15 نوفمبر، 2024 3:08 م
Search
Close this search box.

تجدد الحرب الباردة .. هل ستسحب موسكو البساط من تحت اقدام التغطرس الامريكي ؟!

تجدد الحرب الباردة .. هل ستسحب موسكو البساط من تحت اقدام التغطرس الامريكي ؟!

اقترحت روسيا على القيادة السورية وضع مخزونها من الاسلحة الكيمياوية تحت الرقابة الدولية وانضمام سوريا بشكل كامل الى المنظمة الدولية للحد من انتشار السلاح الكيمياوي ، كسبيل لتجنب الضربة العسكرية الامريكية ، والتي تطبل وتعد العدة لها منذ اسابيع.
المقترح الروسي ، قوبل بموافقة وترحيب دمشق ، وتأييد الامم المتحدة والمانيا ودول اخرى في الاتحاد الاوربي الى جانب بريطانيا مع ترقب حذر من قبل الحكومة الفرنسية.
التطورات السريعة لمجريات الاحداث واحتدام الصراع بين الروس والامريكان يشير الى تجدد للحرب الباردة بينهما ، ويتضح ذلك جلياً في امرين :
الاول ، كرد سريع غير متوقع على تصريحات  جون كيري في مؤتمر صحفي عقده مع نظيره البريطاني في معرض رده على سؤال لاحد الصحفيين عن امكانية لموقف هذه الحرب ، اذ اجاب بأنه يمكنهم – اي السوريين – ان يسلموا اسلحتهم الكيمياوية الاسبوع المقبل ، ثم عاد بعد اطلاق الروس لاقتراحهم ليقول انه اقتراح الروس وليس اقتراحنا الامر الذي افقده المصداقية امام الرأي العام الغربي والعالمي اجمع.
 والثاني ، هو استباق للتقرير الذي ستصدره لجنة خبراء الامم المتحدة الذي يرأسه السويدي (أكي سلستروم) بعد تسربيات بأن هذا التقرير سيتناول في ما اذا كانت قد استخدمت فعلاً اسلحة كيمياوية وعدم التطرق الى الطرف المسؤول عن استخدامها ، الامر الذي تحاول من ورائه موسكو سحب البساط من تحت اقدام الولايات المتحدة في كل الاحوال كثقل دولي في خارطة التوازنات والحسابات المقبلة خصوصاً في مناطق الصراع والتوتر في العالم لاسيما الشرق الاوسط .
في المقابل ، لا تزال المساعي الحثيثة للبيت الابيض بجمع الحشد المؤيد للغطرسة المقرفة في توجية الضربة ، بعد اعلانه ان (25) دولة في العالم وقعت على بيان يدين سوريا .
ولابد من الاشارة الى ان قمة العشرين ، التي عقدت في جزيرة سان بطرسبيرغ الروسية ، لم تنجح في التقريب بين واشنطن وموسكو في ايجاد حل الازمة السورية ، مما يجعل عقد مؤتمر جنيف 2 امراً صعباً على الرغم من اعلان الحكومة السورية استعدادها للذهاب اليه بدون شروط .
ان الصراع على اقتسام مناطق النفوذ بين امريكا وروسيا وصل لحد سياسة – حافة الهاوية – في الصراع الذي تشهده المنطقة على سوريا ، اذا تهدف امريكا من وراء الحرب التخلص من الترسانه العسكرية السورية واضعاف الجيش لضمان الامن الاستراتيجي (لاسرائيل) وبسط هيمنتها وسيطرتها على المنطقة بأسرها ، في حين ان روسيا تعتبر سوريا جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي وواجهتها على البحر المتوسط .
والمراقب للاحداث يجد ان روسيا في مواجهة للمخطط الامريكي الصهيوني ، الذي يهدف الى تقزيم دور روسيا في اوربا بالحد من اعتماد الاوربيين على الغاز المصدر من روسيا ، وتهدف امريكا الى تقوقع روسيا على نفسها الامر الذي يدفع موسكو للحفاظ على مصالحها ضمن خارطة موازين القوى .
لقد نجح بوتين في احداث تغرات بالتحالف الغربي المؤيد للسياسة الامريكية الامر الذي حدا بعدد من الدول الى اعتبار ان العمل العسكري سوف يشكل تهديداً للامن والسلم العالميين ، وعلى النقيض من ذلك فأن اوباما يعيش صراعاً داخلياً بسبب اصراره على الحرب بين الادارة الامريكية والكونغرس من جهة ، والمعركة الانتخابية المقبلة للحزبين الديمقراطيين والجمهوري ، وموقفة تجاه سياساته الخارجية ونتائجها داخلياً على المجتمع الامريكي التي ما انفكت تصيبه بأشد حالات الحرج والوهن والضعف وتعد عليه نقاط الفشل .
ان اتون التوتر بين بوتين واوباما بدأت اوائل العام الجاري حينما منحت حق اللجوء السياسي للامريكي (ادوراد سنودن) خبير تكنولوجيا المعلومات الذي كشف شبكات التجسس التي تديرها وكالة الامن القومي الامريكي (NSA) ، الامر الذي انتقده اوباما بشده واعتبر ان بوتين يريد اعادة العلاقات الى ما كانت عليه خلال الحرب الباردة، قبل سقوط الاتحاد السوفيتي بداية تسعينات القرن الماضي بعد ان كان القوة المنافسة والرادعة والمواجهة للولايات المتحدة . كذلك يبرز التوتر في تشريعات اصدرتها الدولتان ضد بعضهما البعض لتلهب حلبة التصارع بينهما اواخر عام 2012 ، فقد اصدر الكونغرس قانوناً يسمى (لائحة ماغنيسكي) يقضي بفرض عقوبات على مسؤولين روس متهمين بالتورط في انتهاكات لحقوق الانسان ، وعلى اثر ذلك اصدر مجلس الدوما الروسي (البرلمان) قانوناً بالاغلبية تحت عنوان (عن اجراءات التاثير على الاشخاص الضالعين في انتهاك حقوق مواطني روسيا ) يقضي بفرض عقوبات وحظر على الامريكيين الذين ارتكبوا جرائم بحق المواطنين الروس في الخارج .
مما تقدم يمكننا القول ان نظام القطب الواحد يمر بأصعب مراحله ، وربما اخرها ، كما ان التطور في الموقف الروسي بات اكثر قوة حيال الازمات والتوترات الدولية .

أحدث المقالات

أحدث المقالات