من الطاقة الايجابية المنبعثة ضمن الهالة الانسانية وبالتالي فأن الشاكرات الناقلة لتلك الطاقات ستخلق حالة من النور يجدد المستقبلين القريب والبعيد ، حيث اثبتت كل الدراسات العلمية الانسانية ومعها الدراسات الدينية الورائية المبنية على رسالات سماوية على ان الايمان الانساني بقدرة الذات من اهم عناصر النجاح واسباب الوصول الى المبتغى مهما كان ضمن الرؤى الظاهرية صعب المنال او التحقق .
وحتى لا نغوص اكثر في بحار الفلسفة التي تعود قرائنا على الاحساس بنبرتها وكلماتها ضمن سلسلة مقالاتنا الانسانية نحاول ان نعود الى جوهر قضيتنا الا وهو اهمية تجديد الافكار الانسانية حيث ومما سبق من امثلة اردنا الوصول الى نتيجة مفادها ان الانسان غير القادر على تجديد افكاره وتحديثها وفقا لمتغيرات حياته لن يستطيع ابدا وبتاتا ان يواجه المطبات الكبيرة ضمن احداثها وتفاصيلها كون ان الحياة لن تكون يوما كبرنامج حاسبوب مبرمج وفق خطة ما انما هي مبنية على مقومات ومتغيرات مجتمع باسره وليس فردا بعينه ، اي ان النظر الى الاحداث لابد ان يكون مبنيا على هذا الاساس الا وهو النظرة الجامعة للحياة والتي تحتم علينا ايجاد افكار بديلة كلما وصلنا الى مطب دنيوي يمنعنا من الاستمرار على ما نحن عليه في مسار معين ضمن مسارات الحياة المتنوعة المختلفة المتضادة في كثير من الاحيان .
وبناءا على ما تقدم فأن قوة الانسان وقوة شخصيته ومقياس قدرته على مواجهة الصعاب لن تكون كما يعتاد الناس في الحديث عنها اي بكاريزما ورجولة واسلوب كلام وقدرة في الاقناع عند الرجال وانوثة مصحوبة بقوة شخصية وثقافة وقدرة على الجذب عند النساء ، انما بقدرته على مواجهة المتغيرات بالمتغيرات والمفاجآت بالمفاجآت والقدرة المرنة في اظهار الشيء الذي يناسب واقع معين في زمان ومكان معينين دون ادنى شك في تحقيق المبتغى ولو بعد حين ..